تنتعش الكنائس هذه الأيام بنهضات روحية وسهرات تسابيح في اتصال بديع بين الأرضيين والسمائيين مع بدء الصوم الذي يحمل اسم العذراء مريم في 7 أغسطس وينتهي في 22 أغسطس.
ولهذه العلاقة الفريدة المتفردة بين الأقباط والعذراء مريم أصل وذكري, فمنذ ألفي عام حط ركب العائلة المقدسة التي لم تكن سوي أم وطفلها علي دابة يقودها رجل كهل عليه سمات السلام والوداعة هو يوسف النجار وسيدة تتبعهما اسمها سالومي نذرت نفسها لخدمة العذراء.
وإذ بالأماكن التي حطت فيها العائلة المقدسة تصير كنائس ومقادس روحية تبركا بالعائلة المقدسة, إلا أن جيلنا لم يحرم من ظهورات العذراء مريم وأشهرها عذراء الزيتون في 2 أبريل 1968 حيث تجلت العذراء لعشرات الآلاف من المصريين مسيحيين ومسلمين بأطياف شديدة النورانية ومصحوبة بمعجزات شفاء ولشهور عديدة.
وتكرر ظهور العذراء في أماكن عديدة مثل ظهور كنيسة الشهيدة دميانة بأرض بابا دبلو بشبرا مصر وعذراء الوراق وإدفو بالصعيد, وأسيوط, ومنيا القمح, وغيرها في ظهورات مصحوبة بأطياف حمام أبيض يشق سماء الكنيسة للتبريك.
ولعل المعجزات التي تصاحب الظهورات دليل دامغ علي تواصل السمائيين بالأرضيين ككنيسة واحدة مجاهدة علي الأرض ومنتصرة بالسماء, وبالإيمان تجري المعجزات.
هكذا كانت رحلة العائلة المقدسة بمثابة المبشر فلم يكد يمر ستون عاما علي زيارة العائلة المقدسة حتي كان كاروزنا العظيم القديس مرقس الرسول يخطو خطواته في مصر مبشرا برسالة الفرح والمحبة وتباركت مصر.
وظهورات العذراء ما هي إلا تواصل بديع في علاقة العذراء مريم بالمؤمنين ممن يناجونها بالمدائح والتمجيدات وهي التي قالت: هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني (إنجيل لوقا 1:48).
وكم كانت الظهورات مصدر بركة لكثيرين فجاءت سبب شفاء لأناس عاشوا تحت قسوة المرض وضعف الجسد.. كما كانت سبب رجوع كثيرين لأحضان الكنيسة -سفينة النجاة- وللمتشككين كانت مصدر يقين علي اتصال السمائيين بالأرضيين.
إنها الحدث الذي أكد الرجاء ودعم اليقين في قوة رعاية السماء لأرض شقائنا وغربتنا.
لهذه الأسباب مجتمعة أصبح صيام العذراء ـ كما يطلق عليه ـ من أكثر الصيامات التي يحرص أبناء الكنيسة علي صومه حتي إن الكثيرين باتوا يتفننون في التقشف والزهد وكأنه صيام من الدرجة الأولي.. فهناك من يصومونه بدون زيت وآخرون ابتكروا منذ قرون أكلة الشلولو الشهيرة -وهي غاية في الزهد والتقشف تقربا لله وحبا للعذراء مريم شفيعة الشفعاء وطلبا لتوسلاتها المقبولة عند الله.