المرأة العاملة تتعرض يوميا لمواقف تكاد تمحو إنسانيتها, وتحطم إرادتها وهي تواجه أعباء الحياة, وإليكم صورة تتكرر يوميا مع المرأة وهي في طريق عملها صباحا أو في طريق عودتها إلي منزلها.
تقف المرأة علي محطة الأوتوبيس أو الترام تنتظر, أحيانا تخرج قبل موعد العمل بساعة كاملة حتي لا تعرض نفسها لتأنيب الرؤساء ولومهم أو التحقيق معها والخصم, وبمرور الوقت تباعا وهي لا تفعل شيئا أكثر من الفرجة علي ما يدور حولها, والأوتوبيس في بعض الأيام يصل كل نصف ساعة, محملا بأثقال من اللحم البشري, يئن تحت وطأة العبء الذي يحمله.. وقد تدلت من نوافذه سيقان وأذرع لشباب لم يجد له مكانا داخل السيارة أو علي أبوابها, فلجأ إلي نوافز السيارة.
وتقف المرأة ذاهلة, لا تعرف ماذا تفعل, إلا أن تنتظر سيارة أخري لعلها تجد فيها مكانا لقدم, ويمر الوقت وتأتي سيارة بعد نصف ساعة أخري بنفس المنظر, وتتحول إلي التاكسي لينجدها من ورطتها, ولكن التاكسيات ـ وكلنا يعرف حكايتها ـ لا تنجد بالمرة, فالسائق لا يقف, ولا يرد, ولا يبالي, وتتأخر الموظفة عن عملها قلقة, محطمة الأعصاب, وينتهي بها الأمر إلي أن تحشر نفسها في أوتوبيس, وأحيانا تقف علي السلم, وأحيانا أخري تجد نفسها وسط مجموعة من معدومي الضمير الذين يضايقونها بحركاتهم المبتذلة, لينتهي بها الأمر إلي النزول من الأوتوبيس والدموع تملأ عينيها, وتسب العمل واليوم الذي اضطرت فيه لأن تضع نفسها في مثل ذلك الموقف!
والويل لها إن هي فكرت في الشكوي.. إنها بذلك تعرض نفسها لألفاظ وسب شديد وسخرية, والبعض يلقي عليها بتعليقات ساخرة:: لماذا لا تأخذي تاكسي!.. وأليست هي التي تريد أن تجعل رأسها برأس الرجل!.. والزوجة التي يبقيها زوجها في البيت يجب عليها أن تقبل حذاءه لأنه يجنبها هذه المواقف الفاضحة, بالإضافة إلي أن الرجل يسرع إلي المقاعد الخالية ليمنع سيدة اقتربت من مكان الجلوس أو يجلس أحيانا مزاحما إياها حتي لا تجلس وينظر إليها في تلذذ وحقد وتشف!
وكل يوم تزداد هذه الحالة سوءا, وتتعرض المرأة لمزيد من المواقف المخجلة.. وليس الانحياز لموقف المرأة لأنها تتعرض لمواصلات مرهقة لم تتعرض للتأخير عن عملها أو الإرهاق, فالرجل يتعرض لمثل هذه المواقف, ولكن المرأة تزيد علي ذلك أنها تتعرض للمواقف الجارحة التي تدمي كرامتها وإنسانيتها, وتجرح أنوثتها, وكم من الجرائم الأخلاقية تتعرض لها المرأة وترتكب باسم زحمة المواصلات!!
إن المرأة العاملة تقدم صرخة يائسة تتمني أن تجد لها صدي لدي المسئولين.
هذه خلاصة عدة خطابات من مواطنات يتعرضن لهذه المواقف الصعبة كل يوم, ويكاد اليأس يدفعهن إلي طريق مسدود.