* اختيار.. وإرسالية
* مسحة مقدسة.. وسلطان من الروح
* قدس للرب.. ونصيب للرب .. الكهنوت دعوة واختيار ومسحة
هذه الدعوة واضحة تماما في كلا العهدين القديم والحديث بمبدء مهم أعلنه القديس بولس الرسول في (عب5:4): لا يأخذ أحد هذه الكرامة بنفسه, بل المدعو من الله كما هارون, ومادامت هناك دعوة إذن العمل ليس للكل.
فلنحاول إذن أن نتتبع التدبير الإلهي في موضوع الكهنوت منذ البدء, من العهد القديم, وسنري أن الخطة الإلهية هي هي في العهدين لم تتغير.. الله هو هو أمسا واليوم وإلي الأبد (عب13:8). ليس عنده تغيير ولا ظل دوران (يع1:17). بل إن السيد المسيح انتقد الأمور التي لم تكن هكذا منذ البدء (مت19), (مر10), مما يدل علي محبة الله لهذا الذي كان منذ البدء.
1- اختار الله الأبكار, ليكونوا له, وقال في ذلك: قدس لي كل بكر, كل فاتح رحم أنه لي (خر13:2), ونلاحظ هنا ثلاثة أمور:
أ- الله يختار لخدمته من يشاء, وهو يعين وليس نحن.
ب- هؤلاء الذين يختارهم هم له, أي نصيبه, نصيب الرب.. ولذلك أطلق عليهم كلمة إكليروس ومعناه نصيب أي نصيب الرب.
ج- كان هؤلاء أيضا قدس للرب, مقدسين له.
2- ثم اختار له هارون وبنيه لخدمة الكهنوت بدلا من الأبكار, الأشخاص تغيروا, ولكن الكهنوت بقي هو هو, نصيب الرب.
ولذلك لم يكن لهم نصيب في تقسيم الأرض, لأن الرب هو نصيبهم, يأكلون مما يعطي للرب. إنهم له.
3- ولم يكتف الله باختيار هارون وبنيه, وإنما أمر موسي بأن يمسحهم بالدهن المقدس أمام كل الجماعة (لا8).
وذلك في محفل مقدس, قدمت فيه ذبيحة للرب وألبسهم ثيابا مقدسة, أمر الله بصنعها حسب اختيار الله في كل تفاصيلهاصنعوا الثياب المقدسة التي لهارون, كما أمر الرب موسي (خر39:1).
وقال الرب لموسي: وتقدم هارون وبنيه إلي باب خيمة الاجتماع, وتغسلهم بماء, وتلبس هرون الثياب المقدسة, وتمسحه, وتقدسه ليكهن لي. وتقدم بنيه وتلبسهم أقمصة, وتمسهم كما مسحت أباهم ليكهنوا لي. ويكون ذلك لتصير لهم مسحتهم كهنوتا أبديا في أجيالهم (خر40:12-15).
4- صدقوني إني أقف هنا منذهلا, أمام تكريم الله لوكلائه!.. الله اختار هارون, وبنيه ليكهنوا له, ولكنهم لم يمكنهم أن يقوموا بعمل الكهنوت إلا بعد أن مرره علي وكيله موسي الأمين علي كل بيته (عدد12:7), فقدسهم للرب, ومسحهم بالدهن المقدس فصارت لهم هذه المسحة كهنوتا أبديا.
هل تظنون أن هذا الأمر كان في العهد القديم فقط, بل هو في العهد الجديد أيضا كما سترون بعد قليل.
5- نلاحظ أيضا أنهم صنعوا صفيحة من ذهب نقي, ونقشوا عليها عبارة قدس للرب ووضعوها علي عمامة هارون من قدام, فتكون علي جبهته دائما, للرضا عنهم أمام الرب (خر28:38).
أي مجرد رؤية هذا الذي صار قدسا للرب تجلب الرضا عن الشعب أمام الله.. ما أعجب إكرام الرب لخدامه.
نلاحظ أيضا أنه قيل عن ثياب هارون وبنيه إنها ثياب مقدسة, وأنها للمجد والبهاء, كما قال الرب لموسي: واصنع ثيابا مقدسة لهارون أخيك, للمجد والبهاء. وتكلم جميع حكماء القلوب, الذين ملأتهم روح حكمة, أن يصنعوا ثياب هارون لتقديسه ليكهن لي.. ولبني هارون تصنع أقمصة, وتصنع لهم مناطق, وتصنع لهم قلانس للمجد والبهاء (خر28:2, 3, 40).
هل تظنون أن الله يهتم بخدام العهد القديم كل هذا الاهتمام, ويسربلهم بالمجد والبهاء, ولا يهتم بخدام العهد الجديد, وهو أفضل!!
6- هذه المسحة التي أخذها هارون وبنوه, كان يصحبها حلول الروح القدس, ويظر ذلك من قول الكتاب: روح السيد الرب علي, لأنه مسحني لأبشر المساكين (إش61:1), فارتبطت المسحة بحلول الروح القدس.
فالمسحة إذن تعطي الروح, وتعطي سلطانا لممارسة خدمة الكهنوت.
وفي العهد الجديد حل محلها وضع اليد والنفخة المقدسة (يو20:22).
وعملية المسحة, تقابل طقس السيامة في العهد الجديد.
7- خصص الله الكهنوت في جماعة معينة هي هارون وبنوه, ولما احتج قورح وداثان وأبيرام, وأرادوا أن يكون الكهنوت للأمة كلها, علي اعتبار أنها أمة مقدسة ومملكة كهنة, قال لهم موسي: غدا يعلن الرب من هو له, ومن المقدس, حتي يقربه إليه, فالذي يختاره يقربه إليه (عد16:5).
لاحظوا هنا وصف موسي للكاهن إنه للرب, هو مقدس يختاره الرب, يقرب إليه, واختار الرب كهنته, وابتلعت الأرض المحتجين, المطالبين بتأميم الكهنوت.. وكان درسا للأجيال كلها.