(1): شيء جديد يفيدك
حكي لي أحد كبار العاملين في شركة صناعية ضخمة:
اعتدنا أن نخرج من كل اجتماع يعقده رؤساء مجالس الإدارة الحاليون ونحن راضون. من سبقوهم كانوا يعطون لأنفسهم حق الحديث, ولا يسمحون لأحد منا أن يتحدث إلا إذا كان سيؤيد وجهة نظرهم.
لذلك لم تتقدم شركتنا ألا عندما تم تعيين رئيس مجلس الإدارة الحالي. إنه يتركنا خلال الاجتماعات نعبر بحرية عن أفكارنا ووجهات نظرنا, ولا يفعل إلا أن يكتب ملاحظات حول كل ما نقول. وفي نهاية الاجتماع, يلخص كل ما قلناه, لكنه يلخصه بطريقة يقصد بها أن يشعرنا جميعا أن الرأي الذي يوافق عليه هو رأينا جميعا. ومنذ اتبع هذا الأسلوب تقدمت شركتنا تقدما واضحا.
وأضاف صديقي: لقد سألت رئيس مجلس الإدارة الجديد عن سر تمسكه بهذا الأسلوب الناجح فقال لي: إذا تكلمت فأنت تردد ما تعرف, أما إذا أصغيت إلي غيرك, فلابد أن تتعلم شيئا جديدا يفيدك ويفيدهم.
(2): شكوي الغزال
كانت حيوانات الغابة تعرف أن الرجل صاحب اللحية البيضاء, الذي يعيش عند طرف الغابة, قادر أن يقدم كثيرا من الخدمات السحرية لأصدقائه من الحيوانات.
ذات يوم ذهب إليه الغزال وقال: الإنسان يقسو علينا, والحيوانات المتوحشة تفتك بنا, هل يمكن أن تساعدني؟
قال الرجل العجوز: سأعطيك أسنانا حادة تشبه أسنان النمر, ومخالب قوية مثل مخالب الأسد, وبذلك تستطيع أن تخيف باقي الحيوانات.
أجاب الغزال: وظيفة هذه الأسلحة الاعتداء علي الأبرياء وأنا لا أريد هذا كما أن كثيرا من الحيوانات التي أحبها ستخاف مني وتهرب عندما تعرف باقترابي.
قال العجوز: إذن سأعطيك كميات من السم تستعملها مثل الثعبان.
أجاب الغزال: لكنني لا أطيق قتل أي إنسان بالسم.. سأموت حزنا لو فعلت شيئا مثل هذا.
قال العجوز: إذا كنت ترفض مثل هذه الأسلحة, فتوقف عن الشكوي مما يحيط بك من أخطار.
قال الغزال: لقد اعتدت أن أكون سببا في خير الآخرين, ولن أستطيع أن أكون سببا في إيقاع الأذي بهم.
ثم عاد إلي قطيعه, وهو يشعر بالرضي عن قدراته وحياته.
(3): نترك لها حق الاختيار
كانت حفيدتي الصغيرة ترفض أن يأمرها أحد بشيء أو يمنعها عنه.
وقد وجدنا أن أفضل شيء في معاملتها, أن نقلل من الأوامر ما نستطيع, فكنا نحاول كلما أمكن أن نترك لها حق الاختيار في كل طلب نطلبه منها, فنقول لها:
أي يديك ستغسلين أولا, اليمني أم اليسري؟ هل تلبسين جوربك, أو ألبسك أنا إياه؟
وبهذه الطريقة استطعنا أن نجد استجابة سريعة لكل ما نريد منها!! فقد جعلناها تفكر وتختار, وتشارك في اتخاذ القرار, بدلا من تلقي الأوامر وتنفيذها بغير اقتناع بما نطلبه منها.
(4): عمل واحد في الوقت الواحد!
لاحظت الأم أن ابنها, الذي يستعد لامتحان الثانوية العامة, تبدو عليه مشاعر القلق والارتباك. وعندما سألته, أشار إلي كوم الكتب الدراسية, وقال: متي أنتهي من هذا كله؟
قالت الأم: اسمع ياابني… إنني أريدك أن تنظر إلي حياتك كأنها ساعة رملية زجاجية, مثل تلك التي استخدموها قديما لتحديد الوقت.
إن هناك آلافا من حبات الرمل توضع في النصف العلوي من هذه الساعة, فتمر واحد بعدة أخري في نطاق دقيق من خلال الرقبة الضيقة إلي النصف الأسفل. ولا أحد يستطيع أن يدفع, في الوقت الواحد, بأكثر من حبة رمل واحدة إلي عنق الزجاجة, وإلا أصاب الخلل الساعة.
وأنت وأنا والناس جميعا مثل هذه الساعة الزجاجية. فعندما نصحو في الصباح, نجد مئات الأعمال في انتظارنا فرذا لم ننجز هذه الأعمال واحد بعد الأخري, كل عمل في دوره وعلي حده بقدة وانتظام, كما تنزلق حبات الرمل من عنق الساعة الزجاجية, فإننا نعرض حياتنا وعقولنا ونفوسنا لخطر الارتباك والانهيار والتحطيم…
وسكتت الأم قليلا, ثم أضافت: تذكر دائما: حبة واحدة من الرمل في الوقت الواحد.. عملا واحدا في الوقت الواحد, فتنتظم حياتنا…
بقلم: يعقوب الشاروني
رائد أدب الأطفال
emailL [email protected]