لآلئ للحياة من رسائل بولس الرسول
ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أي.ها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, أسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
اسندوا الضعفاء (1تس5:14)
هي رسالة.. فالكتاب المقدس يذكر الآية الجميلة اختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء (1كو1:27).
وهنا العجيب يا إخوتي فقد اختار الله ضعفاء العالم ليخزي بهم الأقوياء, فبطرس الرسول مثلا كان مجرد صياد للسمك, وهكذا باقي التلاميذ كان لهم المهن البسيطة جدا, فمتي كان عشار وهكذا..
والضعف ثلاثة أنواع:
أولا: الضعف الجسدي
ثانيا: الضعف النفسي
ثالثا: الضعف الروحي
أولا: الضعف الجسدي:
لعل هو ما قصده السيد المسيح عندما كان في بستان جثسيماني ليلة آلامه, فكان يطلب من تلاميذه أن يسهروا معه, قال لتلاميذه عندما وجدهم نياما: أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف (مت26:41), وهذا الضعف يظهر كثيرا في حياتنا.
وكثير من القديسين تكلموا عن هذا الضعف الجسدي, فالقديس بولس يقول لأهل غلاطية: أني بضعف الجسد بشرتكم في الأول (غلا4:13).
كما قال لأهل كورنثوس: وأنا كنت عندكم في ضعف, وخوف, ورعدة كثيرة (1كو2:3).
بالفعل.. كان القديس بولس الرسول يعاني من ضعف جسده, وقصد الله ذلك ليحميه من الكبرياء, فهو القديس الذي صعد للسماء الثالثة, وكرازته كانت أوسع من باقي الرسل, وصنع معجزات وآيات كثيرة, فأعطاه الله شوكة في الجسد, إلا أنه صرخ إلي الله ثلاث مرات ليرفع عنه هذا الضعف, لكن الله قال له: تكفيك نعمتي, لأن قوتي في الضعف تكمل (2كو12:9).
جسم الإنسان تتجلي فيه قدرة الله, فإنه يحتوي علي أجهزة وأعضاء غاية في الدقة والتعقيد والتنظيم.
ويمكن للجسم أن يدافع عن نفسه ضد مئات الأمراض التي تصيبه بالضعف, منها أمراض معدية أو غير معدية ناتجة عن عيوب خلقية أو نقص غذائي أو مخاطر بيئية أو مهنية أو سلوكيات خاطئة أو أمراض الشيخوخة, وتختلف هذه الأمراض في شدتها وحدتها واستدامتها, لكنها تصيب الجسد بالضعف, وعندما يمرض الإنسان جسديا ويضعف, يحتاج للمساعدة والمساندة سواء بالطب والأدوية أو الخدمة.
قد يكون الضعف نوعا من أنواع الإعاقة, أو ضعفا مختلطا بالنفس وبالجسد وبالذهن, فمثلا يوجد في مصر 10% من السكان من ذوي الاحتياجات الخاصة, وهؤلاء في احتياج إلي من يسندهم سواء بالخدمة أو بالطب أو بالدواء أو بالدعم النفسي.. إلخ.
أتذكر أنني في إحدي المرات تقابلت مع أم لها أكثر من طفل, ولاحظت أنها تهتم بأحدهم أكثر من الآخرين فسألتها لماذا تفعلين ذلك؟ فقالت لأنه ضعيف في البنية الجسدية, وهو في احتياج إلي اهتمام خاص أكثر من إخوته, لذلك طوبي لمن يعيش وصية اسندوا الضعفاء.
+ السيد المسيح:
كان السيد المسيح مثالا في مساندة الضعفاء جسديا, فكان من مظاهر حبه للناس ورحمته بهم, إذا رأي مريضا شفاه من مرضه مهما كان هذا المرض مستعصيا أو مستحيل الشفاء..
فيكتب عنه القديس متي: فلما خرج يسوع أبصر جمعا كثيرا فتحنن عليهم وشفي مرضاهم (متي14:14).
ومن ثم كان يهرع إليه المرضي بكل أنواع من كل مكان لينالوا الشفاء من أوجاعهم.
فيقول عنه الكتاب: وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم, ويكرز ببشارة الملكوت, ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب (مت4:23).
ومن أقوي الأمثلة كمساندة للضعفاء قصة شفاء مريض بيت حسدا (يو5), وحسدا بركة كان لها خمسة أروقة, وكان المرضي ينتظرون علي ضفافها, ملاكا ينزل يحرك مياه البركة.
وهذا الإنسان المريض ظل 38 عاما ينتظر من يدفعه إلي الماء متي حركها الملاك: يا سيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة متي تحرك الماء. بل بينما أنا آت ينزل قدامي آخر (يو5:7).
ونجد أن السيد المسيح بعد كل هذه السنوات جاء ليسأله سؤال أعجب ما يكون, فقال له: أتريد أن تبرأ؟ (يو5:6), وهنا رد عليه هذا المسكين قائلا: ليس لي إنسان, فخلال كل هذه السنين (38 عاما) لم يقابل إنسانا يعرف خدمة السند, ولا خدمة اسندوا الضعفاء!!
+ الرسل:
هذه القصة حدثت في القرن الأول الميلادي, فما أصعب قسوة الإنسان, ومازال هذا الصوت يرن مع كل ضعفاء العالم, فالإنسان يخسر كثيرا عندما لا يؤدي دوره في هذه الخدمة, ونسمع كثيرا في الكتاب المقدس أنه لم يكن للرسل دور تعليمي فقط ونشر الكرازة, بل وأيضا مساندة الضعفاء وشفاء أمراضهم:
1- بطرس الرسول:
كان يمد يده للمقعد عند باب الهيكل فيهبه القوة ويقيمه من ضعفه, فتتشدد رجلاه ليقوم ويمشي وذلك باسم يسوع الناصري: وكان رجل أعرج من بطن أمه يحمل, كانوا يضعونه كل يوم عند باب الهيكل الذي يقال له الجميل (أع3:2).
2- بولس الرسول:
صنع معجزات شفاء كثيرة, منها عندما كان في جزيرة مليطة, فشفي والد حاكم الجزيرة, فأتي إليه شعب الجزيرة فشفي مرضاهم (أع28).
مثل المقعد الذي أقامه بولس وبرنابا في لسترة: وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مقعد من بطن أمه, ولم يمش قط (أع14:8).