نلهث وراء الرزق والنجاح ونتناسي السنين الحق في الراحة والتقاط الأنفاس وكأننا في غفلة وربما يقع معظمنا في هذا المنزلق بحثا عن إنجاز هدف أو تحقيق الذات داخل دورة حياة وحركة لا تنتهي وتعب كلها الحياة.
وتسرقنا الأيام والسنون ونكبر ويكبر معنا الشعور بالترك والتخلي بحثا عن سعادة تاهت وسط مشاغل الحياة وشعارات إدراك النجاح.
عن هذه الضالة- السعادة أو الحياة الحقيقية- يقول المفكر سلامة موسي في كتابه فن الحياة (إصدار مكتبة الأنجلو المصرية- 1974) إن الإنسان يحيا طوال عمره باحثا عن السعادة, وقد تنتهي حياته ولا يذكر لحظة كان بها سعيدا!!
ويعترف الكاتب أن للسعادة متطلبات, منها أن يحقق الإنسان الحد الأدني من الحياة الكريمة.. ومن هنا يستطيع أن يسير نحو سعادته.
ويضيف أن السعادة الحقيقية ليست سعادة المال أو امتلاك العقارات أو…. أو…. وإنما هي سعادة الوجدان بكل ما فيها من أحاسيس وانفعالات ومشاعر وميول نتفاعل معها ونتأثر بها (انتهي الاقتباس).
تري ألا يجدر أن يسأل كل منا عن موقعه علي خريطة رحلة الشقاء وإدراك النجاحات.
بداخل كل منا صوت يهتف بنمط حياة بلا رابط- بالحرية ومعايشة ما كان بالبال والخاطر وتغافلنا عنه عمدا أو طواعية أو حتي أجلناه.
لابد أن نقر كم هو إنساننا الشرقي بائس.. ففي نجاحنا يسكن فقر وجداني لم يلتفت إليه, ومن ثم يتوجب اتخاذ القرار الصائب في التوقيت الصائب والتوقف لتبدأ رحلة جديدة- رحلة الوجدان.
لا أتعجب عندما ألاحظ إقبال المسنين علي الخدمة في كل مجالاتها والكل تحدوه الرغبة في تدارك ما قد سقط وسط الزحمة- زحمة الحياة.
حياتنا محطات- محطتها الأخيرة استثنائية لا يحق استهلاكها في دورة حياة عمل تقليدية عايشناها عقودا, فطابعها جهد أقل وفكر أكبر, ولابد من وقفة مراجعة وإدارة بنمط مختلف.
وما خريف العمر إلا واحدة من أجمل فترات الحياة لو أحسن استغلالها.. فلنبدأ إذن بناء جديدا كم افتقدناه من الرياضات الروحية والبدنية والذهنية, وغير ذلك لهو دوامة من الشقاء.. مجرد أفكار أرجو إدراكها.