مصر توجه رسالة للعالم بالدعوة إلي السلام والاستقرار من خلال بناء الشخصية الوطنية التي تؤمن بالمواطنة الحقيقية المنزهة عن أي أحقاد والتي تمد الجسور بكل ما تحمله من تباشير السلام المجتمعي.
بدا هذا جليا باستقراء البحوث التي قدمت بمؤتمر المجلس الأعلي للشئون الإسلامية الذي انعقد بالقاهرة يومي11و12 فبراير الجاري. فمن خلالها يمكن استخلاص فكر الدولة المصرية, وهو فكر يؤمن بالمواطنة كأساس لبناء الدولة العصرية الحديثة التي تدفع باتجاه المساواة والعدل في الحقوق والواجبات, وتعمل علي تفعيل هذه المبادئ والمفاهيم لتخرج من شرنقة التصريحات إلي الواقع العملي المعاش.
المشاركون بالمؤتمر أشادوا بتجربة مصر في ترسيخ ثقافة المواطنة والعيش المشترك, وبجهود الرئيس عبد الفتاح السيسي في العمل علي تعزيز السلام الإنساني وطنيا وإقليميا ودوليا.
توصيات المؤتمر خرجت بعدد من المفاهيم التي تحض علي انتهاج المواطنة والتفاعل الإيجابي, فالرسالة إنسانية جامعة خرجت من بوتقة الخطاب الديني التقليدي المتمحور حول الدعوة الدينية إلي الرسالة الحضارية لتعلن عن صميم الفكر الإسلامي الصحيج الذي يصحح المفاهيم المغلوطة, ويقدم صورة حقيقية للإسلام والمسلمين من أجل بناء مجتمعات عالمية يسودها السلام والتفاهم والاحترام المتبادل.
رسالة المؤتمر تؤكد الصورة التي تسعي مصر لتقديمها عن السلام المجتمعي والتعايش السلمي.
وتجدر الإشارة هنا إلي إشادة وزيرة خارجية ألمانيا أثناء لقائها منذ أيام بالرئيس عبد الفتاح السيسي, حيث تطرقت إلي ما تقوم به الدولة المصرية من ترسيخ لحرية العبادة وانتهاج التسامح الديني كعقيدة وطنية والعمل علي نشر ثقافة العيش المشترك وقبول الآخر الديني.
أكدت التوصيات أن مفهوم الدولة مفهوم مرن متطور, وأن حصره في نموذج تاريخي معين وفرض قالب جامد إنما يعني غاية التحجر والجمود والوقوف عكس اتجاه عجلة الزمن, بما يشكل شللا لحركة الحياة, فالتطور سنة الله في كونه, هكذا خرج أول ما أوصي به مؤتمر المجلس الأعلي للشئون الإسلامية.
حتي الفتوي أوصي المؤتمر بأنها قد تتغير بتغير الزمن, وأن ما أتاحه الشرع لولي الأمر في ضوء الحفاظ علي الثوابت باب شديد المرونة والسعة, وينبئ عن عظمة الشرع وحرصه علي البلاد والعباد.
أشارت أيضا إلي أن المواطنة مصطلح أصيل في الإسلام, وأن المواطنة الحقيقية لا إقصاء معها ولا تفريق بين المواطنين, فالفكر الإسلامي يضمن بثرائه وتجاربه أن نبني حضارات قائمة علي مواطنة حقيقية بغض النظر عن العقيدة أو اللون أو العرق.
أكدت كذلك علي توعية النشء والمواطنين وتدريب الأئمة ومقدمي البرامج- دينية أو ثقافية- علي غرس قيم التسامج والقيم الإنسانية المشتركة وتفكيك بنية خطاب الكراهية وتقديم التفسير الصحيح..
وأشاد المؤتمر بالتجربة المصرية في مواجهة الإرهاب وترسيخ دولة المواطنة وبناء جمهورية جديدة ومصر جديدة.
تحية للفكر المصري التنويري الذي يرسخ لعقد المواطنة كأساس لبناء الدولة المدنية الحديثة.