من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
ثالثا:ـ الله يحفظ الإنسان من نفسه
فيحفظ الإنسان من لسانه, لأنه قد يكون أحيانا لسانا غاشا!! ويسبب له كثيرا من المتاعب, لذلك يقول معلمنا داود النبي: اجعل يارب حارسا لفمي. احفظ باب شفتي (مز141:3), لذلك من التدريب الروحية الجميلة, أن يصلي الإنسان في داخله قبل الحديث أو الرد علي أي سؤال, قائلا: يارب ارشدني واجعل في فمي قولا حكيما…
وهذا ما فعله نحميا النبي حين سأله الملك, لماذا وجهه حزين؟! فقبل أن يجيب نحميا علي الملك, ويذكر له أخبار بلاده, يقول الكتاب إنه رفع قلبه بالصلاة إلي الله أولا فصليت إلي إله السماء (نح2:4), وهكذا يجب علي كل شخص منا, أن يرفع قلبه إلي الله دائما قبل أن ينطق بأية كلمة, ويقول: ضع يارب حافظا لفمي وبابا حصينا لشفتي.
فأحيانا قد ينطق الإنسان بكلمة, يندم عليها باقي عمره!! فالكلمة قد يكون لها تأثير أقوي من أي سلاح! ويمكن أن تسبب جرحا عظيما لا ينسي وكما يقول الكتاب: هدوء اللسان شجرة حياة, وأعوجاجه سحق في الروح (أم15:4).
وأيضا يحفظ الله الإنسان من محبة المال, فمحبة المال إحدي الحروب القوية التي تحارب العالم كله, ولذلك يقول الكتاب: لأن محبة المال أصل لكل الشرور, الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان, وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة (1تي6:10), لذلك نجد أن أغلب القضايا المطروحة أمام المحاكم هي عن المال!! سواء كان ذلك بين إخوة أو أزواج أو أبناء أو.. إلخ, فالله يحفظ نفس الإنسان من هذه الشهوات المالية التي تتعبه.
وقد قرأت قصة لطيفة, عن إنسان قام بسؤال بعض الأشخاص عن المال الذي يحتاجونه, لكي ما تكون معيشتهم جيدة؟!! فأجاب أحدهم خمسة آلاف جنيه, وقال آخر عشرة آلاف, وآخر عشرون ألفا, وهكذا.. وهنا سأله أحدهم كم هو راتبك؟! أجاب إني أعمل في شركة كبيرة وأتقاضي خمسين ألف جنيه!! فسألوه هل أنت سعيد بهذا الراتب, وهل هو جيد بالنسبة لك؟!! أجاب: لا, إني تعيس جدا!! فإن ابني من ذوي الاحتياجات الخاصة!! ولا يستطيع اللعب مع ابن البواب, الذي هو بكامل صحته!! فالمهم ليس هو المال, لكن المهم هو الشبع الداخلي, فالله يحفظ نفس الإنسان من شهوة محبة المال.
وأيضا الله يحفظ نفس الإنسان من الطموح الزائد, فهناك شخص يكون طموحه أكبر مما هو متاح له.
وهناك قصة عن شخص قام بفتح محل لبيع الأجهزة الكهربائية, وقد بدأ بعدد صغير من الأجهزة, ثم زادت تجرته بالتدريب.. ثم بدأ طموحه يزداد في توسيع تجارته, ولكن بطريقة خاطئة!! فبدأ في اقتراض المال من البعض لشراء أجهزة أكثر, لكي ما تزيد تجارته!! وفي أحد الأيام حدث سطو علي المحل وتمت سرقته!! وهنا تعرض هذا الإنسان لمشكلة كبيرة, وهي كيف سيمكنه سداد ما تم اقتراضه من المال؟!! إن هذا الإنسان لم ينتبه لكي يكون طموحه بحدود وبحساب وبحكمة.