انتشرت برامج الطبخ في السنوات الأخيرة فربما لا قناة تليفزيونية بدون برنامج للأكل بأنواعه. ولا شك أن شغف الأمهات والزوجات للتعرف علي طرق جديدة في إعداد الطعام يقف وراء ازدهار هذا النوع من البرامج صاحبة المشاهدة الأعلي.
أحتفظ بأوراق عديدة بخط زوجتي (تصلي عنا في السماء) مسجلا فيها طرق عمل العديد من الأكلات والحلو وكانت بحق بارعة في محاكاة مهارة الشيف علي الشاشة, ولديها اهتمام شديد بالتطبيق العملي الذي كان بارعا إلا القليل منه.
وبرغم براعة الأداء ومهارة الشيف في كل البرامج إلا أن كثيرا منهم لم يلتفت للهدف الأساسي من بث هذه البرامج, فلا يخفي قيمة أن تتقن ست البيت إعداد الطعام بشكل مغر وبطرق مختلفة تفتح الشهية وتصنع البهجة وصدق من قال إن الطريق إلي قلب الرجل يمر عبر معدته, لكن ماذا عن التكلفة؟!!.. هل يستقيم أن نتابع برنامج وجبة غذاء ربما تتعدي تكلفتها عدة مئات من الجنيهات؟!! البعد الغذائي في غاية الأهمية, لكن البعد المالي أكثر أهمية, فمعظم البيوت تئن من الغلاء وبإمكان هذه البرامج أن تتنافس في استنباط وجبات شهية ومغذية وأيضا عملية من حيث التكلفة.
أما الوجبات الاستفزازية فلا داع لها تماما في ظل أزمة غلاء كانت في الماضي محتملة وحاليا فوق الطاقة!!
من أجمل البرامج تلك التي تسهب في طرق إعداد البقوليات وفي مقدمتها العدس بكل فنون طبخه.. حتي اللحوم بالإمكان إعداد وجبات شهية كالحواوشي مثلا مع التركيز علي القيمة الغذائية من خلال الإضافات التي يتم بها تجهيز الوجبة.
فلابد من وجود توجه عام يراعي ظروف المواطن الاقتصادية وإلا اعتبرت مثل هذه البرامج استفزازية وبلا قيمة وربما ترفع نسبة الحقد الاجتماعي!
هناك بالطبع برامج تقدم البعدين الغذائي والطبي وتبتعد عن التكلفة المبالغ فيها. وتحرص بعض البرامج علي اصطحاب خبير أو خبيرة تغذية لزيادة الوعي الغذائي.
بإمكان برامج الغذاء أيضا أن تقدم نصائح متعددة لست البيت: كيف تختار طعامها؟.. كيف توزع الوجبات علي مدار الأسبوع استنادا علي القيمة الغذائية؟
وهناك بدائل لكل العناصر الغذائية من حيث القيمة, فاللبن الذي قفز سعره مؤخرا لأرقام لا تناسب قدرة قطاع كبير من المواطنين له بدائل وغير ذلك الكثير.
طبعا لا مانع إطلاقا من تواجد برامج تسهب في شرح الوجبات الدسمة ذات التكلفة المفتوحة.. لكن أن تكون بالكثرة العددية فهذا لا يتناسب مع نسبة وتعداد الطبقة الغنية.
الوعي قيمة كبيرة يجب أن يتحلي بها القائمون علي برامج الطبخ فلا تكون مستفزة لمعظم شرائح المجتمع.