* المستشفي أسسه الأقباط في بدايات القرن العشرين.. وأممته الدولة في عام 1964
* القيمة الإجمالية لنفقات البناء والتأسيس بلغت سبعين ألف جنيه
* تبرعات بابوات الكنيسة ساهمت في إنجاح المشروع
* البابا كيرلس الخامس يتبرع بإنشاء كنيسة بالمستشفي
* مركز الرجاء القبطي بنيروبي الأول عالميا في علاج الإيدز
* المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث أسس المستشفي القبطي في كينيا
* الجمعية الطبية القبطية في كينيا تسهم في تطوير المستشفي القبطي
* أول مستشفي وطني في مصر يعاني من الإهمال والتهميش
في يوم 8 ينايرعام 1881 اجتمع بمنزل عريان أفندي مفتاح بالأزبكية ثلاثون قبطيا, وحضر معهم كل من فضيلة الشيخ محمد عبده (1849-1905) وهو أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي, وفضيلة الشيخ محمد النجار, وعبدالله النديم (1842-1896) كان كاتبا وشاعرا فقيها ولقب بخطيب الثورة العرابية وأديب زالماتيان (1856-1885) وهو أديب وشاعر وصحفي كبير من عائلة أرمنية, واتفقوا جميعا علي تأسيس أول جمعية قبطية في مصر باسم جمعية المساعي الخيرية القبطية, وألقي عبدالله النديم خطبة تاريخية في هذا الاجتماع, أكد خلالها علي أهمية هذه الخطوة التي تشهدها البلاد للمرة الأولي في تاريخها الحديث, مؤكدا أيضا علي دعمه لروح الترابط الوطني والمحبة التي تجمع أقباط مصر ومسلميها, ومشاركتهم المادية والوجدانية لخروج هذه الجمعية إلي النور لتحقيق هذا الهدف السامي, وانتخب المجتمعون سعادة بطرس باشا غالي رئيسا للجمعية, فكان هو أول رئيس لجمعية خيرية قبطية في مصر, ثم تغير اسمها بعد ذلك لتصبح الجمعية الخيرية القبطية الكبري بالقاهرة, وبعد مرور ما يقرب من 25 عاما علي تأسيس الجمعية القبطية انضم جرجس باشا أنطون (1863-1947) إلي عضويتها بنصيحة من قداسة البابا كيرلس الخامس, بابا الكنيسة القبطية في هذه الفترة, وكان ذلك في عام1906, وفي عام 1907 انتخب جرجس باشا نائبا لرئيس الجمعية بطرس باشا غالي, ثم انتخب رئيسا لها في عام 1923, وظل يرأس الجمعية حتي رحيله عام1947, وعرف عصره بالعهد الذهبي للجمعية, فبخلاف الإنجازات العديدة التي شهدتها الجمعية القبطية في عهده في كل المجالات, حتي عرفت فترة رئاسته للجمعية بالفترة الذهبية, قرر أعضاء جمعية المساعي الخيرية القبطية بمناسبة الاحتفال بمرور 27عاما علي تأسيسها أن ينبثق عنها أول مستوصف خيري باسم المستوصف القبطي الخيري العام نسبة إلي الجمعية الخيرية القبطية الكبري التي كانت قد أنشأته, وذلك قبل تغيير اسمها القديم إلي الاسم الحالي لها المستشفي القبطي, وكان هذا في أوائل عام 1908, استهدف هذا المستوصف تقديم جميع الخدمات الضرورية للفقراء من أعضاء الجمعية بمنطقة الأزبكية, وبلغت القيمة الإجمالية لنفقات البناء والتأسيس حوالي سبعين ألف جنيه, تم جمعها من تبرعات الأعضاء المساهمين في إنشاء الجمعية القبطية, وبدعم ضخم ساهمت به كذلك الكنيسة القبطية لإنجاح المشروع, وتحقيق الإستفادة القصوي منه للمحتاجين, وقام وقتها المتنيح قداسة البابا كيرلس الخامس (1874-1927) البطريرك الثاني عشر بعد المائة في عداد بطاركة الكرسي المرقسي, بمنح الجمعية منزلا صغيرا بحارة شق الثعبان في شارع كلوت بك بالقاهرة لإتمام هذا الغرض.
