أكثر من عشر سنين من التفاوض حول ملء وتشغيل سد النهضة بين مصر والسودان من جانب وإثيوبيا من جانب آخر, ولا نتيجة ترجي! والسبب ارتماء إثيوبيا في أحضان جهات دولية تستقوي بها ضد مصر.
في العام الماضي بدأت إثيوبيا الملء الأول(5مليارات متر مكعب) دون اتفاق مع دولتي المصب السودان ومصر. وحاليا تصر علي الملء الثاني(13.5 مليار متر مكعب) خاصة بعد اكتمال بناء نحو80% من جسم السد وبدون اتفاق أيضا استنادا علي نفس الجهات الدولية.
أما استراتيجية مصر والسودان فترتكن إلي النفس الطويل واستنفاد كل السبل السياسية. فلابد للعالم أجمع أن يعلم أن مصر دولة تعاني من الشح المائي, حيث يصل نصيب الفرد إلي500متر مكعب سنويا, بينما بالمعايير الدولية يبلغ1000متر مكعب في السنة!
وتاريخيا لنا حق في حصة سنوية من مياه النيل تبلغ55.5مليار متر مكعب, نحارب سياسيا للحفاظ عليها. وفي الحقيقة بحساب تعداد السكان نحتاج إلي114مليار متر مكعب في السنة.
في السودان سوف تتأثر حياة مالا يقل عن 20مليون مواطن سوداني من جراء الملء الثاني. وفي مصر تكمن الخطورة في فترات الجفاف.
ولأن الحق لايضيع طالما وراءه مطالب, فإن مصر لا تدخر جهدا للحفاظ علي كل قطرة مياه. حيث يتم ترشيد استهلاك المياه في الزراعة بتغيير نظام الري وتقليل المحاصيل ذات الاستهلاك الزائد في المياه كالأرز وقصب السكر.
وتجري معالجة مياه الصرف الصحي لري الحدائق. وتتم تحلية مياه البحر علي قدم وساق بالمدن المطلة علي البحرين الأحمر والمتوسط.
أما النيل فيمثل مورد أكثر من90% من المياه في مصر, وصدقت الجامعة العربية عندما أعلنت علي لسان أمينها العام أحمد أبو الغيط أن احتياج مصر لمياه النيل يمثل حقا من حقوق الإنسان.
حتي جلسة مجلس الأمن التي انعقدت لإعادة النقاش حول أزمة سد النهضة بين الدول الثلاث هي الجلسة الثانية حيث ناقش المجلس بالعام الماضي نفس الأزمة.
وذكرت عبارة أن المجلس يساهم في تقريب وجهات النظر والمحاولة لإيجاد حل وأنه لم ينظر من قبل نزاعات علي المياه!.
لكن مجلس الأمن الدولي منوط ببحث أي نزاع يمكن أن يؤدي إلي نزاع عسكري بغض النظر عن نوع النزاع, والأمم المتحدة هي التي أصدرت قانون الأنهار الدولية عابرة الحدود وصلاحيات بناء السدود.
أيا كانت النتائج فمن المؤكد والثابت أن استراتيجية النفس الطويل التي تتبعها مصر تضع العالم عند مسئولياته بتوضيح الحقائق التاريخية والحالية والحقوق مع الإصرار علي عدم التنازل عن قطرة مياه من حصة النيل.
هل ينجح العالم في فك لغز سد النهضة المصطنع؟!…وماذا لو فشل؟…مصر وإن طال صبرها تملك الإرادة قبل القدرة لضمان استمرار تدفق النهر الخالد…فالنيل مسألة حياة.