من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
فالله يحفظ نفس الإنسان من الشرود.. والإهمال.. والاستهتار.. وقساوة القلب. ويحفظ نفس الإنسان من وقت الراحة, والمقصود بالراحة هنا هو وقت الاستهتار والكسل والإهمال.
ومثال لذلك خطية داود النبي مع امرأة أوريا الحثي, وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشي علي سطح بيت الملك, فرأي من علي السطح امرأة تستحم. وكانت المرأة جميلة المنظر جدا (2صم11:2), فالراحة والاستهتار وصلت بداود إلي ارتكاب خطية كبيرة.
وأسضا يحفظ الله نفس الإنسان من الافتخار والإعجاب بالذات, كما يقول المثل: يا أرض انهدي ما عليك أدي, إن كان ذلك في علم, أو خدمة, أو أسرة, أو.. إلخ, فبولس الرسول هذا القديس العظيم قال: أعطيت شوكة في الجسد لئلا ارتفع!! ولئلا ارتفع بفرط الإعلانات, أعطيت شوكة في الجسد, ملاك الشيطان, ليلطمني لئلا ارتفع (2كو12:7).
فمعلمنا القديس بولس الرسول الله أعطاه نعما كثيرة جدا, وتراءي له مرات عديدة, ونال إعلانات إلهية كثيرة, وكل هذا كان من الممكن أن يقوده إلي الكبرياء, لهذا سمح له الله بشوكة في الجسد, وقد تكون هذه الشوكة تعب في الظهر.. أو ضعف في النظر.. أو أحد الأمراض الجلدية.. أو.. إلخ, لكي ما يحفظه من الوقوع في خطايا الكبرياء.
رابعا: الله يحفظ الإنسان في الإيمان
جميعا قد تسلمنا وديعة الإيمان منذ نعومة أظافرنا, فكنيستنا القبطية تعلمنا أن ننال سر المعمودية بعد أيام قليلة من ولادتنا, وأيضا تعين إشبينا للطفل المعمد, بحيث يكون مسئولا عن تسليمه الإيمان, وغالبا ما يكون هذا الإشبين هو الأم أو الأب, الذي يكون مسئوليته إيداع الإيمان في قلب الطفل المعمد. لذلك نصلي ونقول: احفظنا في إيمانك, وانعم علينا بسلامك. فالإيمان وديعة غالية جدا, ولكن للأسف كثيرين وقعوا في خطايا الإلحاد!! فأحيانا نتقابل مع شاب عمره لا يزيد عن العشرين عاما, ونجد أفكاره بعيدة تماما عن الإيمان!!
ولينتبه كل أب وكل أم أن دورهما كإشبين, لا ينتهي بانتهاء مرحلة الطفولة, لكنه دور يستمر مدي الحياة, ومسئولية سيسألان عنها أمام الله, ويقول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: احفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا (2تي1:14).
ويذكر لنا التاريخ أنه في أيام البابا أثناسيوس الرسولي, وذلك في القرنين الثالث والرابع الميلاديين, ظهرت بدعة أريوس وانتشرت انتشارا واسعا جدا, ولكن مع هذا, حفظ الله كثيرين في الإيمان وفي مقدتهم القديس أثناسيوس الرسولي, حتي إنه قيل له: العالم كله ضدك يا أثناسيوس , فأجاب: وأنا ضد العالم.
وأيضا يذكر لنا التاريخ أنه في القرون الأولي تعرضت الكنيسة لكثير من العذابات والاضطهادات, وبالرغم أن البعض لم يحتمل هذه العذابات وأنكر, إلا أن الله حفظ وديعة الإيمان مع كثير من الشهداء والمعترفين, لذلك نصلي قائلين: احفظنا في الإيمان, واحفظ وديعة الإيمان التي سلمتها لنا.
رحلة في الكتاب المقدس تبين حفظ الله للإنسان:
+ حفظ نوح وأسرته:
في بداية الخليقة العالم كله أصابه الشر, ولكن الله حفظ نوحا وأولاده وزوجته من هذا الشر العظيم ونجاهم من الطوفان, وقد كان عددهم ثماني أنفس فقط. فمحا الله كل قائم كان علي وجه الأرض: الناس, والبهائم, والدبابات, وطيور السماء. فانمحت من الأرض. وتبقي نوح والذين معه في الفلك فقط (تك7:23).