منذ أن صنعت دولة الولايات المتحدة الأمريكية والتي شملت الكثير من الأجناس والأديان والأفكار والعرقيات والأصوليات والتي جذبتها الأرض الجديدة كي يعيش الليبراليون حياة دون عنصرية أو مشقة أو اختلاف في الحقوق أو الواجبات ويبدو أن تلك الحقوق أخذت مسارا آخر منذ أن تركزت الحياة السياسية والاقتصادية في مسارين أحاديين وأقصد هنا الحزبين الديمقراطي والجمهوري دون بقية المئات من الأحزاب الأخري والتي لا تجد سبيلا في الانتشار أو حتي الدعم داخل المجتمع الأمريكي والذي اكتسب قوة الرأسمالية العالمية وصنع الدولار وآلة التكنولوجيا والميكنة التسلاحية وفرض هيمنتها علي الحكومات والدول من مبدأ من معي يقوي ومن دون ذلك يظل هامشيا. ولم تكن الديمقراطية التي خلقتها الأرض الجديدة مطبقة إلا داخل أسوار الولايات المتحدة أما توجهاتها السياسية ليس لها مسار ديمقراطية إلا في الأماكن التي لها منافع ومصالح تخص السياسة الأمريكية ولا أخفيك سرا أن الديمقراطية الأمريكية هذه جعلت مصالح مشتركة ربطتها مع الصين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي حجمت الصين داخل أراضيها وجعلتها تنشغل بكل مشاكلها الاقتصادية كدولة فقيرة وألقت إليها يد العون كي تكون تابعة تجارية تنفذ كل التصميمات الصناعية والتكنولوجية داخل الصين مستفيدة بالأيدي العاملة الرخيصة الفقيرة والطاقة المتاحة. ولم تكن يد المساعدة متروكة كي تنهض الصين بقدرتها ولكن المجتهدات باتفاقيات تمنعها أن تبيع أي منتج يدخل إلي أمريكا أو يباع خارجها إلا وعليه إتاوة, ولم يظهر التغيير في المعاملة والتضارب مع الصين إلا عندما نبهت أمريكا بأنها مديونة للصين وكذلك الدول الأوروبية والتي لم تكن لديها أي قدرات اقتصادية وخاص أنها سلبت إرادتها بعد الخروج من النفق المظلم للحرب العالمية الثانية ولم يكن طوق النجاة لها إلا أن تمتثل إلي ما تريد أمريكا والتي وجدت من إنجلترا سمعا وطاعة بحجة أنها البلد الأم لمستعمرة الأرض الجديدة ولم يخل قرار في دواوين الولايات المتحدة أو دعم في تطبيق قرار عالمي أو نقل معلومات استخباراتية أو الدخول في حرب قادتها الولايات المتحدة إلا والولاء الكامل سبيلها. ولم تترك أمريكا أيقونة الشرق الأوسط منذ ولادة دولة إسرائيل والتي كانت بمنح أو بأمر بإنجلترا كدولة مستعمرة لفلسطين ومنذ قيامها لن تجد قرارا أو حربا أو استقرارا أو اقتصادا من دول العرب (الهدف الأول) إلا وتسعي جاهدة أن تؤمن دولة إسرائيل واقتصادها.
