4- الصوم يساعد علي علاج كثير من الأمراض.
ومن أهم الكتب التي قرأتها في هذا المجال, كتاب ترجم إلي العربية سنة 1930 باسم التطبيب بالصوم للعالم الروسي ألكسي سوفورين.
وقد ذكر هذا العالم أن الصوم يساعد علي طرد السموم من الجسم التكسينات TOXINS التي علي الرغم من أن كثيرا منها يتخلص منه الجسم بعمليات الإخراج المختلفة إلا أن جزءا قد يتبقي يصلح الصوم لطرده..
ويقول هذا العالم أيضا: إن الجسم في صومه, إذ لا يجد ما يكفيه من غذاء, تتحلل بعض أنسجته, وأولها الدهون والشحوم والأنسجة المصابة والمتقيحة, وهكذا يتخلص منها الجسد.
وقد وجد هذا العالم أن الصوم الانقطاعي الطويل المدي بنظام خاص, يعالج كثيرا من الأمراض. وأني أعرض بحثه للدراسة كرأي لعالم اختبر ما ورد في كتابه..
هل هناك فوائد أخري يقدمها الصوم للجسد؟ نعم:
5- الصوم يجعل الجسد خفيفا ونشيطا.
آباؤنا الذين اتقنوا الصوم, كانت أجسادهم خفيفة, وأرواحهم منطلقة, كانت حركاتهم نشطة, وقلوبهم قوية, وكانوا يقدرون علي المشي في اليوم عشرات الكيلومترات دون تعب. يتحركون في البرية كالأيائل, ولم تثقل أذهانهم بل كانت صافية جدا. وهكذا منحهم الصوم نشاطا للجسد وللروح وللذهن, وقد وجدوا في الصوم راحتهم, ووجدوا فيه لذتهم, فصارت حياتهم كلها صوما.
الصوم ليس مجرد فضيلة للجسد
6- لا يقل أحد إذن إن الصوم أو الطعام النباتي يضعف الصحة, لأنه في الواقع يقويها.
فليس الصوم مجرد علاج للروح, إنما هو علاج للجسد أيضا. ولم نسمع أبدا أن الطعام النباتي قد أضعف أحدا.
إن دانيال والثلاثة فتية لم يأكلوا لحما من مائدة الملك, واكتفوا بأكل البقول فصارت صحتهم أفضل من غيرهم (دا 1:15).
والآباء السواح, وآباء الرهبنة الكبار, كانوا متشددين جدا في صومهم, ولم نسمع أبدا أن الصوم أضعف صحتهم, بل كانت قوية حتي في سن الشيخوخة.
وأبونا آدم لم يقل أحد أنه مرض وضعف بسبب الطعام النباتي, وكذلك أمنا حواء, وكل الآباء قبل فلك نوح.. فاطمئنوا إذن علي صحتكم الجسدية..
الذي يتعب الجسد ليس هو الصوم, بل الأكل.
تتعب الجسد كثرة الأكل, والتخمة, وعدم الضوابط في الطعام, وكثرة الأخلاط غير المتجانسة في الطعام, ودخول أكل جديد علي أكل لم يهضم داخل الجسد. كما يتعب الجسد أيضا الطاقات الحرارية الزائدة التي تأتي من أغذية فوق حاجة الإنسان, وما أكثر الأمراض التي سببها الأكل.
لذلك يجب أن تتحرروا من فكرة أن الصوم يتعب الصحة.
إنها فكرة خاطئة, ربما نبتت أولا من حنو الأمهات الزائد علي صحة أبنائهن, حينما كانت الأم تفرح إذ تري ابنها سمينا وممتلئ الجسم, وتظن أن هذه هي الصحة! بينما قد يكون السمين أضعف صحة من الرفيع.
حنو الأمهات الخاطئ كان يمنع الأبناء من الصوم, أو كان يخيفهم من الصوم. ونقول إنه حنو خاطئ, لأنه لا يهتم بروح الابن كما يهتم بجسده, كما لو كانت أولئك الأمهات أمهات لأجساد أبنائهن فقط. وفي إشفاق الأم علي جسد ابنها كانت تهتم بغذاء هذا الجسد, دون أن تلتفت إلي غذاء روحه!
ومع ذلك سمعنا عن أطفال قديسين كانوا يصومون.
ولعل من أمثلة هؤلاء القديس مرقس المتوحد بجبل أنطونيوس الذي بدأ صومه منذ طفولته المبكرة, واستمر معه الصوم كمنهج حياة.
وكذلك القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين الذي كان طفولته يعطي طعامه للرعاة ويظل منتصبا في الصلاة وهو صائم حتي الغروب وهو بعد في التاسعة من عمره.
كان الصوم للكل كبارا وصغارا, منحهم جميعا صحة وقسوة.
وقد خلص أجسادهم من الدهن والماء الزائدين.
وهكذا حفظت لنا كثير من أجساد القديسين دون أن تتعفن, بسبب البركة التي حفظ بها الرب هذه الأجساد مكافأة علي قداستها, هذا من جهة. ومن جهة أخري لأن أسباب التعفن, بسبب قلة ما هذه الأجساد كانت بعيدة عن فيها من رطوبة ومن دهن.
قد تحفظ اللحوم فترة طويلة بلا تعفن, إذا شوحوها قددوها أي عرضها للحرارة التي تطرد ما فيها من ماء وتذيب ما فيها من دهن, فتصبح في جفاف يساعد علي حفظها, إلي حد ما, هكذا كانت أجساد القديسين بالصوم بلا دهن, بلا ماء زائد, فلم يجد التلف طريقا إليها..
ولكن لماذا نركز علي الجسد؟ هل الصوم فضيلة للجسد فقط؟
* الصوم ليس مجرد فضيلة للجسد:
الصوم ليس مجرد فضيلة للجسد بعيدا عن الروح, فكل عمل لا تشترك فيه الروح لا يعتبر فضيلة علي الإطلاق. فما هو عمل الجسد في الصوم؟ وما هو عمل الروح؟
الصوم الحقيقي هو عمل روحي داخل القلب أولا.
وعمل الجسد في الصوم, هو تمهيد لعمل الروح, أو هو تعبير عن مشاعر الروح.