اليوم تبتهج كل الملائكة, وتفرح كل القوات السمائية لأجل خلاص كل الجنس البشري, فإن كان هناك فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب, فبالأولي كثيرا يكون هذا الفرح بخلاص كل البشرية, بقيامة المخلص من بين الأموات.
اليوم تحررت البشرية من قبضة الشيطان,وأعيد الإنسان إلي رتبته الأولي, إذ أن المسيح انتصر علي الموت. إنني لا أخاف بعد ولا أرتعب من الحروب الشيطانية, ولا أنظر إلي ضعفي, لكنني أتطلع إلي قوة ذاك الذي صار لي سندا وعونا, أتطلع إلي ذاك الذي هزم الموت ونزع طغيانه, اليوم يسود الفرح والابتهاج الروحي كل المسكونة.
يقول القديس العظيم يوحنا ذهبي الفم مؤيدا ذلك:لقد بلغنا الاحتفال الخلاصي الذي كنا نشتهيه.إنه يوم قيامة السيد المسيح,يوم السلام والمصالحة اليوم الذي بطل الموت وانهزم الشيطان في هذا اليوم انضم البشر إلي الملائكة اليوم يقدم البشر تسابيحهم مع القوات الروحيةاليوم أبطلت أسلحة الشيطان, وانفكت قيود الموت, وأبيد جبروت الجحيم.
اليوم سحق ربنا يسوع المسيح الأبواب النحاسية,وأزال شوكة الموت, اليوم نستطيع أن نقول مع النبيأين شوكتك يا موت, أين غلبتك يا هوية (1كو15:55).
لقد غير حتي اسم الموت, فلا يدعي بعد موتا, بل نوم ورقاد,كان غيم الموت مخيفا قبل ميلاد المسيح وصلبه وقيامته,لأن الإنسان الأول عندما خلق سمعيوم تأكل من هذه الشجرة موتا تموت(تك2:17), وداود النبي يقول الشر يميت الإنسان(مز34:21), كما كان انفصال النفس عن الجسد يدعي موتا وهاوية, ويقول يعقوب أبو الآباءتنزلوا شيبتي بحزن إلي الهاوية (تك42:38), وإشعياء يقولوسعت الهاوية نفسها وفغرت فاها بلا حدود (إش5:14),وأيضالأن رحمتك عظيمة نحوي, وقد نجيت نفسي من الهاوية السفلي(مز85:12).
والقيامة أيضا أصدقائي وأحبائي هي صبر القديسين إنهم يحتملون في سبيل حبيبهم كل شيء لأنهم مقيمون في فرحة, أنهم ينكرون منافع لهم في الأرض ويتقبلون القهر وأن يداسوا لكونهم أن أحدا لا سلطة له علي سلامهم. وستبقي البشرية هكذا يميت بعضها بعضا ويستعبد بعضها بعضا, ولا تبدوا سيادة المسيح وهو لم يقل أنه منتصر في أزمنة الناس, فلقد أمر بأن يبشر
بإنجيله في الخليقة كلها, ولكنه لم يوح بأن البشرية في اتساعها أو عمقها ستقبل البشارة, ولكن يبقي للأبرار في الظلام العميم فصح يذوقونه.
يقول معلمنا بولس الرسول:إن كنتم قد قمتم مع المسيح, فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله, اهتموا بما فوق لابما علي الأرض(كو3-2,1), فالسؤال الذي يتبادر فورا إلي الذهن ماذا يقصد الرسول بما فوق؟ من منا صعد إلي فوق لكي يعرف ما هي ظروف هذه الحياة الفوقانية؟ أو ما هي الاهتمامات التي ستكون لنا فيما فوق؟ فالقيامة أصدقائي والخليقة الجديدة, حقائق تتجاوز إمكانيات الإنسان العائش في هذا العالم, ولكن نستطيع بسهولة أن نتحسس حقيقة الخليقة الجديدة أو ظروف القيامة, إذا ما اعتبرنا أن القيامة في جوهرها أو في صميمها كانت هي استعلان نتيجة ذبيحة الرب يسوع المسيح علي الصليب,المسيح قدم نفسه علي الصليب من أجل إبادة الموت وإعطاء الحياة للبشرية كلها.