* افتتاح المستوصف القبطي
في الأول من أكتوبر عام 1908 أقيم حفل كبير في منطقة الأزبكية تم خلاله افتتاح المستوصف, وكانت خدماته قاصرة في البداية علي معالجة فقراء الجمعية وذويهم من أقرباء الدرجة الأولي فحسب, وتبرع للعمل فيه بدون أجر مادي العديد من خيرة وكبار الأطباء والجراحين الأقباط في كل التخصصات الطبية المشهورين في هذا الوقت, وشكلت لجنة منهم تحت رعاية الجمعية لإدارة المستوصف الطبي الذي كان يرأسه ويشرف عليه الدكتور إبراهيم بك منصور, بإجماع الأعضاء علي انتخابه, واعتبر أول مكان أهلي يقدم الخدمة الطبية لفئة من المصريين مجانا. وتدريجيا توسع العمل فيه وأصبح مبني كاملا, فتقرر نقل المستوصف الطبي الحالي بكل أجهزته وأنشطته الطبية إلي مبني جديد أمام ميدان كوبري الليمون بالقرب من باب الحديد في القللي برمسيس (حاليا محطة مصر). وفي أوائل عام1910رأي أعضاء الجمعية والمساهمون فيها أنه يجب تعميم الإحسان والتوسع فيه, بحيث لا يكون قاصرا علي أعضاء الجمعية فقط, فقرروا فتح أبوابه لمعالجة جميع الفقراء وغير القادرين علي سداد مصروفات العلاج مجانا وبدون استثناء بين أية فئة من فئات المجتمع المصري سواء مسلمين أوأقباط أوحتي أجانب مقيمين في مصر, حيث كان مبدأ مؤسسي المستشفي القبطي الأوائل أن الإنسانية لا تتجزأ وأيضا مبدأ اعتمد عليه ثاني رئيس للجمعية, وهو جرجس باشا أنطون, مؤكدا عليه طيلة 84 عاما عاشها الرجلأن عمل الخير يجب أن يكون خالصا للخير ذاته وأيضا أنه ليس للإنسانية دين أولغة تتعامل بها مع الآخرين, بل كان الرجل أول من نادي بمحاربة أعداء مصر الحقيقيين الثلاثي الشهير الفقر والجهل والمرض, لذلك أيضا خصصت الجمعية الخيرية القبطية كل ريعها من الممتلكات والتبرعات والمشروعات الاجتماعية التي كان تديرها لمساعدة الفقراء والمعوزين في مصر كلها, وكان يقبل علي الاستفادة من خدماتها المادية والمعنوية الكثيرون من أبناء الشعب المصري الآتين من كل محافظات الجمهورية, هذا بالإضافة إلي حوالي 730 فدانا من أجود الأراضي كانت الجمعية القبطية تمتلكها, وتصرف من ريعها أيضا علي مساعدة الفقراء في كل مكان.
* التوسع في أنشطة المستوصف
في أوائل عام 1911 اتفق أعضاء الجمعية علي أن الحاجة ماسة لإنشاء أقسام داخلية للجراحة والتمريض بالمستوصف الطبي الناشئ, فقام فريق من أعضاء الجمعية القبطية بتجهيز جميع شقق المنزل الصغير الكائن بحارة شق الثعبان في شارع كلوت بك بالقاهرة, والذي كان المتنيح قداسة البابا كيرلس الخامس قد أهداه للجمعية, لإقامة هذا المشروع الطبي الإنساني عليه, كمساهمة بسيطة من الكنيسة القبطية لتنفيذ المشروع علي أكمل وجه, وبدون تحميل الجمعية أعباء مادية إضافية عليها بجانب خدماتها الإنسانية العظيمة الأخري التي تقدمها للوطن بكل محبة وبدون مقابل مالي من أية جهة رسمية, بأدواره الثلاثة والأسرة والآلات الجراحية اللازمة, وتقرر أن يتولي كلا من الدكتور حبيب خياط والدكتور ملتون إدراة المستوصف الطبي الناشئ وإبلاغ الجمعية بكل الاحتياجات المالية اللازمة لإدارة المشروع الخيري وإتمام الخدمة علي أحسن وجه ممكن, ولما ضاق هذا المستشفي الجديد عن استيعاب واستقبال المرضي الذين بدأت أعدادهم في الازدياد والتوافد من كل محافظات الجمهورية, خاصة بالأقسام الداخلية المختلفة, وعلي رأسها قسم الجراحة العامة والعمليات, قامت الجمعية الخيرية القبطية الكبري باستئجار منزل كبير آخر بجانب هذا المنزل الصغير للغاية, وكان مقره في الشارع العباسي أمام محطة كوبري الليمون بالقللي في القاهرة.
