أن قضية الفداء والخلاص هي محور … إيماننا ونقطة الارتكاز في عقيدتنا بدونها لا نستوعب السبب الذي من أجله تجسد ابن الله.
فبالقيامة تحققت مواعيد الله والقائم من الأموات أفتقد الخليقة كلها في قيامته فمن هو الإنسان حتي تذكره وابن آدم حتي تفتقده وتنقصه قليلا عن الملائكة وبمجد وبهاء تكلله.
(مز 8: 4 ـ 5)
بالقيامة استرد الإنسان ما كان قد فقده … حينما خلقه الله علي شبهه ومثاله في الطهاره والقداسة… والبر… ولكن الخطيئة شوهت الخلقة الجميلة… فتجسد كلمة الله ليعيد للإنسان ما فقد منه بالعصيان… كما نصلي في القداس الإلهي… أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست وشابهتنا في كل شيء ما خلال الخطيئة وحدها.
لأنه كما في آدم يموت الجميع, هكذا في المسيح سيحيا الجميع (1كو 15: 22)
القيامة حققت مواعيد الله
بالقيامة تحققت مواعيد الله
وعرف الإنسان أنه يوجد حياة أخري بعد الموت… ويوجد ملكوت سماوي وحياة أفضل هو الأزلي… الذي ظهر في ملء الزمان وأخذ جسدا من السيدة العذراء… وقدم الفداء علي الصليب من أجل البشرية الساقطة.
ومن أجل الذين يسمعون صوته… ويعرفونه… ويعملون بوصاياه حتي يتحقق لهم فيه الحياة الأبدية.
القيامة أفرزت أمام الله الأخيار من الأشرار… وفرقت بين النور والظلمه… وردت للبشرية سلامها… وكرامتها… ورسمت للمؤمنين طريق الآلام.
وكما كانت الآلام المبرحة علي الصليب… لكان سرعان ما هلت القيامة بأمجادها.
فقبول القيامة تحول الحياة من الضعف إلي القوة… ومن اليأس إلي الرجاء… ومن الخوف إلي الشجاعة… ومن الذاتية الإنسانية إلي البذل من أجل الآخرين.
فاتحادنا بالقيامة… يجعل لنا كل ما هو له فهو لنا… بالميراث الأبدي… فننال فيه وبه سر شركتنا معه… وننعم بالحياة الأبدية والخلود.
القديس يوحنا ذهبي الفم يقول
جاء الموت بآدم… وتحقق الخلود بالمسيح… لأنه كما خضع الكل بالطبيعة للموت بواسطة آدم… فبالنعمة ينالون القيامة بالمسيح يسوع… فهي علاج إلهي لسقوطنا… فأصبحت القيامة طريقا جديدا في حياة الإنسان.
طريقا يبدأ من هنا علي الأرض في جهاد روحي… حتي يتحقق الملء للإنسان في السماء… متمتعا بالمواعيد الإلهية التي فجرتها القيامة مانحه الأجر السمائي عن كل ما يقدمه الإنسان من صلاح… وتقوي علي الأرض كما قال السيد المسيح في سفر الرؤيا.
وها أنا آتي سريعا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله طوبي للذين يصنعون وصاياه لكي يكون سلطانهم علي شجرة الحياة (رؤ 22: 12ـ 14)
القيامة فرحت البشرية كلها
فرحت البشرية فرحا روحيا بخلاص المسيح له المجد الذي قدمه علي الصليب… لأنه قام من الأموات بقوة لاهوته منتصرا… غالبا الموت بقيامته… مانحا الحياة للذين رقدوا علي رجاء الخلاص.
وهذه هي البشارة التي أتت من السماء بميلاد السيد المسيح له المجد واوضحت هدف تجسده لفداء البشرية… وسرت البشاره المفرحه للخليقة منذ الميلاد وإلي القيامة حتي مجيئه الثاني حينما ظهر ملاك الرب وأتي ببشارة فرح للبشرية في إنجيل معلمنا لوقا.
