(1) : المكان الذي به حب
علي شاشة الإنترنت, قرأت أن سيدة رأت أمام بيتها ثلاثة رجال, لكل منهم لحية كبيرة بيضاء. قالت لهم: تفضلوا معي, ففي البيت طعام يكفينا. قالوا: نرجو أن يوافق زوجك أيضا علي استضافتنا. ودخلت الزوجة واستأذنت زوجها.
وعندما عادت قال لها أحدهم: لن ندخل البيت معا. وأشار إلي زميله وقال: هذا اسمه الثروة, والثاني اسمه النجاح, أما اسمي فهو الحب. عودي إلي زوجك, واختاروا واحدا منا يدخل بيتكم.
وعندما نقلت المرأة إلي زوجها ما سمعته, قال في سعادة: هيا ندعو الثروة إلي الدخول. لكن زوجته قالت: لماذا لا ندعو النجاح؟.
وكانت لهم ابنة شابة سمعت هذا الحوار, فقالت: من الأفضل أن ندع الحب يدخل. قال الأب: ابنتنا تعرف من شئون المستقبل أكثر مما نعرف. سنأخذ بنصيحتها.
وعندما خرجت الأم لتدعو الحب, تقدم نحو البيت, وتبعه أيضا الثاني والثالث. عندئذ قالت لهما السيدة في دهشة: لقد دعوت الحب وحده, فلماذا تدخلان أنتما أيضا؟ هنا قال الرجال الثلاثة: لما كنتم قد اخترتم الحب, فحيثما يذهب نذهب معه. ففي المكان الذي يوجد به حب, يوجد أيضا النجاح والثروة.
(2) : حب الناس أقوي
تقول الأسطورة المصرية القديمة, إن إيزيس الحكيمة واسعة المعرفة, قد اكتشفت بذور القمح, وأهدتها لزوجها أوزوريس, لكي يعلم شعب مصر زراعة القمح, وكيفية طحنه لصنع الخبز.
وبهذا كانت مصر أول بلاد العالم في معرفة فن الزراعة, وفن اكتشاف الخبز, الذي هو أساس غذاء الإنسان في كل مكان.
وانتشر الخبز في أرجاء البلاد, وعاش أهل مصر حياة كريمة في ظل أوزوريس.
وكان أخوه ست, حاقدا وغيورا من نجاح أوزوريس وحب الناس له, فأخذ يدبر المكائد له, ويشعل نيران التمرد بين الناس.
لكن حب أهل مصر لأوزوريس, كان أقوي من كل محاولات ست للتخلص منه.
هذه حكاية عمرها أكثر من خمسة آلاف سنة.
(3) : يرفع وينفع في الدين والدنيا
قال أبويوسف, تلميذ الإمام أبي حنيفة: توفي أبي وتركني صغيرا في حجر أمي, فسلمتني إلي صباغ ليعلمني صناعة الصباغة, فكنت أترك دكانه, وأذهب إلي حلقة درس أبي حنيفة لأستمع إليه, فكانت أمي تجيء خلفي, وتعيدني إلي الصباغ.
وكان أبو حنيفة يهتم بي, لأنه رأي مواظبتي وحرصي علي التعلم, لكن أمي ذهبت إليه وقالت: لم يفسد هذا الصبي غيرك. إنه يتيم لا يملك شيئا, وأنا أغزل الخيوط بمغزلي لكي نجد ما نأكله, وأريده أن يتعلم صنعة ليعول نفسه.
فقال لها أبو حنيفة: ونحن نعلمه هنا لكي يأكل الفالوذج -المهلبية- بالفستق والزبد.. فتركتنا.
وحرصت علي دروس أبي حنيفة, وكان ينفق علي احتياجاتي من ماله, فنفعني الله بالعلم, ورفع شأني حتي أصبحت قاضيا, أجلس مع الخليفة هارون الرشيد وآكل معه.
وفي أحد الأيام قدم لي الخليفة فالوذجا بالفستق والزبد, فضحكت, فقال لي: ما الذي يضحكك؟.
فأخبرته بالقصة كلها, فعجب من ذلك وقال: سمن المؤكد أن العلم يرفع ويدفع في الدين والدنيا, وأبو حنيفة كان ينظر بعين عقله ما لا يراه بعين رأسه.
يعقوب الشاروني
Email: [email protected]