* افتتاح المقر الجديد للمستوصف
بعد قيام الجمعية بإصلاح المنزل وإعداده إعدادا تاما, افتتح المستشفي القبطي الكبير في مقره الثاني من جديد في يوم 14 يونية عام 1913, وتم إسناد رئاسة قسم الجراحة العامة بالمستشفي إلي الدكتور حبيب خياط, وكان نائبه الدكتور إبراهيم المنياوي طوال الفترة من عام 1913 وحتي عام 1926, واستقطب المستشفي فريق متميز من الممرضات الأجنبيات الوافدات من كل أنحاء العالم للخدمة والعمل فيه, وعندما تعذر مجيء الممرضات الأجنبيات في فترة من الزمن بسبب الظروف التي نجمت عن اندلاع الحرب العظمي, أي الحرب العالمية الأولي, قررت إدارة المستشفي تحت إشراف مديرها جرجس باشا أنطون إنشاء قسم خاص لتعليم الفتيات المصريات فن التمريض وأصوله علي أحدث النظم العالمية في هذا الوقت, وكان الإقبال عليه كبيرا جدا في بداية تأسيسه من الفتيات من كل فئات وطبقات المجتمع المصري, خاصة أبناء الطبقة الغنية, وذلك لارتباطه بالجانب الإنساني, وما تقدمه هذه المهنة من خدمات مادية ومعنوية ونفسية للمرضي البسطاء من أبناء الشعب المصري من ناحية, ولاعتبارها مهنة جديدة علي المجتمع المصري بصفة عامة وعلي الفتاة بصفة خاصة من ناحية أخري, وتولي الدكتور إبراهيم المنياوي مسئولية تدريس التمريض لفتيات الدفعة الأولي من الممرضات علي أحدث النظم العالمية, خاصة في القسم الذي كان يرأسه, وهو قسم الجراحة العامة والتعقيم, فتخرجت أول دفعة من الممرضات وكانت مميزة للغاية, لم يشهد تاريخ التمريض في مصر مثلها حتي وقتنا هذا, وكان المستشفي القبطي في هذا الوقت من أشهر المستشفيات المصرية المشهود لها في تقديم الخدمة العلاجية والتمريضية المتميزة التي يقدمها للمرضي, وعرف عنه أيضا اهتمامه بالنظافة الفائقة, وتقديم الرعاية الطبية والإنسانية للمرضي جميعا.
* افتتاح المستشفي القبطي
وعندما ذاع صيت المستوصف وكثر المترددون عليه, سواء من المرضي أو صف الأطباء والممرضات المتميزين, اتفق أعضاء الجمعية الخيرية القبطية الكبري في اجتماع الجمعية العمومية الذي عقد في أوائل عام 1926 علي نقل المستوصف الطبي الحالي من مقره الصغير إلي مكان أوسع وأكبر يفي بالغرض وباحتياجات المرضي المتزايد باستمرار, لذلك تقرر بناء مستشفي كبير, وكانت القاهرة وقتها بها مستشفيات عديدة متنوعة, مثل المستشفي الإيطالي بالعباسية, والمستشفي الفرنسي الذي أصبح حاليا مستشفي مصر للطيران, فاهتم بعض أراخنة الأقباط بتأسيس أول مستشفي وطني للمصريين لا يقل في مستواه عن هذه المستشفيات المتميزة التي تقدم خدمة طبية متميزة بحيث يشمل أكبر قدر ممكن من التخصصات الطبية, ويقدم عناية طبية متكاملة (كانت كلمة وطني تطلق علي المصريين وقتها لتفرقتهم عن الأجانب), وعلي إثر ذلك تأسس مستشفي كبير باسم المستشفي القبطي, ذلك الصرح الطبي العظيم في الموقع الذي استقر عليه رأي الأعضاء بـ175 شارع رمسيس بحي الأزبكية في القاهرة. وافتتح المستشفي في نفس السنة (عام 1926), وكان حفلا كبيرا للغاية, تصدر عناوين كل الصحف والمجلات القومية وبعض الإصدارات العالمية الصادرة في اليوم التالي, وحضر حفل الافتتاح كبار رجال الدولة المصرية وعدد من الأطباء الأجانب, وعلي رأسهم الملك فؤاد, وولي عهد إثيوبيا, والأمير محمد علي, والأمير عمر طوسون, والزعيم سعد باشا زغلول, ورئيس الوزراء الأسبق مصطفي النحاس باشا, وصديقه المقرب مكرم عبيد باشا, وغيرهم الكثيرين من كبار رجال الدولة آنذاك.