لا تخافوا! فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب. (لو 2: 9 ـ 11)
فتم المكتوب لخلاص البشرية بالقيامة… وصار الفرح بالمخلص المسيح الرب فحينما خاف التلاميذ من اليهود بعد حادث الصلب… واعتقدوا أن رجاءهم انقطع وأحلامهم تبددت وعم الحزن قلوبهم… ولم يصدقوا ما قاله الرب عن نفسه قبل الصلب ابن الإنسان سوف يسلم إلي أيدي الناس فيقتلونه, وفي اليوم الثالث يقوم.
فحزنوا جدا (مت 17: 22ـ 23)
فالقيامة أوجدت الفرح في الكنيسة وحينما قام الرب فرح التلاميذ بالقيامه المقدسة كما جاء في إنجيل معلمنا يوحنا.
ولما كانت عشية ذلك اليوم, وهو أول الأسبوع, وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود, جاء يسوع ووقف في الوسط, وقال لهم: سلام لكم! ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه, ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب. (يو 19: 20 ـ 20)
القيامة أوجدت الفرح للبشرية بفتح الفردوس الذي حرم منه الإنسان وطرد بعد السقوط كما قال السيد المسيح للص اليمين
الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس. (لو 23: 43)
القيامة زرعت المغفرة للبشرية عن طريق وكلاء المسيح… وأعطي السيد له المجد سلطان غفران الخطايا للآباء الرسل فسري السر المقدس في الكنيسة عبر الأجيال… وفتح باب الرجاء إلي آخر لحظة في حياة الإنسان… بممارسة سر الاعتراف والتوبة كما ورد بالإنجيل بعد قيامته المقدسة… ظهر للتلاميذ.
فقال لهم يسوع أيضا: سلام لكم! كما أرسلني الآب أرسلكم أنا.
ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له, ومن أمسكتم خطاياه أمسكت (يو 20: 21 ـ 23)
فأعطي الكهنوت المانح للعطايا الغافر للخطايا… بنعمة الروح القدس المعطاه… ففرحت البشرية بهذا السر المقدس… لأنه لم يكن موجودا من قبل القيامة فبالقيامة صارت الفرحة التي تجاوزت حدود العقل والتعقل… فقد مضي زمان النوح والحزن والكآبة.
إذا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة: الأشياء العتيقة قد مضت, هو ذا الكل قد صار جديدا. (2كو 5:17).
وبقيامته المقدسة.. أوضح جليا.. ملكوت السموات.. وما يكون عليه الإنسان لأن ليس ملكوت الله أكلا وشربا, بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس (رو 14:17).
فالقيامة مصدر الفرح الروحي ونبعه وهذا الفرح إنما يغطي علي الآلام… وإن كانت الآلام تعتصر الإنسان المؤمن يعتبرها فرح في المسيح… فرح من أجل الكرازة… فرح في كل ما يأتي عليه بسماح من الله.
فالقيامة بدلت كل أمور العالم المقلقه إلي أفراح في المسيح القائم من الموت قيامة ربنا يسوع المسيح زرعت فينا الإيمان بصدق المواعيد والفرح الدائم فيه… إذ بها استعلنت للإنسان.
تلك القوة الجديدة التي يغلب بها طبيعته القديمة… وينتصر بها علي الموت وعلي سلطانه يستطيع أن يحيا فيما لله في أحسن صورة برباط عجيب… روابط الحب التي ربطنا بها الله القائم من الأموات.
فلنعيش أفراح القيامة… وأمجادها ضاحدين شهوات العالم… حاملين فرح القيامة بتهليل أرواحنا بكل عمل صالح… وبكل خير نقدمه من أجل الله المحب الذي بذل ذاته ومات علي الصليب… وأمات الموت بقيامته… وغفر لصالبيه ووهب لنا المصالحة بقيامته المقدسه.
فكل واحد فينا يصالح نفسه مع الله بالابتعاد عن شرور العالم… ويسلك في نور القيامة المقدسة… ويحمل نورها للآخرين… ويكرز بالمواعيد السماوية… ويبعث الفرح والرجاء في قلوب كل من يتعامل معهم.