12- لا يكن هدفك من النقاش أن تغلب الناس وتهزمهم.
بل الأفيد أن تريحهم, وأن تقنعهم, لا أن تخسرهم حتي إن كسبت المناقشة. فبهذه الفضيلة تميز القديس ديديموس الضرير: الذي استطاع أن يهدي إلي الإيمان كثيرا من الفلاسفة والوثنيين بأسلوبه المهذب.
بعض الناس يظنون أن الانتصار في أن يحطموا من يناقشهم, ويضحكوا الناس عليه ويهزموه. ولكن الإنسان الناجح هو الذي يربح مناقشة, وبهذا يربح المناقشة. ولا يخجل إلا المكابرين المتكبرين..
13- لا تتكلم في إعجاب بنفسك. ولا تمدح ذاتك أثناء حديثك.
لا يكن غرضك من حديثك هو مدح الناس لك. ولا تقله بطريقة تستوجب المديح. ولا تكن فيك روح التباهي والخيلاء.. وفي حديثك عن كل عمل طيب عملته, لا تنس المجهود الذي قام به الغير ممن اشتركوا معك في إنجاح العمل. ولا تنس نعمة الله التي أعانتك. لا تركز علي ذاتك فقط. فهذا لا يتفق مع الاتضاع, كما أن المستمع لا يستريح إليه.
14- حاذر من أن تدعي المعرفة بكل شيء, متحدثا في كل موضوع مهما كان في غير تخصصك..
هناك أمور من الخير لك أن تتركها للاخصائيين فيها ولأصحاب الخبرة. ولا يقلل من شأنك إطلاقا أن تصمت أثناء الحديث عنها. ولا يضرك إن سئلت, أن تقول لا أعرف.. أو أن تقول في صراحة: إنني محتاج أن أدرس هذه النقطة. معلوماتي عنها قليلة أو غير مؤكدة.. أو أن تقول: من جهة هذا الموضوع, أنا محتاج أن أستمع وأن أعرف.
مثل هذا الأسلوب يشعر سامعك بدقتك وصدقك, ويجلب احترام الناس لما تقوله..
15- في حديثك مع الناس, لتكن لك فضيلة حسن الاستماع.
انصت إلي غيرك في رقة, وفي اهتمام, وبدون مقاطعة. فكثيرون من الناس يريدون أن يجدوا من يسمعهم, ويبحثون عن أذن تصغي إليهم, وتطيل البال حتي تسمع كل ما يقولون.. يكفي أن تصغي. ويكفي أنهم تخلصوا من عبء ثقيل عليهم, بالكلام. فأعطهم فرصة أن يقولوا ما يريدون..
16- اشكر محدثك علي كل كلمة نافعة تسمعها منه.
ولو كن ذلك بكل رقة ولطف, وبابتسامة مشجعة. كان نقول له: أشكرك علي هذه المعلومات المفيدة.. لقد استفدت اليوم كثيرا من هذا الحديث… في الحقيقة أنك دارس لهذا الموضوع دراسة جميلة ـ مثل هذا الشكر يريح قلب محدثك, ويجعله يحبك, ويقدرك كما تقدره..
17- ليكن كلامك بقدر, وحافظ علي وقت محدثك.
لا يصح أن تطيل الكلام في موضوع لا يستحق الإطالة فيه, أو موضوع لا يهم محدثك في قليل أو كثير. ولا تطل الحديث مع إنسان يكون مشغولا, والوقت غير مناسب, ويريد أن ينهي الحديث سواء كان صريحا في ذلك أو يمنعه خجله.. بادر أنت بإنهاء الحديث في لباقة. ولا تنتظر حتي يمل هو, أو يقلق من جهة مشغولياته الأخري.
18- لا تكن كثير الشروحات, طويل المقدمات.. أو متعودا علي تكرار المعني الواحد, بأساليب عدة.
وبخاصة إن كنت تتحدث مع شخص يفهم بسرعة, وقد أدرك تماما ما تريد أن تقوله, أو قد اقتنع بالفكر الذي تقدمه. وأصبح تكرارك مع كثرة شروحاتك, عبئا علي سمعه وعلي أعصابه, وقد ظهر أثر ذلك علي ملامحة. ليس كل شخص يناسبه التطويل والشرح والتكرار!
19- وكما تحترم عقلية محدثك وتحافظ علي وقته, حافظ أيضا علي مشاعره..
أرقب مشاعره أثناء الحديث, وتصرف بما ينبغي. كن حساسا جدا في إدراك وقع كلامك علي أذنيه, ومدي تأثره ومدي التفاته وانتباهه. فإن وجدته قد أدركه الملل أو الضيق, أو أتعبه كلامك, أو أصبحت ردوده قصيرة ومقتضبة, أو صار ينظر في ساعته بين الحين والآخر, اختم حديثك. وإن احتاج إلي تكملة, ليكن ذلك في وقت آخر يكون مناسبا.
20- في حديثك مع الناس, لا تضغط عليهم في معرفة أسرارهم أو أسرار غيرهم.
احترس من الأسئلة التي تمس حياة الناس الخاصة. ولا تحاول أن تعرف ما ليس من حقك أن تعرفه. ولا تضغط علي إنسان في أن يقول لك ما يحرص علي كتمانه, سواء كان ذلك من أسراره هو, أو أسرر أقاربه أو أصدقائه أو معارفه.. ينبغي أن تحترم خصوصيات الناس, ولا تصر علي كشف ما يريد غيرك أن يستره أو تغطيه. فليس هذا نافعا لك ولا له..
21- لا تكن لحوحا بطريقة تتعب محدثك:
إن وجدته غير مستعد لما تريد, فلا تصر علي أن تنال بغيتك في نفس الوقت, متجاهلا أعصابه! وأعرف أن الإلحاح الكثير يتعب النفس ويرهقها. فلا تكن مرهقا لغيرك. إن وجدته عازفا عن الإجابة, فلابد أن هناك سببا يدعوه إلي ذلك, فلا تضغط عليه. إنما أرجئ الموضوع إلي مناسبة أخري يكون فيها أكثر قبولا..
22- كن دقيقا في كلامك, وفي اختيار الألفاظ.
هناك كلمات كثيرة يمكنك أن تستبدلها بغيرها, فتكون أفضل جدا, وأخف وقعا علي الأذن وعلي القلب, وتؤدي نفس المعني دون أن تخطئ. فكن حكيما في اختيار الألفاظ. وقل كل كلمة بميزان دقيق, ولا تدع أحدا يمسك عليك كلمة. وراجع الألفاظ التي تعودت أن تستخدمها في حديثك, مستبدلا إياها بما يليق.
23- كن حريصا حينما يكون بين سامعيك أطفال:
فقط تتكلم في مكان يوجد فيه أطفال بكلام لا يجوز أن يسمعه الأطفال, وقد يعثرهم, أو يفتح أذهانهم إلي أمور من الضرر لهم أن يعرفوها. وقد يحتج البعض بأن هؤلاء الأطفال لا يفهمون ولا يدركون ما يقال.. بينما قد يوجد بينهم من يعي كل ما يقال, ويختزنه في ذاكرته, ويتأثر به, وقد يردده!..
24- لا تصدر أحكاما بسرعة, بدون فحص.
وقد تلقيها بسرعة, ولا تكون علي حق فيها. وقد يراجعك البعض فيها, ويلومك أو يعاتبك, وتجد نفسك قد تسرعت وتورطت. وكان الأجدر أن تسأل كثيرا قبل أن تصدر حكما. وطريقة الأسئلة أفيد من الأحكام..