لم تكن ترسانة الأسلحة أو تكنولوجياتها أو مدي قدرتها هي العنصر الأساسي كي يستعيد الشعب المصري ثقته في أن يحقق النصر الذي يريد به استرجاع الكرامة والأرض وحماية العرض العربي بل إن السبب وراء هذا النصر الذي غير موازين القوي والتصورات الأمريكية الإسرائيلية والأوروبية تجاه دولة الحضارة العريقة الظاهرة علي مدي 7000 سنة هو العقل المصري الكامن في كل إنسان يدب بقدمه علي تراب هذا الوطن مصر ولم تكن نكسة 1967 وما لها وما عليها إلا أنها الاختبار الحقيقي لإظهار الوجه القبيح للعالم الغربي وظهور واضح لأطماع الصهاينة في أرض فلسطين وأرض سيناء بمصر.
ولم تكن الأفكار والتكنولوجيا والأموال التي مدت بها إسرائيل من أمريكا وإنجلترا والتي شملت الخبراء العسكريين الأمريكان والإنجليز والفرنسيين والذين نفذوا كما مهولا من التحصينات الإنشائية للمباني العسكرية وأجسام الدشم والكاميرات المتقدمة من الرؤيا الليلية وهنا أسرد تصريحا واضحا للديلي تليجراف في إحدي مقالاتها الحديثة والتي بينت أنه لولا قدرات الخبراء الأجانب لما تحولت سيناء بداية من قناة السويس وحتي عمق 22 كيلومترا داخل جزيرة سيناء خط بارليف 22 موقعا دفاعيا, 26 نقطة حصينة, وتم تحصين مبانيها بالأسمنت المسلح والكتل الخرسانية وقضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف, كما كانت كل نقطة تضم 26 دشمة للرشاشات, و24 ملجأ للأفراد بالإضافة إلي مجموعة من الدشم الخاصة بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات, و15 نطاقا من الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام وكل نقطة حصينة عبارة عن منشأة هندسية معقدة وتتكون من عدة طوابق وتغوص في باطن الأرض ومساحتها تبلغ 4000 متر مربع وزودت كل نقطة بعدد من الملاجئ والدشم التي تتحمل القصف الجوي وضرب المدفعية الثقيلة, وكل دشمة لها عدة فتحات لأسلحة المدفعية والدبابات, وتتصل الدشم ببعضها البعض عن طريق خنادق عميقة ويزيد فرق ذلك بخط النابلم داخل مياه القناة والذي صمم علي نظرة توتر سطح الماء فتخرج منه النار الملتهبة لتحرق أي جسم علي سطح المياه.
وأشاعت إسرائيل من خلال آليات الإعلام الغربية الخوف والرعب والهلاك لمن يحاول ركوب الماء عابرا للقناة وظل المصريون علي الضفة الأخري للقناة أمام كاميراتهم ومن وقت إلي آخر يدخل الجيش المصري بعمليات الاستنزاف والتي كانت تدك وتدرس نقاط الضعف في هذا التركيب.
ولم يترك الزعيم عبدالناصر مكانا في العالم إلا وبحث فيه حلا ذكيا يحدث ثغرة في خط بارليف ولم تكن الإجابات غير قذفه بخمس قنابل نووية حتي إن كل قنبلة تحدث فتحة مابين 8 إلي 10 أمتار ولكن يبقي الغبار النووي القاتل لكل المنطقة وهنا يظهر فكر العقل المصري للملازم أول زكي يوسف باقي والذي عاد من إعارته بعد العمل في محركات التوربينات للسد العالي ويعرض فكرته باستعمال القوة الجبارة من ضخ المياه في خراطيم يسهل التحكم في قطر فتحاتها فتحدث قوة هائلة تخرق الستار الرملي بعمق يصل إلي 3 أمتار في الدقيقة ويصل الخبر إلي الزعيم عبدالناصر فيتم عمل اختبارات في سرية للوصول بنتائج غير متوقعة 1969 وتبقي السرية التامة حتي يوم 6أكتوبر.
وهنا أيضا أذكر بالقرار الصائب للزعيم السادات بطرد الخبراء الروس قبل التخطيط للحرب حيث إن الفترات التي استخدم فيها الخبراء كانت محددة بنوعية التسليح الروسي والذي برع في بناء قواعد الصواريخ والتي مثلت القوة المضاربة في منع الطيران الإسرائيلي وبطاريات الصواريخ من الدخول إلي الأراضي المصرية وهنا أتوقف كي أهمس إلي آذان القارئ أنه بعد أن تم طرد الخبراء الروس المختصين بقواعد وتشغيل الصواريخ 1972 كان الوقود المستخدم في الصواريخ قد انتهت صلاحيته عند استخدامه في حرب أكتوبر وهذا يعني أن روسيا لا يمكن إعلامها باحتياجاتنا من وقود الصواريخ وهناك سرية في دخول الحرب قبل موعدها بثلاثة شهور وهنا يقف القائد الزعيم السادات أمام خيارين: إما التأجيل للحصول علي وقود صواريخ أو خوض الحرب دون حائط قواعد الصواريخ, وهنا تتعالي الأصوات إلي من يستطيع إيجاد حل وتوصي القيادة العسكرية بالاستفادة من عقل مصري كيميائي هندسي مدني وهو الدكتور محمود سعادة ويظهر الحل العبقري في حديث ابنه الدكتور محمود منذ فترة قليلة وصرحت بتوصل الدكتور محمود إلي تحليل عينة الوقود إلي مركباتها الرئيسية ويتم استيراد العينات الخام الكيمائية المستخدمة في تصنيع وقود الصواريخ وتم تصنيع كميات منها تصل إلي أكثر من 45 طنا من الوقود وعلي أثرها اتخذ الرئيس السادات قرار الحرب بعدها بثلاثة شهور وتصنع قواعد الصواريخ المفاجأة وتدك كل طائرات وصواريخ وقواعد العدو داخل سيناء.
ومن خلال السرد لبعض الأمثال القليلة التي كانت فيها العقول المصرية ابتكرت حلولا حصرية لها غيرت بها نواميس التاريخ وأعطت إنذارا للعالم أننا المصريين لا يوقفنا أي صعاب حتي لو اجتمع العالم علينا فنحن قادرون علي التغيير من أكتوبر 1973 إلي الانفتاح, ومن يونيو 2013 إلي جمهورية جديدة عملاقة تخوض نضال التغيير والنهضة, وهنا أريد أن أنصح كل قلب وطني مصري أن يدرس كل الأفكار والابتكارات للعقول المصرية والتي تتكدس بها أرفف المركز القومي للبحوث نريد أن يكون لدينا مركز أو معهد قومي لتكنولوجيا التسلح الحربي المصري كي يتفرد المصريون في كل أنواع تكنولوجيا السلاح ولدينا كل المقومات, لدينا مؤسسة عسكرية عملاقة لدينا تنوع من تكنولوجيا السلاح لدينا خبرات استعمال واستخدام ناجح ولدينا مصانع السلاح ولذا آمل أن يكون هدفنا القادم بإذن الله.. وإلي لقاء قادم.