لا شك بأن انتشار العشوائيات في مصر ووصول عددها إلي أكثر من ألفي منطقة عشوائية تختص القاهرة وحدها بعدد مائة واحد وستين منطقة عشوائية وحسب تقرير البنك الدول يعيش في تلك المناطق حوالي 15 مليون مواطن (أشك في الرقم) كما جاء في التقرير بأن سكان القاهرة وصلوا 22مليون نسمة ويتردد عليها يوميا فوق الخمسة ملايين. وإذا كانت هذه الأرقام صحيحة (أقل أو أكثر) فنحن لسنا في احتياج لإثبات أن العشوائيات التي انتشرت في غيبة من القانون, و(تطنيش) المحليات تدعونا للتمسك بشدة بخروج قانون جديد للإدارة المحلية وتدعونا لضرورة التمسك باللامركزية في الإدارة بالمحافظات وتدعونا لكي ندرس فكرة الأقاليم الاقتصادية كوزارة بديلة عن وزارات الاستثمار, والإدارة المحلية, والتنمية الاقتصادية, والتضامن الاجتماعي مجتمعين!! كما تدعونا للتمسك بشدة بمبدأ إعادة صياغة الحياة في المناطق العشوائية بطرق علمية واضعين في اعتبارنا البعد الاجتماعي وكذلك المراكز المتخصصة في الدراسات الإنسانية ومراكز البحوث الاجتماعية في الجامعات المصرية!! وأعتقد لن يختلف أحد معي في أن الآثار السلبية لنمو تلك العشوائيات وعلي سبيل المثال في عاصمة البلاد قد أثرت تأثيرا سلبيا مباشرا علي حياتنا العامة فسكان تلك المناطق هم مواطنون يعملون وسط المدينة ووسط العاصمة في الوزارات والهيئات الحكومية وغير الحكومية ومن سكانها أيضا من يعمل في سلك التدريس وكذلك في الأعمال الفنية وقيادة السيارات العامة والخاصة وخاصة (الميكروباص) وما أدراك(ما الميكروباص) وألاعيبه وعشوائياته في الشارع المصري وكذلك العاملين في جميع أنشطة الحياة.. كل هؤلاء ومهما اختلفت مراكز أعمالهم سواء بدرجة عامل أو موظف أو فني أو جندي أو حتي بعض أساتذة الجامعات وغيرهم من فئات المجتمع كل حسب ماتيسر له الحظ في إيجاد مسكن في منطقة قد نالت حظها من التخطيط العمراني الذي افتقدناه للأسف طيلة أكثر من ثلاثة عقود من الزمن وتفاقم في العشر سنوات الأخيرة (والله يجازي إللي كان السبب) كل هؤلاء السكان القادمين لسوق العمل من كل المناطق العشوائية أصبحت كل تصرفاتهم غير منفصلة عن البيئة التي يعيشون فيها كلها تقريبا تصرفات عشوائية فلا نستطيع الفصل بين حياة الإنسان وبين بيئته وبين حياته العملية فكل مانراه من سوء تصرف في الشارع المصري ومن سوء تقدير في العمل ومن إهمال في وظيفته ومن سوء سلوك في الطريق العام ومن قبح حتي في طريقة التسول في الميادين والشوارع وكذلك سوء مظهرنا في المرور سواء كان تنظيما أو مرورا أو منظمي المرور أنفسهم كل شيء أصبح قبيحا وحتي في مدارسنا قبح وتصرفات سيئة ودروس خصوصية ورشاوي وفساد. كل هذا نابع من بيئة العشوائيات التي يعيش فيها المشارك في التنمية والمشارك في حركة الحياة اليومية في كل مجالات ومناحي الحياة فقد استطاعت العشوائيات أن تدمر مظهر الحضارة في مصر ومازال الملف مفتوحا!!
ولعل ما قامت به الدولة أخيرا في القضاء علي تلك العشوائيات بعمليات جراحية رائعة في كل ضواحي القاهرة الكبري, يتطلب استصدار تشريعات لكي تحافظ علي ما تم إنجازه خلال الأعوام الأربعة الأخيرة بقيادة حاسمة من السيد الرئيس.