وانتهجت الولايات المتحدة كثيرا من الديكتاتوريات في سياستها غير الديمقراطية وتبنت تدمير شعوب بأكملها بعد أن انخدعت تلك الشعوب بموديل الديمقراطية بين المواطنين داخل الولايات المتحدة والتي صدرتها من خلال الآلة الإعلامية والسينمائية إلي كل أركان العالم بل وزادت انخداع تلك الشعوب بأن تبنت لها جماعات في كل الدول أمدتها بالأموال كي تنادي بالديمقراطية الخادعة الأمريكية سواء من معاملات اجتماعية أو خدمات حكومية أو حتي الانتخابات العامة وجعلت لها أقلاما تزين تلك الديمقراطية والتي كانت آلة التبعية التي سار علي نهجها رؤساء دول وحكومات ووزراء بل وشعوب جعلت نفسها مستعمرة كي تمتثل بأن يكون لديها تلك الديمقراطية الأمريكية فوق أراضيها وبين أبنائها. ولكن تغيير هذا النهج منذ أن تولت أمريكا دخول العراق بحجة الديمقراطية ولتمكين التفتيش النووي في العراق ولم تتركها حتي دمرتها ودخلت إلي أفغانستان وأجهزت عليها وألجمت باكستان بالحركات الإرهابية والانشغال مع جارتها الهند والتي تدعمها. ولم تقف الدكتاتورية والديمقراطية التي خلقها الحزب الديمقراطي تارة والحزب الجمهوري تارة أخري فكلاهما يأتي إلي رئاسة الولايات المتحدة بأجندات ويعقد الصفقات التي يتم الاتفاق عليها والمقابل سواء من اللوبي الصهيوني المتحكم في الرأسمالية وتوجهاتها بالدرجة الأولي والتي تصب فقط في صالح قيام دولة إسرائيل الكبري أو صفقات دول النفط كي ترسي نظريات العرض والطلب علي سعر البرميل كي تستمر أرباح العرب وتأخذ ما تشاء دون مقابل من براميل النفط وتأمين الخليج بالعسكرية الأمريكية بمقابل آخر.
وهناك أيضا نظرية الشد والجذب مع كوريا الشمالية والوصاية العسكرية لكوريا الجنوبية بل وامتد لتدمير الاتحاد السوفيتي المعسكر الشرقي والجانب المرن من المعادلة العالمية بل ونجحت في تفكيك الولايات السوفيتية الست عشرة لتدخل معظمها إلي الاتحاد الأوروبي وتكون الداعم الجديد لأمريكا. ومن كل تلك الخطوط العريضة في السياسة الأمريكية التي انتهجتها علي كل دول العالم نجد أن أشدها فتكا كانت خطة الثورات للربيع الشرق أوسطي والتي كانت تديره منضدة البيت الأبيض الديمقراطي من خلال الشاشات المتلفزة والتي يتابعها أوباما وحاشيته من الديمقراطيين الذين سلبوا الشعوب العربية أمنها وقتلوا وشردوا مواطنيها من أجل تقسيم الشرق الأوسط ما بين إسرائيل وأمريكا وإنجلترا وفرنسا وخططوا لجذب الشعوب التي انخدعت بالديمقراطية كي تدمر بلدانها. وتغير الحال من سياسة صناعة الإرهاب في الشرق الأوسط بقيادة أوباما وتخطيط إسرائيل واستخدام أصابع دول الخديعة وحركات الإرهاب الأسود المتدينة ولكن لم تنجح أمام خبايا الله في الأرض وذهب أوباما وعشيرته وجاء ترامب (وبنجاح انتخابي مستهدف من قبل اللوبي) ومعه أجندة أخري وهي سرعة تنفيذ تكسير الشرق الأوسط بخداعه الإمبراطورية العثمانية وايضا تكسير الاقتصاد الصيني وانحسار أنشطتها وتوجيه إيران علي تهديد الأمن العربي وتطبيع عربي إسرائيلي شامل لكل دول العرب وضياع كل حقوق الأرض الفلسطينية. وبعد كل ما سردت إلي القارئ حجم ما صنعت الولايات المتحدة في كل شعوب العالم كي تحمي مصالحها ومن يحظون بعنايتها فقط دون بقية الكرة الأرضية من يقف وراء ضياع ديمقراطية الأسوار الحديدية في الكبتون ومن قبلة البيت الأبيض قبلة الديمقراطية والتي أنهتها العنصرية ومن هنا نقول هل هناك بدائل للديمقراطية الأمريكية بعد أن أنهتها أحداث الانتخابات الرئاسية الأخيرة, وهل تستطيع الولايات المتحدة أن تغير صورتها مع شعوب العالم التي ساعدت في تدميرها ومن يقف وراء ضياع هيبة تلك الديمقراطية.
انتهجت الولايات المتحدة كثيرا من الديكتاتوريات في سياستها غير الديمقراطية وتبنت تدمير شعوب بأكملها