من القدم لم تكن المناهج الدراسية العربية تعطي للعقول العربية وأقصد هنا الدول التي تحمل لقب عضو في الجامعة العربية وهي الشركة القديمة والتي تعد من أقدم التكتلات القديمة الحديثة حيث أنشئت في 22 مارس 1945 أي قبل إنشاء الأمم المتحدة وكان للجامعة العربية منظور بنيت عليه وهو حماية الموارد والحدود واستمرار أمان الدول العربية, ولقد كانت المناهج الدراسية التعليمية في كل الدول العربية تعطينا فقط صورة لحدود الدول العربية وكذلك الموارد التي تشتهر بها كل دولة من موارد طبيعية من مياه عذبة وبترول ورعي وتربية ثروة حيوانية وزراعة المحاصيل ونوعية الحرف التي تمتاز بها وكذلك الصناعة والتجارة والصادرات وأيضا الواردات وعدد السكان ولغتهم لدي كل دولة. ولم تكن هناك بيانات متاحة لدي الغرب إلا حديثا بداية من السبعينيات وظهور الخرائط العربية والأفريقية الواضحة والبعيدة عن المعلومات السطحية.
ويأتي القصور الذي لم يشرح أو يوضح لنا كعرب ونشأ في الأجيال المتعاقبة أهمية التكتل الذي يسمي الجامعة العربية وكيف أن الشروط والأهداف التي وضعت لتأسيسها كانت مصلحة وأمن وسلامة الوطن العربي بما تحمله تلك الكلمات من أرض وعرض وزرع وماء ومورد ولم يفطن أحد من الرؤساء أو الملوك العرب الذين كانو يتبادلون رئاسة الدورة تلو الأخري دون أهداف تراعي بناء عقول عربية لديها ثقافة إدارة الاقتصاديات العربية وربطها من أجل تحقيق نوعية الاكتفاء الغذائي أو الزراعي أو الحيواني إلخ.. أو تقريب الأهداف من أجل البحث في منظور القومية العربية بشكل تكامل عسكري أو غيره غير أنني أجد أن الباحث الدوار في الأسباب الخفية في عدم تطبيق أو تحقيق أي من أهداف الجامعة هو اختراق الغرب المستعمر لمعظم الأراضي العربية واستباحة ملكيتها وهبتها لمن شاء وتحررت الشعوب العربية الواحد تلو الآخر, ولكن ظل الاستعمار الغربي يري التبعية في المناهج واللغة والسياسة والصناعة وأصبحت بيوت القيادات العربية ترسل أبناءها وأولادها إلي الغرب من أجل دراسة المناهج الغربية التي تبين مدي التفوق والقدرة المعلوماتية للغرب بل وتمنحهم التبعية للغرب والتواصل معهم علي أنهم أصحاب المناهج الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
وتناسي هؤلاء الذين أصبحوا اليوم رؤساء للجامعة العربية أنهم من أهدروا النفع من أهداف الجامعة العربية ويستثني من هذا الفكر الراحل الزعيم الواعي البكباشي عبدالناصر الذي وضع منظور القومية العربية من أهداف تأسيس الجامعة العربية, ولجأ إلي تكتل عربي سياسي عسكري يستطيع أن يحمي الأمة العربية من تشوهات الأقدار ولم تترك لعقول الأمراء والملوك والرؤساء الذين ربوا أولادهم علي فكر ملكية الاستعمار وتبعيته, وظهرت بوادر الترابط العربية في حرب أكتوبر وتأثير القومية الذي لم يبد كبيرا حتي بعد الحرب ثم اضمحل وتباعدت الدول العربية بسبب معاهدة كامب ديفيد والتي فسرتها كل دولة بمنظور التبعيات ولم تستغل الفرصة لوقف الصراع العربي الإسرائيلي والذي اختلفت فيه قواعد اللعبة ولم تقتصر علي مجرد احتلال لأراض عربية, وانشغلت الجامعة وأعضاؤها دائمو الشجب أو التنديد بإهانة الكيان الإسرائيلي.
