ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, أسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
اشكروا في كل شيء
تعلمنا كنيستنا في بداية أي صلاة أن نتلو ثلاثة أجزاء أساسية نسميها لباس الصلاة, فنبدأ بصلاة أبانا الذي في السموات.. وتسمي ثوب الصلاة يليها صلاة الشكر وتسمي المنطقة (حزام الوسط) وإشارة إلي أن الشكر يجب أن يشمل حياتنا كلها, ثم نصلي الجزء الثالث المزمور الخمسون وهو مزمور التوبة, ويمثل الحذاء ذلك أن الإنسان التائب تكون خطيئته مثل الشوك المنتشر في الأرض فلا يستطيع أن يسير عليه بدون حذاء.
وهذا يذكرنا بقصة الابن الضال وكيف أن أباه قدم له حذاء بعد توبته ورجوعه إلي بيته. فقال الأب لعبيده: اخرجوا الحلة الأولي وألبسوه واجعلوا خاتما في يده وحذاء في رجليه (لو15:22).
لماذا تشكر الله؟
بالعدد الماضي تأملنا في:
اشكر الله..
1- علي كونك إنسانا.
2- إنك جئت هذا الزمان.
وهذا العدد نتأمل في:
اشكر الله
3- إنك تعيش في هذا المكان.
4- إنك تحيا في هذا الإيمان.
إنك تعيش في هذا المكان:
اشكر الله لأنه أوجدك مصريا تعيش علي أرض مصر, فقد كان من الممكن أن يوجدك في أي بلد أخري, قد لا تعرف اسمها, فالله قد أعطاك نعمة خاصة بانتمائك إلي أرض مصر.
+ لقد اختار ربنا يسوع المسيح مصر, لكي تكون البلد الوحيد, التي تباركت بزيارته واختارها الله للهروب من هيرودس, فهي التي باركها وقال عنها الكتاب: مبارك شعبي مصر (إش19:25), وهذه أيضا نعمة خاصة فلك الفخر أنك مصري, وقد نشأت علي هذه الأرض ذات التاريخ القديم والعريق.
+ أيضا مصر التي تمتعت بظهورات السيدة العذراء.
+ مصر بلد متدين يضع الدين في حسبانه, هناك بلاد تعتبر الدين تخلفا وكبتا لحرية الإنسان.
+ كل مصري مرتبط ارتباطا وثيقا بنهر النيل, فنهر النيل يبدأ من أقصي الصعيد بمجري واحد, وعند القاهرة يتفرع إلي فرعين, وهذا الشكل إن رأيته من ارتفاع مرتفع مثل الطائرة, تراه يشبه رجلا يرفع يديه للصلاة!!
لذلك نهر النيل يعلمنا الصلاة, وكان عند المصريين القدماء يمثل أحد الآلهة التي يعبدونها, وفي إحدي ضربات الله لفرعون, تحولت مياه النيل إلي دم وضرب الماء الذي ففي النهر أمام عيني فرعون وأمام عيون عبيده, فتحول كل الماء الذي في النهر دما (خر7:20).
+ مصر بأهلها الطيبين, نحن بالفعل شعب طيب ودود.
+ مصر البلد المميز بجوه وطقسه وموارده التي ينتظرها مستقبل واعد, فهناك بلاد تزورها الشمس, أما أنت فالشمس تراها كل يوم, بلدك متوفرة فيها المياه, فعندك أعظم أنهار العالم.
+ مصر التاريخ, تاريخ بلدك يضرب في جذور التاريخ, هناك بلاد عمرها علي خريطة العالم يقدر بمئات السنين, أما أنت فبلدك تاريخها يمتد لآلاف السنين.
لم يخطأ الزعيم مصطفي كامل عندما قال عبارته الشهيرة: لو لم أكن مصريا, لوددت أن أكون مصريا, وعند زيارة المصري لأي بلد حديث ينظرون إليه في هذه البلاد علي أنه قادم من بلاد الفراعنة والحضارة العريقة, أنت في بلد عمر حضارتها سبعة آلاف سنة, فالله قد أوجدت في أرض مصر, وكذلك أوجدك في وسط شعب يمتاز بالطيبة, فمصر هي التاريخ والجغرافيا والحضارة, وكل هذه نعم أنعم الله بها علينا, فلنشكره عليها.
إنك تحيا في هذا الإيمان:
اشكر الله لأنه أعطانا نعمة الإيمان المسيحي المستقيم إيمان تعيش وتحيا نفس نقاوة الإيمان الذي سلمه الرسل للآباء, فنحن ننتمي إلي واحدة من أقدم كنائس العالم, ففي بداية تأسيس المسيحية كان يوجد أربعة كراسي رسولية في العالم كله وهي كرسي أورشليم (أم الكنائس), وكرسي أنطاكيا, وكرسي الإسكندرية, وكرسي روما, ثم أضيف لهم كرسي القسطنطينية بعد ذلك, وبذلك تكون كنيسة الإسكندرية من أقدم كنائس العالم, ويمكن تسميتها حاليا بأم الكنائس, فمثلا الكنيسة الإثيوبية والكنيسة الإريترية قد تكونت من خلال الكنيسة المصرية.
فالكنيسة المصرية هي أول كنيسة في أفريقيا, وهي المسئولة عن الخدمة بهذه القارة, وبالفعل لنا خدمات كثيرة بها, هي كنيسة رسولية أسسها مارمرقس الرسول.
أيضا كنيستنا كنيسة شهداء, فمازالت تقدم شهداء حتي اليوم, وهي أيضا كنيسة قديسين, تلد قديسين حتي يومنا هذا, فمؤخرا اعترفت كنيستنا بقداسة البابا كيرلس السادس, وبالأرشيدياكون حبيب جرجس, وتم إضافة سيرتهما الطاهرة إلي سنكسار كنيستنا.
وبالإضافة إلي ذلك كنيستنا كنيسة رهبنة, فالكنيسة المصرية هي التي قدمت الرهبنة كهدية إلي العالم كله, وأي راهب في العالم يعلم أن جده الأكبر هو الأنبا أنطونيوس الراهب المصري, فأنت تنتمي إلي كنيسة عامرة بحلول روح الله فيها بعملها ونشاطها.
عندما أقوم بزيارة كنائسنا في المهجر, وأري الأنشطة المختلفة, وألحان الشمامسة وفرق الكورال والشباب والأطفال أشعر أنهم قطعة من مصر, وذلك بالرغم من بعد المسافة بين هذه البلاد ومصر.
فاشكر الله كثيرا لأنك تنتمي إلي كنيسة عامرة, وإلي إيمان مستقيم, وإلي حياة مقدسة وشعب كنيستنا من الشعوب القليلة التي تستمتع بقضاء عطلة الأسبوع في الأديرة المختلفة, ثم يعودوا إلي حياتهم بكل نشاط وانطلاق.
اشكر الله.. لأنه موجود الآباء الأساقفة والكهنة والخدام يرعونك ويرعون أطفالك.
اشكر الله.. لأن كنيسته مفتوحة لك كل يوم تستطيع أن تتناول من جسده ودمه.
اشكر الله.. لأن المعرفة الروحية صارت متاحة للجميع, من كتب ومجلات وعظات وقنوات دينية.
هذه هي الأربع نقاط الأساسية التي يجب أن نشكر الله عليها, وهي أن الله خلقك إنسانا, في هذا الزمان, وفي هذا المكان, وبهذا الإيمان, وهذه هي إجابة السؤال الأول: لماذا نشكر الله؟