من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
ومعونة الله نراها أيضا مع دانيال النبي, فعندما وضع في جب الأسود تدخلت المعونة الإلهية وأنقذته وأغلقت أفواه الأسود, وعندما جاء الملك للسؤال عنه قال له دانيال: إلهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني, لأني وجدت بريئا قدامه, وقدامك أيضا أيها الملك, لم أفعل ذنبا (دا6:22), وكلمة إلهي تعني إيماني أي يد إلهي التي تقف خلفي حتي إن كنت في جب الأسود!! وعبارة أرسل ملاكه أي أن إلهي يهتم بي اهتماما خاصا جدا حتي أنه أرسل ملاكا يتميز أنه له قدرة فائقة, تستطيع أن تسد أفواه الأسود, فمن يستطيع أن يسد أفواه أسود جائعة!! فالمعونة الإلهية هي التي سدت أفواه الأسود.
وإذا تأملنا في حياة إرميا النبي, نجد أن المعونة الإلهية كانت معه في بداية خدمته, فيقول الكتاب: ها قد جعلت كلامي في فمك.. هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس علي كل الأرض.. فيحاربونك ولا يقدرون عليك, لأني أنا معك, يقول الرب, لأنقذك (إر1:9-19).
والمعونة الإلهية أيضا هي التي سندت الرسل في الخدمة, فقد كانوا مجرد جماعة من الصيادين وبسطاء الناس. وهي أيضا التي سندت الشهداء في عذاباتهم, فعندما نقرأ قصص الشهداء نتعجب ونتساءل من يستطيع أن يتحمل كل هذه الآلام؟!!. إنها نعمة ومعونة خاصة من الله في توقيت الاحتياج.
ما هي أهمية معونة الله؟!
إن كل إنسان منا يحتاج إلي معونة الله لأنه, أولا: هو القادر علي كل شيء. ثانيا: نحتاج لمعونته في الحياة الروحية. ثالثا: نحتاج للمعونة في وقت الضيقات. رابعا: نحتاج معونة من الله في الخدمة.
أولا: الله هو القادر علي كل شيء
إن الإنسان مهما كبر أو تعاظم, فإن قدراته تظل محدودة أمام قدرة الله, كما يعلمنا الكتاب قائلا: بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا (يو15:5), فالله هو الذي يعطينا الصحة.. والقدرة.. والفكر.. وكل شيء, وهذه هي معونة الله للإنسان.
ثانيا: الاحتياج للمعونة في الحياة الروحية
نحتاج لمعونة الله في الحياة الروحية بمفرداتها المختلفة من القراءة في الكتاب المقدس.. والصلوات.. والأصوام.. وممارسة الأسرار الكنسية عامة, وخصوصا في أيام الصوم الكبير, وكيف يصوم الجميع إلي أوقات متأخرة من النهار, بالرغم من وجودهم في مدارسهم وكلياتهم وأشغالهم, وذلك لكيما يتقدموا للتناول من جسد الرب ودمه, في القداسات المتأخرة!!
وبعد هذا الصيام الطويل الذي يبدأ من منتصف الليل, وحتي وقت متأخر من النهار, يأكل الإنسان طعاما نباتيا ذا طاقة قليلة!! وعندما نتساءل كيف يكون هذا؟!! نجيب هذه هي المعونة الإلهية, كما يعلمنا الكتاب: لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد, وهذان يقاوم أحدهما الآخر, حتي تفعلون ما لا تريدون (غل5:17).
فمثلا القديس موسي الأسود كانت حياته قبل التوبة حياة شهوانية جدا.. وخاطئة بالجملة.. وهنا نتساءل ما الذي حدث في حياته حتي تحولت من قاع الشر والخطيئة إلي القداسة والبر, حتي أنه أصبح قديسا للتوبة وسيرته موجودة بيننا, ونحن في القرن الـ21 وإلي النهاية؟!!
إنها المعونة الإلهية, فهذه المعونة هي التي وقفت مع موسي الشرير ودعته إلي التوبة وعندما أعلن توبته, انسكبت نعمة الله في حياته وصار قديسا قويا, كما نسميه القديس موسي القوي.