هل تساءلت يوما ما سر تغير ملامح الحياة التي اعتدناها منذ عهدناها وعاهدناها؟!
من يكون ذلك اللص الخبيث الذي نسج خيوط وجوده بدهاء وهدوء واحترافية؟!! كصائد مخضرم تربص بصبر وصمت يرقب فريسته.. يراقب أدق تفاصيلها حتي اطمأنت له وائتمنته بل آمنت به وبكل ما يقول أو يفعل.. صار المعلم الصديق الحبيب.. صار صحيح الوجود وسط الأكاذيب والخداع وأتي بالحقائق التي لم نكن نعلم عنها شيئا.. أو هكذا أوهمنا..
صار هذا اللص جزءا من الحياة, حياتنا فبدأ يتسلل داخل تفاصيلها يفكك ملامحها البريئة البارعة وكأنه صانعها يعرف أصول تركيبها وبالتالي تفكيكها من مواطن ضعفها ومفاصل إحكامها وبواطن وهنها ثم يعيد تشكيلها من جديد قبل إعادة تجميعها وتركيبها بصورة مشوهه بشعة قبيحة ليعيد تقديمها علي أنها الجمال وتمام الكمال فصارت لإدراكنا مألوفة.. ورويدا رويدا ثمارا دانية مقطوفة..
هل نحن حقا في زمن نهاية الأزمان.. ربما في آخر مراحل ذلك الزمن.. آخر البوق السادس وبداية البوق السابع؟!!
تتصاعد وتيرة كل شيء ويعلو الضجيج وتتداخل الأصوات والأفكار للدرجة التي لا تتمكن معها من فهم وتمييز ما يقال من الأساس..
الجميع يثرثر ولا أحد ينصت وإن أنصت لا يتدبر فيقع في المحظور وفي هذه اللحظة الحاسمة ينقض الصياد علي فريسته ويفتك بها فتكا..
زمن استثنائي كتب الله لنا أن نحياه وكلما تعمقت في الفهم والتدبر- مستعينة بالبصيرة والمدد الإلهي ضاربة بعقلي وبصري عرض الحائط في يقين تام بمحدوديته التي تصل لحد العجز- ازددت اتضاعا وتواضعا وأدركت كم أنا صغيرة بل ضئيلة جدا وأني بدونه هالكة لا محال..
كون فسيح.. أسرار لا عد لها ولا حصر..
عقول ونطاقات إدراك أراد الله لها أن تتباين في قدرتها وقدرها وقدرها..
ولم لا؟!! ألم يخلق الله منذ الأزل تفاوتا في خلقه؟ ألم يخلق إبراهيم ولوط وهابيل وقابيل (قايين) ألم يخلق موسي والسامري (زمري ابن سالو).
أليس هو إله أمس واليوم وغدا السرمدي الأبدي الأزلي غير المتغير..؟!!
الخير والشر.. الحق والباطل.. النور والظلام.. الملائكة والشياطين.. المهدي (المخلص) والدجال.. كلهم.. وأعني كلهم.. جنود وخدام الله موجودون بسماح منه.. أطراف خيوط مشيئتهم في مقاليد إحكام قبضته ومشيئته حتي وإن ظنوا عكس ذلك..
باتت السطوة في أيدي الصفوة متفردة منفردة.. لا يراهم العوام ولا يعلم أسماءهم ولا حتي كينونتهم يسيرون كل شيء في المسكونة وفقا لخطط مكتوبة بدقة ولا يدرون أن كاتبها هو الله وما هم إلا منفذين.
ذلك المشهد ليس وليد الحاضر بل هو منذ زمن طويل ولكن كعادة كل أمور الحياة تتسارع وتيرتها كلما أوشكت علي النهاية..
دين يكفر دينا ومذهب يكفر مذهبا من نفس الدين.. صراعات ظاهرها الولاء لله وباطنها لا يعلمه إلا الله..
ونسي الجميع أن الله قد خلق الإنسان وفضله علي كل المخلوقات ووضع لذته فيه وضخ رسالة حبه وعطائه السرمدي من خلاله ليرتوي ويشبع ويستدفئ بها كل من حوله..
