عشنا الأسبوع الماضي طقس أسبوع الآلام.. أقدس أيام السنة, فهو الأسبوع الذي نتذكر فيه الآلام التي قاساها السيد المسيح وانتهت بالصلب مماتا في الجسد ثم القيامة بلاهوته الذي لم يفارق ناسوته.
هو أسبوع تذكار من اشترانا بدمه الطاهر بعد أن حمل آثامنا لكيما يعيدنا إلي الفردوس الذي كان أغلق بسبب خطية آدم وحواء.
أسبوع ما قبل القيامة المجيدة يحفظ المؤمنون في الصلوات والعبادة وتتشح فيه الكنائس بالسواد, وحتي الألحان تكون باللحن الحزين لكونها تذكرنا برحلة آلام السيد لأجلنا.
في العقود السابقة كانت النساء يرتدين الأسمر في أسبوع الآلام وبالذات يوم الجمعة العظيمة ـ جمعة الصلب ولا يرتدين الحلي والزينة, وذلك في شركة روحية مع آلام المسيح التي قاساها لأجلنا ـ البار من أجلنا نحن الأثمة.
حتي الأطعمة مازال معظم الأقباط يحتفظون بنسكيات هذا الأسبوع الذي يسبق القيامة المجيدة, فلا يأكلون مطبوخا من باب النسك, ومن جهة أخري حتي لا ينشغلوا بغير الصلوات.
وفي نهاية قداس أحد الشعانين أو أحد السعف تقام صلوات الجناز العام, حتي من ينتقل من هذا العالم الفاني يقرأ عليه التحليل فقط مع صلاة طلبات خاصة. فالكنيسة في أسبوع الآلام لا تنشغل سوي بتذكر آلام السيد التي دفعها عربونا لخلاصنا.
سميت صلوات أسبوع الآلام بالبصخة المقدسة, ومعناها العبور والنجاة من الدم في قصة الفصح الأولي, لأن السيد المسيح بصلبه أصبح فصحنا بذبحه عنا علي الصليب.. ولما يري الله دم هذا الفصح يعبر عنا سيف المهلك فلا نهلك.
أجمل ما قيل عن أسبوع الآلام أن المسيحيين يكونون في حالة تماهي مع آلام المسيح وكل المتألمين في العالم.
وبعد الصلب نأتي لحدث القيامة التي هي الإيمان والرجاء في الحياة الأبدية, فهي الحدث الأعظم في حياة الإنسان بعد أن انتصر المسيح بلاهوته علي الموت.
ولا تزال كنيسة القيامة تشهد مع القبر الفارغ بصمته علي حدث القيامة المجيدة.. وهي الحدث الأشهر في تاريخ الإنسانية بانتصار الحياة علي الموت.
بيقين الإيمان قام المسيح من بين الأموات بلاهوته الإلهي فكل الآلام طوال رحلة الصلب قاساها الجسد. أما اللاهوت فلم يتأثر. وقد شبه آباء الكنيسة قيامة المسيح بلاهوته بالنار الذي يتحد بساق الحديد.. وعند الطرق علي الحديد لا يتأثر بالطرق سوي ساق الحديد, أما النار فهي تتأثر.
وهو ما حدث تماما حيث تألم الجسد علي الصليب أما الروح فلم تتأثر بقوة اللاهوت وقام المسيح من الأموات..