نعمة القبول (ب)
من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
+ وإرميا النبي وقف في إحدي المرات, يعاتب الله في سفر المراثي, علي تركه له قائلا: لماذا تنسانا إلي الأبد وتتركنا طول الأيام؟ أرددنا يارب إليك فنرتد جدد أيامنا كالقديم. هل كل الرفض رفضتنا؟ هل غضبت علينا جدا؟ (مرا 5:20-22).
وهذا حال كل إنسان يقف يناجي الله ويسأله: هل أنا مقبول أمامك؟.. هل حياتي وسلوكي مقبول أمامك يارب؟ إن الله عندما كان يرضي عن شعبه ويقبله إليه, يرنم الشعب فرحا قائلا: غنوا للرب ترنيمة جديدة تسبيحته في جماعة الأتقياء. ليفرح إسرائيل بخالقه (مز149:1-2).
+ ونقف قليلا عند شاول الملك, الذي رفض الرب وفارقه روح الرب, لأنه تعدي علي الكهنوت, وقدم ذبيحة للرب: هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة, والإصغاء أفضل من شحم الكباش (1صم15:22), وهنا نسمع تحذير الله له علي لسان صموئيل النبي قائلا: لأنك رفضت كلام الرب رفضك من الملك (1صم15:23).
مشاهد من نعمة القبول في العهد الجديد:
كما نعلم جميعا أنه في العهد الجديد, لا توجد ذبائح دموية, وإنما أصبح سر التوبة والاعتراف, هو الذبيحة التي يقدمها كل إنسان باعتبار أن السيد المسيح ذبح لأجلنا ولأجل خلاصنا, فعندما يشعر الإنسان أنه مقبول عند الله, يشعر داخله بالفرح والسلام مهما هاجت الأمواج.
وأيضا يشعر بالبركة في حياته, وبظهورات قديسين له.. فتظهر له أطياف من القديسين تزوره وتفرح به ويتعزي بها.. فالسماء تفرح بخاطئ واحد يتوب كما يقول الكتاب: إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون إلي توبة (لو15:7), وسنذكر الآن بعض الأمثلة التي تبين قبول الله للإنسان:
أولا: دعانا أولاده:
وهذه دعوة خاصة, تشعر الإنسان بالقرب إلي الله, فعندما نقف للصلاة نقول: أبانا الذي في السماوات… وهي صلاة علمها لنا رب المجد بنفسه, كما قال الكتاب: فقال لهم: متي صليتم فقولوا: أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك (لو11:2).
وفي العظة علي الجبل, كرر السيد المسيح مرات كثيرة عبارة أبوكم السماوي.
مثال لذلك انظروا إلي طيور السماء: إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلي مخازن وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها؟ (مت6:26).
وأيضا (مت6:14, 15), (7:11), وأيضا في (مر11:25-26).
ثانيا: الله يقبل الخطاة:
وهذا أمر مفرح للإنسان, فالإنسان الذي يقع في الخطية, أو يعيش في خطايا معينة, أو يبتعد عن الله يشعر في داخله بعدم السلام, وكأنه مرفوض ومكروه ولا أحد يبالي به. والقديس بولس الرسول يقول: الذي يريد أن جميع الناس يخلصون, وإلي معرفة الحق يقبلون (1تي2:4).
وهذا ما حدث مع المرأة الخاطئة, فقد غفر لها السيد المسيح خطيئتها, كما ذكر الكتاب: فقال للمرأة: إيمانك قد خلصك, اذهبي بسلام (لو7:50).
وأيضا قبل زكا العشار!! الذي بسببه حدث تذمر من الكتبة والفريسيين علي السيد المسيح, وقالوا كيف يدخل بيت إنسان خاطئ؟!! وهنا أجابهم المسيح قائلا: اليوم حصل خلاص لهذا البيت, إذ هو أيضا ابن إبراهيم, لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك (لو19:9-10).