خلق مليارات البشر في أماكن منعزلة تماما عمن حولهم لم يسمعوا أصلا عن رسالة أو دعوة فهل خلقهم ليهلكهم ويبيدهم في الجحيم أم هو إله عادل جعل الذين بلا ناموس ناموسا لأنفسهم بإرشاد روحه المقدسة التي نفخها في أرواحهم في الأرحام.. بها يستشعرون الخير والشر.. تفرح أرواحهم وتهدأ قلوبهم وتطمئن نفوسهم وتشفي أجسادهم حين يتبعون الوصية الموجودة داخل أرواحهم الطاهرة ويحزنون ويشقون ويمرضون إن خالفوها.
ألم يحزن ويهلع قايين (قابيل) حين قتل أخاه هابيل؟؟ ألم يرتجف قلبه وهرب من وجه الرب لأنه أدرك بالسليقة الطاهرة أنه أغضبه؟؟ هل كان موسي قد جاء بألواح الوصايا ودعا بـلا تقتل أم كان الناموس والوصايا موجودة بالفطرة السليمة في روحه التي هي من عند الله؟!!
ضوضاء وعنف وكراهية وتكفير.. يصارع الرجل من أجل تكفير الآخر وحرمانه من الفردوس ولا يسعي قيد أنملة في جهاده ضد شروره وخطاياه عساه يدخلها هو.
أتلك صفات سكان السماء بسلامهم ومحبتهم أم صفات أهل النار بعداوتهم وصراعاتهم..
ووسط تلك المتاهات يظهر (صالحون) أو علي الأقل هكذا يبدون للعين المجردة فينجرف البسطاء خلفهم سعيا وراء مخلص أو مهدي ينجيهم من تلك الصراعات وينهي التيه والتشويش والتشتيت وما يلبث (الصالح) أن يكشف عن وجه حقيقي مرعب في سقطة غير مقصودة لا يدركها إلا قلة من المستبصرين ليجدوا أنه ما كان إلا أحد أعوان الشيطان وما ظهر ودعم إلا ليزيد الضلال ضلالا..
ما هذا العبث المخزي وما الذي أوصل العوام وحتي بعض المتميزين للانحراف والانجراف خلف ذلك الدجال كالأنعام.
هل نحن نعيش صراعا بين الحق والباطل بين الخير والشر أم ماذا؟
ما نوع الصراع الذي نعيشه وما طبيعته؟
في الحقيقة وبعد سنوات طوال من التساؤل والبحث بحيادية مجردة من هوي النفس المضل تأكدت أن ذلك الصراع لم يكن أبدا قائما بين الخير والشر فما أراه أنا خيرا قديكون الشر كل الشر بالنسبة لك وكذلك آمنت أنه ليس صراعا بين الحق والباطل فما تراه أنت الحق قد يكون هو الباطل بعينه بالنسبة لي..
إن الصراع القائم في الكون هو صراع بين النور والظلام ولكل منهما جنود وجيوش ورتب ومصاف وخطط وحروب..
الأمر حق جلل وعظيم ومخيف بل مرعب..
يا أحبائي نحن لسنا حزاني ولا تعساء ولا مكتئبين نحن فقط تائهون والطامة الكبري أن السائد المدعوم هو الباطل لذا نزداد تيها وضياعا ويشهد الله علي ما أقول إننا إن لم نستمسك بروح الله مباشرة في تلك الأيام العصيبة لما نجا أحد فينا.
ألق بنفسك بالكامل قلبا وروحا وجسدا وفكرا ومشيئة في محضر الله واطلب بلجاجة وتصميم وجهاد أن يستلمك بالكامل يطهرك ويتوبك وينقيك فيعيدك كالثلج الأبيض وابتعد عن السائد الذي يتبعه الأغلبية الغبية فكل مدعوم مشكوك في أمره خصوصا في هذا الزمن العجيب زمن النهاية زمن الفرز والغربلة.. فالفردوس حقا يستحق.
بقلمي:
دكتورة ماري جرجس رمزي