كانت هناك طرق معروفة لمنح الروح القدس:
1ـ الرسل حل عليهم الروح القدس كألسنة من نار من الله مباشرة.. وكان سبق حلوله صوت ريح عاصف (أع2, 3).. والروح والريح مشتقان من مصدر واحد
2ـ لذلك كان الرسل يمنحون الروح القدس بوضع اليد:
كما حدث حينما أرسلت الكنيسة بطرس ويوحنا إلي أهل السامرة اللذين صليا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس.. حينئذ وضعا الأيادي عليهم فقبلوا الروح القدس (أع 8: 17,15).. ونفس الوضع حدث في أفسس, إذ يقول الكتاب ولما وضع بولس يديه عليهم, حل الروح القدس عليهم (أع 19:6).. علي أنه لما كثر عدد المؤمنين, في مدن وشعوب, لم يعد وضع يد الرسل متيسرا…
3ـ وبدأ منح الروح القدس بواسطة المسحة المقدسة:
وهو أسلوب كان متبعا في العهد القديم كما ذكرنا.. وعنه تحدث القديس يوحنا الرسول, فقال: وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس, وتعلمون كل شيء (1يو 2:20).. وأما أنتم المسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم… (1يو 2:27).. إنها مسحة الميرون المقدس.. سر المسحة…
4ـ والسيد المسيح منح الرسل الكهنوت بالنفخة المقدسة:
إذ إنه نفخ في وجوههم وقال لهم: اقبلوا الروح القدس.. من غفرتم خطاياه تغفر له.. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت (يو 20:23,22).. ونلاحظ هنا الربط بين الروح القدس وسلطان الحل والربط. فالآباء الكهنة يغفرون الخطايا بالروح القدس الحال فيهم.. وكما يقول الكاهن في صلاة سرية في القداس الإلهي عن محاللة الشعب يكونون محاللين من فمي بروحك القدوس.
وحاليا نستخدم في الكهنوت وضع اليد والنفخة المقدسة:
فحينما يرسم الأسقف كاهنا.. يضع اليد عليه.. وينطق بالرتبة ويرشمه.. ثم ينفخ في وجهه ويقول له: اقبل الروح القدس.. فيفتح الكاهن الجديد فمه ويقول مع المزمور فتحت فمي واقتبلت لي روحا (مز 9:1).
وفي سر الميرون, نرشم المعمد 36 رشما بزيت الميرون المقدس مع صلوات خاصة بالروح القدس.. ونضع يدنا علي رأسه, وننفخ في وجهه, ونقول: اقبل الروح القدس.. وكن إناء طاهرا….
الروح القدس والخدام
1ـ كان الروح القدس هو الذي يعين الخدام:
ورد في سفر أعمال الرسل.. وبينما هم يخدمون الرب ويصومون, قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاول, للعمل الذي دعوتهما إليه (أع 13:2).. إذن الروح هو الذي دعا, وبالاسم, لعمل معين حدده لهما.. وبعد أن وضع الرسل أيديهم عليهما وأطلقوهما, يقول الكتاب: فهذان إذ أرسلا من الروح القدس, انحدرا إلي سلوكيه… (أع 13:4). وبنفس الوضع يقول بولس الرسول وأساقفة أفسس: احذروا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله, (أع 20:28).
2ـ كان الامتلاء من الروح القدس شرطا للخدمة:
ليس فقط لرتبة الرسل العظيمة, بل حتي لرتبة الشماسية.. وفي ذلك قال الآباء الرسل في رسامة الشمامسة: انتخبوا أيها لرجال الإخوة سبعة رجال منكم شهودا لهم, ومملوئين من الروح القدس, والحكمة, فنقيمهم نحن علي هذه الحاجة (أع 6:3).. فاختاروا إسطفانوس رجلا مملوءا من الإيمان والروح القدس و…
3ـ وكان الروح القدس هو الذي يحرك الخدام:
فلما جاء الخصي الحبشي, في مركبته قال الروح القدس: تقدم ورافق هذه المركبة (أع 8:29).
ولما وصل رجال من عند كونيليوس قال الروح لبطرس: هوذا ثلاثة رجال يطلبونك.. قم وانزل واذهب معهم غير مرتاب في شيء, لأني أنا قد أرسلتهم (أع 10:19ـ 20).. وبولس الرسول هو وسيلا منعهم الروح أن يتكلموا بالكلمة في آسيا.. فحاولوا أن يذهبوا إلي بثينية فلم يدعهم الروح (أع 16:7,6).. وأخيرا ذهبوا إلي مقدونية, بناء علي رؤيا إلهية.
4ـ وكان الروح القدس هو الذي ينطق علي أفواههم:
تماما كما قال لهم الرب: لستم أنتم المتكلمين, بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم (متي 10:20).
وهكذا تكلموا حسبما أعطاهم الروح أن ينطقوا (أع 2:4).. وكان بولس الرسول يطلب صلاة المؤمنين لكي يعطي كلمة عند افتتاح فمه (أف 6:19).. ولذلك جميلة هذه العبارة التي تكررت في سفر الرؤيا.
من له اذنان فليسمع, ما يقوله الروح القدس للكنائس (رؤ2:29):
إذن لم تكن كلمة الكرازة هي كلمة من الناس, بل هي ما يقوله الروح للكنائس.. لذلك كانت كلمة قوية في تأثيرها.. وبها كان ملكوت الله ينتشر بقوة.. كانوا يتكلمون لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية, بل بما يعلمه الروح القدس (1كو 2:13).. الذي قال عنه الرب: يعلمكم كل شيء.. يذكركم بكل ما قلته لكم.. يرشدكم إلي جميع الحق (أع 14:26).. (أع 16:13).
نكمل هذا الموضوع في العدد المقبل, إن أحبت نعمة الرب وعشنا….