أمثلة من تاريخ الكنيسة
بعد أن تكلمنا عن القلب المتسع بأمثلة من الكتاب المقدس, سنتحدث الآن عن أمثلة من تاريخ الكنيسة.
* القديس أبومقار:
كان هذا القديس مدبرا في البرية, وفي أحد الأيام أتي إليه بعض الرهبان, ليشكوا له من راهب ينام في الكنيسة باعتبار أن الكنيسة ليس مكانا للنوم, بل مكان للعبادة واليقظة والصحو..
فتخيل معي ماذا سيفعل معه أبونا أبومقار؟ هل سيعطي له عقابا؟ أم قانونا؟ أم سيطرده؟ أم ماذا؟.. إن أبامقار بقلبه المتسع قال: اجري وأحضر له مخدة حتي يسند عليها رأسه!.
فلا يظن أحد, أن الرهبان بسبب معيشتهم في البرية أصبح لهم القلب الجامد أو القاسي! فالراهب كلما عاش بالروح في البرية, ازداد حنينا واتساع قلب, وكأنه يحمل آلام العالم كله في صلواته, رغم وجوده في البرية.
وتذكر أيضا القصص الرهبانية, عن راهب اتهم بخطية الزنا, فما كان من هذا القديس إلا أنه ذهب إليه وستر عليه! حتي أنه سمع صوتا من السماء يقول له: طوباك يا مقارة لأنك تستر عيوب الآخرين مثل خالقك, وقيسوا علي هذا أمثلة كثيرة..
قصص من الواقع
هناك قصة جميلة تحكي عن جنرال روسي, وذلك أثناء الحرب العالمية الثانية, حيث كان قائدا كبيرا, وفي إحدي المرات, وهو ساهر مع بعض قواده, لوضع خطة الحرب, وكان الجو شتاء, والبر قارسا, وعند الساعة الثالثة بعد منتصف الليل, وجد هذا القائد أن قواده العشرة قد أصابهم التعب والإرهاق, فأراد أن يشجعهم, فدعاهم إلي تناول العشاء في منزله, وتعجب القادة كيف يدعوهم, فأكد لهم هذا الجنرال علي دعوته, وأن زوجته سوف ترحب بهم جدا, وبالفعل أخذهم هذا القائد إلي بيته, ودخل إلي زوجته حيث كانت نائمة, فأيقظها وطلب منها إعداد الطعام لقواده.
ففوجئ بها تصيح بغضب شديد, ولكنه بدأ يهدئ من ثورتها, وعندما انتهت من صياحها وهدأت, قامت وارتدت أفضل ما عندها من ملابس, ودخلت ورحبت بهؤلاء القادة واجتهدت في أن تعد لهم المائدة..
وهذا هو القلب الواسع, فإنه برغم من خطأ الآخر أو عدم لياقته في التصرف, إلا أنها احتوت الموقف بقلب واسع, فما رأيكم إن كانت قد أصرت علي عدم النزول؟ سأترك الرد لخيال كل واحد منكم..
هناك قصة أخري, عن أم لها ولد وبنت صغيران وهم: جون وسالي, ففي أحد الأيام, وبعد أن قامت الأم بترتيب البيت, قالت لهما: سأذهب إلي السوق, فلا تفقدا المنزل ترتيبه, وبعد خروجها.. جون (9 سنوات) قال لأخته سالي (4 سنوات): تعالي لكي ما أقوم برسمك..
وأحضرا الألوان والورق, وجلسا علي الأرض للرسم, ولكم أن تتخيلوا ما سيحدث أثناء الرسم من فقدان البيت لترتيبه ونظافته, ولم يستيقظا من هذا الحلم الجميل, إلا وماما تفتح الباب!
فجمد الطفلان في مكانهما من الخوف! ودخلت ماما فوجدت عدم الترتيب والفوضي في المكان, ولكنها أدركت بحسها وبقلبها المتسع, أن جون كان يقوم برسم سالي فأخذت الورقة التي أمام جون, وقالت: هذه سالي.. ولكي ما تنزع الخوف من قلب هذا الطفل الصغير جون أخذته في حضنها, وقبلته, وأزالت عنه الخوف, وبالتأكيد هي لم تأخذه في حضنها فقط, بل أخذته في قلبها المتسع..
وجون هذا عندما كبر, صار فنانا عالميا, فسألوه كيف وصلت إلي أن تكون فنانا عالميا, قال هذه الإجابة الجميلة: قبلة أمي هي التي جعلت مني فنانا عالميا.
وإليكم قصة أخري.. في إحدي المرات كان يوجد مؤتمر عالمي حضره أربعون خادما وكاهنا, من أربعين دولة من أفريقيا وآسيا وأوروبا, وكانوا مجتمعين, حيث يجلسون في قاعة علي شكل مربع, كل ضلع به عشرة أفراد, والمحاضر في المنتصف.
وهنا وقف المحاضر وقال لهم: إن إدارة المؤتمر قررت أن تعطي مليون جنيه لأحد الخدام, ونريد أن نعرف ماذا سيفعل كل خادم بهذا المبلغ؟ فقال أحدهم: سأبني به مدرسة في منطقة خدمتي, وآخر قال: سأبني مستشفي صغيرا.. وآخر قال: سأعمل طريقا بالأسفلت إلي مكان القرية التي أخدم بها وهكذا.. حتي جاء دور أحد الخدام, فقال: إن كانت إدارة المؤتمر قد قررت أن تعطي المؤتمر مليون جنيه, فأنا سآخذ هذا المبلغ, وأقوم بتقسيمه علي جميع الموجودين حتي يفرح الجميع مخدوميهم, وكانت هذه هي الإجابة المقبولة, والتي تدل علي القلب المتسع.
ومن القصص الجميلة أيضا: إنني عندما كنت في زيارة أرمينيا, وجدتهم يقدمون رمانا في وجبة الفطار, وكذلك في وجبتي الغداء والعشاء, حتي عندما أرادوا أن يقدموا لي هدية كانت علي شكل رمانة.
فتعجبت وسألت: لماذا الرمان بالتحديد؟! فقالوا إن الرمان هو الفاكهة الرئيسية لنا, وشكل الرمانة يعبر عن شكل الكنيسة, وشكل قلب الإنسان.
فالغلاف الخارجي يشبه الغلاف الخارجي الذي كان علي خيمة الاجتماع قديما.
والحبوب الداخلية هي حبوب مليئة بالعصير الأحمر, الذي يرمز لدم المسيح, الذي يهبنا الثبات والحياة في المسيح.
وكل حبة بها بذرة صغيرة, وهي ترمز للإيمان, وحبوب الرمان نجدها مرصوصة بجانب بعضها رصة بديعة ومتجاورة, فلا يوجد بها فراغات.
والأجمل من ذلك هو القشرة البيضاء التي نجدها بداخل الرمانة علي كل مجموعة من الفصوص, وهي ترمز إلي المحبة البيضاء النقية, التي تربط الجميع.
والرمانة كلها تمثل قلب الإنسان, الذي يجب أن يتسع للعديد من البشر.