وكان رأي أعضاء الجمعية قد استقر علي أن يتولي جرجس باشا أنطون رئيس الجمعية الخيرية القبطية الكبري في ذلك الوقت رئاسة المستشفي وإدارتها والإشراف عليها بشكل عام, نظرا للإنجازات العديدة التي حققها في فترة رئاسته للجمعية, فأحضر جرجس باشا له فئة من أمهر الممرضات من أوروبا للعناية بالمرضي, وذلك بالتعاون مع مجموعة من نوابغ الأساتذة الأطباء الأقباط المميزين في جميع التخصصات الطبية, يحمل أغلبهم درجة الباشاوية نظرا لتميزهم في عملهم, والذين استحضرهم مدير المستشفي من كل محافظات الجمهورية, نذكر منهم طبيب النساء الشهير الدكتور نجيب باشا محفوظ (1882-1972) أول من أسس قسما لأمراض النساء والتوليد في مصر والعالم, وقام بتوليد والدة الأديب العالمي نجيب محفوظ الذي سماه والده فيما بعد علي اسم الطبيب اعترافا له بالجميل وإنقاذه لطفله الصغير, فضلا عن شهرته التي استمدها من قيامه بتوليد الملكة فريدة زوجة الملك فاروق, والجراح الكبير الدكتور إبراهيم فهمي المنياوي باشا, وأيضا وزير الصحة الأسبق الدكتور نجيب باشا إسكندر (كان وزيرا للصحة في الفترة من عام 1946 عام 1949, وعمل خلالها علي محاربة وباء الكوليرا, الذي انتشر في البلاد خلال فترة توليه الوزارة, الدكتور إبراهيم بك منصور (1860-1930), والدكتور نجيب باشا مقار أول من أنشأ قسما للمسالك البولية علي مستوي مصر, والدكتور شفيق شلبي, والدكتور إسكندر جرجاوي والدكتور إدوارد المنقبادي, وغيرهم الكثيرين من كبار أساتذة الطب الذين عرفتهم مصر علي مدي تاريخها.
* إنشاء كنيسة داخل المستشفي
وكان علي كل طبيب يعمل بالمستشفي أن يعالج الفقراء والمحتاجين من مسلمين وأقباط دون أية تفرقة بسبب الدين, وشيد جرجس باشا أنطون بالمستشفي كنيسة صغيرة, وصيدلية كبيرة لصرف العلاج المجاني للمرضي, بالإضافة إلي تأسيس معمل بكتريولوجي, وإنشاء قسم خاص لعمل الأشعة وآخر للتحاليل المختلفة, هذا إلي جانب استحضار أحدث الأجهزة العلمية والمعدات الطبية اللازمة للتشخيص والعلاج وتجهيز غرف العمليات علي مستوي عال, وتولي دكتور إبراهيم المنياوي رئاسة قسم الجراحة العامة بالمستشفي الجديد, وأصبح في نفس الوقت عضوا بالمجلس العام للجمعية الخيرية القبطية الكبري, وذلك خلال الفترة من عام 1936 إلي عام 1940, ومازال المستشفي كائنا في نفس موقعه الجديد بشارع رمسيس, وكان المستشفي أيضا بمثابة أول منشأة طبية أهلية مصرية, وتأسست فيه مدرسة كبري للتمريض, وما زالت هذه المدرسة موجودة حتي الآن, تشهد علي عراقة مؤسسها الأول جرجس باشا أنطون, وكان المستشفي وقتها محط أنظار المرضي والمتعاملين معه من كل الفئات سواء المصريين أو الأجانب, كما كان يقصده علية القوم من الباشاوات والأمراء, وذلك لسمعته الطيبة وكفاءة ومهارة الأطباء والممرضات العاملين فيه, حتي نال شهرة عالمية واسعة, وصار في وقت قياسي للغاية من أهم المعالم القبطية بالقاهرة التي يقصدها المصريون والأجانب, هذا وقد تبرع المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس بإنشاء كنيسة علي اسم السيدة العذراء في المستشفي علي نفقته الخاصة, وافتتح قداسته الكنيسة وقام بتدشينها في يوم 10 مايو عام 1962 الموافق 3 بشنس عام 1678ش.