إذن القيامة أصدقائي جعلتنا في مستوي لا يقل عن القوات الروحية, مع أننا موجودون في الجسد, إذن فلنفرح كلنا ونبتهج, لأن هذه النصرة نصرة المسيح علي الموت, هي نصرة لنا لأنه صنع كل هذا لأجل خلاصنا بالقيامة اكتسبنا خيرات غير محدودة, بالقيامة انتزعت شوكة الموت, لذلك القيامة تجعلنا لا نتمسك بالحياة الحاضرة, ونشتهي بكل قلوبنا خيرات الدهر الآتي. يذكر لنا المطران الجليل جورج خضر في كتابه الروح والعروس.لقد قفز يسوع فوق الأزمنة كلها واختزلها في يوم فصحه, هذا الذي لم يكن قبله شيء لن يكون بعده شيء وهذا يعيدنا إلي كلام الرسول الذي قال في رسالته إلي أهل غلاطية:لما حان ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة فبتجسده هذا اكتمل في القيامة, جاء الملء وبتنا في الملء وليس لنا أن نشتهي شيئا آخر إذ لا يضاف شيء علي هذه القيامة.
ولهذا بطلت الخطية, ولذلك:احسبوا أنفسكم أمواتا عن الخطيئة ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا, قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات, وأنتم علي ذلك قادرون, فقد أقامت حياة المسيح فيكم, اطلبوا هذه القيامة فيكم بالتوبة الدائمة, وبهذا يصير عالمكم جميلا جديدا, وتثبتون في الحق ويأخذ الناس عنكم الحياة, فالذي خرج من القبر ظافرا يترجم ظفره فيك حلاوة في نفسك.. فصحك عند ذاك, يكون ممتدا طوال العمر.
القيامة هذه دعوة النصر ودعوة الفرح, ولكنها أيضا دعوة اليقظة حتي لا نعود نستعبد للخطية, لا يبطل الجهد بالفصح ولا نضعف في محاربتنا للشيطان, الفرح لا يعني إهمال الوعي, الفصح عيد الوعي بامتياز, المسيح قام رجاؤنا إليه أن يجعلنا في كل حين مغتسلين بضيائه وبنور قيامته الوضاءة المنعكسة علي النفس القيامية.
ومن هنا يحثنا القديس يوحنا ذهبي الفمليتنا نشترك إذن في هذا العيد العظيم والبهي, أي في قيامة ربنا, ليتنا نعيد له بالفرح والتقوي معا, لأن الرب قام وقامت معه كل المسكونة,قام المسيح ومزق رباطات الموت, وبينما أخطأ آدم ومات بسبب الخطية, فإن المسيح لم يخطئ ولكنه مات, هذا الحدث عجيب ومدهش, لقد حدث هذا لكي يستطيع ذاك الذي أخطأ وماتآدم أن يتحرر من قيود الموت بمعونةالمسيح الذي مات دون أن يخطئ.
القيامة بهذا المعني حالة, كانت حدثا مرة واحدة لتصبح حالة, شيئا يدوم فيك ويجعلك إنسانا جديدا, لا تخف هو القائل:ثقوا أني غلبت العالم والعالم عالم الشهوة والأطماع والأحقاد هذه تسيطر علي الدنيا, فانتبه صديقي أنت قادر أن تقضي عليها بنعمة قيامة المسيح, انقل الفصح إلي قلبك فتفرح فرحا أبديا, وتفرح بالذين تعزوا مثلك بيسوع وتكونون معا كنيسة القيامة أي جماعة من الناس يعيشون بالرجاء بمعرفتهم أن المسيح يأتي إليهم ببهائه ليزيل عنهم كل قبح,فإذا قلت اليوم:المسيح قام, افهم أنك لا ترنم فقط ترنيمة, ولكنك ترجو أن تكون نفسك قائمة معه وقائمة به, ألا تنهزم أمام الصعاب والحروب الروحية يعني أنك عزمت أن تصبح إنسانا قياميا.
المسيح قام وكل شيء جديد, المسيح قام ونحن قد حيينا, المسيح قام والحياة أشرقت من القبر, دحرجوا لنا الحجر لنحيا معه في قيامته.
يا فرحي المسيح قام.. بالحقيقة قام
إخرستوس آنستي… أليثوس آنستي