ومن وراء الستار تظهر مخططات أكثر فتكا من العتاد العسكري والصواريخ عابرة القارات بل لجات إلي تصنيفات حديثة وتوجهات باستخدام آليات التكنولوجيا السيبرانية التي تخطط وتصل إلي كل شبر من الأراضي والتوجهات والعقول المتطرفة والعنصريات البشرية وتستخدم آليات ومحاور فنون الخروج بالأفكار الهدامة والإرهاب الأسود وتدعم الحركات الإرهابية في محراب السيبراني وتشجب وتندد وتهدد علي شاشات الإعلام الظاهري.
إن ما يحدث علي قطعة الشطرنج للمربعات ذات اللون الأسود والتي تشمل مخططا سيبرانيا لاحتلال هذه الدولة والتي أصبحت سوداء ولا يوصي بها لأن من فيها تم احتلال عقله من خلال أهدافه وتبعيته لعشيرته وأهله من المتأسلمين أي المتشيعين أو المتأخونين أو البعثيين أو الحوثيين أو المتحزبين بعباءة الله وينتشر هؤلاء إلي كل المربعات السوداء التي تم تحديدها أقصد هنا الدول العربية فقط وتبدأ التقاتل والتناحر وشراء السلاح وتقاسم الحكومات وتغيير الحدود داخل حدود الدولة الواحدة وتنشغل الدول المجاورة ذات المربع الأبيض ويشمل الدول التي تعاني عدم استقرار بسبب ما تصدره الجارة العربية من اقتتال وإرهاب ويدخل مستباحا ويخترق شوارعها من أجل أن تدمر تلك الاقتصاديات وقد تلجأ بعض هذا الدول ذات المربعات البيضاء إلي الاستعانة بالغرب كي تقضي علي المربع الأسود أقصد جارتها من الدول العربية, والأكثر فتكا هو استخدام بعض الدول العربية لتدمير جارتها والمساعدة بالمال والعتاد لاختراق جيرانها وإحداث ونشر الإرهاب في ربوعها.
والغريب وسط كل ذلك يبقي العرب في غفلة من تقليص الاحتلال للأراضي في فلسطين وبناء المستوطنات الإسرائيلية عليها يوما بعد يوم دون أي انتباه أو مقاومة تذكر, والأكثر من كل ذلك غرابة استخدام وسيلة جديدة بعد القضاء علي حركة التطرف الإخوانية والتي وجدت دعما غربيا وإسرائيليا وقطريا وتركيا وأمريكيا وأوروبيا ولكن العقل والقلب الوطني المصري العربي المخلص قطع أرجل الأخطبوط الإخواني ليس في مصر فقط بل في كثير من الدول والبلدان, ولم تترك الأيدي الخفية والظاهرة لكل الشعوب العربية الدول العربية ذات المربعات البيضاء كي تأكل شعوبها بل وجهت إليها الحيل والمكايد واستخدمت السيستانية وولاية الفقيه لاختراق التشييع في كثير من الدول العربية ولم تترك حتي لبنان واليمن والبحرين وسلطنة عمان والعراق والكويت والسعودية.
وباتت أيام وليال العرب تحمل في طياتها الحيل والوسائل التي تخطط لابتزاز العرب فتارة يدفع العرب المليارات للغرب بحجة محاربة الإرهاب وتارة بحجة حماية ممر الملاحة لناقلات البترول من الأتراك في سواكن علي البحر الأحمر وتارة أخري لحماية ناقلات البترول في بحر العرب من الإيرانيين وبين ذاك وتلك تدفع الشعوب العربية من أرصدتها وتضعف مواردها الاقتصادية يوما بعد يوم.
ولكن إلي متي يغلق القادة العرب السمع والعين ولقد وجهت القيادة السياسية المصرية كثيرا من النداءات كي نطبق أهداف الجامعة العربية في إقامة تكامل عربي اقتصادي وكذلك قيادة عسكرية عربية مشتركة تسطيع أن تحرر الأراضي العربية وظهر الأمل في دعوة مصر إلي الجامعة العربية بأخذ التدابير اللازمة لوقف المد الشيعي للحوثيين في اليمن وظلت الاجتماعات للخروج بجيش عربي عسكري لولا التدخلات القطرية المسمومة والتي كانت تهدف إلي إفشال التكامل العسكري وانتهت الاجتماعات إلي مربع الصفر وبقيت المربعات السوداء تزداد يوما بعد يوم وربما العشر سنوات القادمة قد تكون الفيصل في أن تعود الأمة العربية أو لا تعود.