* تعدد المستشفيات
المستشفي القبطي اسم يطلق بصفة عامة علي ثلاثة مستشفيات: اثنان بمصر, والثالثة في الخارج, وجميعهم كانوا يتبعون الكنيسة القبطية الأرثوذكسية, لأنها هي التي تبنت لأول مرة في تاريخ مصر فكرة إنشاء مستشفي لرعاية الفقراء والمحتاجين من كل فئات المجتمع المصري مجانا بدون تمييز بسبب الدين أواللغة, وذلك في أواخر القرن التاسع عشر, لكن هذه الفكرة لم تخرج إلي النور إلا في بدايات القرن العشرين, واكتملت بشكل أوسع ونهائي في عشرينيات القرن الماضي علي يد أعضاء الجمعية الخيرية القبطية الكبري بالقاهرة, عندما اتفق لفيف من خيرة الأطباء الأقباط علي تأسيس هذا الصرح الطبي الكبير الذي أطلق عليه مؤسسوه اسم المستشفي القبطي, والذي اشتهر لعمل الدكتور العالمي آنذاك نجيب باشا محفوظ فيه, وكان يديره مجلس إدارة تعينه الكنيسة القبطية سنويا, وتتولي بنفسها تدبير كافة احتياجات المستشفي سواء المادية أو الأجهزة والمعدات الطبية اللازمة لها, وطبقا لما ورد في سجلات الجمعية الخيرية القبطية الكبري بالقاهرة أنه حتي نهاية عام 1951 كانت ايصالات تحصيل الفواتير الخاصة بعلاج المرضي, وكذا صرف الأدوية, أو مصاريف الإقامة بالنسبة للحالات الخاصة التي تستدعي ذلك مهما طالت المدة, كانت تدون علي حساب البطريركية القبطية بالقاهرة ومثيلتها بالإسكندرية, وذلك باعتبار المستشفي القبطي سواء بالقاهرة أوبالإسكندرية ضمن المؤسسات العلاجية الخيرية التابعة لها. أما هذه المستشفيات القبطية فأحدهما توجد بمدينة القاهرة (مازال قائما في نفس موقعه الأول, ويتبع حاليا المؤسسة العلاجية العامة بالقاهرة).
* إنشاء المؤسسة العلاجية العامة
بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952, أصدرت الحكومة المصرية في الستينيات من القرن الماضي قرارا جمهوريا بإنشاء هيئة جديدة حملت اسم المؤسسة العلاجية العامة بفروعها المنتشرة في أنحاء الجمهورية, تتبع وزارة الصحة والسكان, بحيث تتولي إدارة بعض المستشفيات الأهلية والخاصة التي تم تأميمها بعيدا عن موازنة الدولة, وجاء في حيثيات قرار تأسيس المستشفيات العلاجية بالقاهرة أنه استهدف تقديم خدمة طبية تكون حلقة وصل بين مستشفيات القطاع العام التي تقدم خدمة مجانية, وبين المستشفيات الخاصة التي تقدم خدمة طبية مرتفعة التكلفة, كان عددها في البداية 14 مستشفي تعليميا عاما, إلي أن أصدر الدكتور إسماعيل سلام وزير الصحة الأسبق (من 4 يناير 1996 وحتي 11 مارس 2002), قرارا بإنشاء الأمانة العامة للمستشفيات الطبية المتخصصة, وضم إليها 9 مستشفيات أخري متخصصة كانت تابعة من قبل للهيئة, وكانت تدر دخلا كبيرا للمستشفيات والمؤسسة معا, أهمها مستشفيات معهد ناصروالهرم ودار الشفاء والعجوزة, في حين تبقت خمس مستشفيات فقط ظلت تابعة للهيئة العلاجية حتي يومنا هذا, هي كلا من المستشفي القبطي وهليوبوليس والإصلاح الإسلامي ومبرة المعادي ومبرة مصر القديمة, علما بأن المستشفيات التسعة التي انفصلت عن هيئة المؤسسة العلاجية, وأصبحت تابعة لوزارة الصحة يتم تخصيص ميزانيات كبيرة لها, حافظت علي مستواها وساهمت بشكل كبير في تطويرها ودعمها بأحدث الإمكانيات والآلات الطبية الحديثة, بينما تخضع باقي المستشفيات الأخري المشار إليها لإشراف وزارتي الصحة والمالية والجهاز المركزي للمحاسبات, ورغم ذلك تعاني من التهميش والإهمال الناجم عن عدم تخصيص موارد مالية وميزانية محددة لها من الدولة, وتعتمد هذه المستشفيات في توفير احتياجاتها ودعم خدماتها الطبية التي تقدمها وسداد مديونياتها علي إيراداتها الخاصة, مما يسبب لها عبئا ماليا إضافيا, ويؤثر سلبا علي إمكانية تحديثها واستمرارها في تقديم خدمات متميزة كما كانت من قبل, وذلك بعد أن تهالكت معظم أجهزة هذه المستشفيات وأيضا أبنيتها, وأصبحت تعمل بما هو متاح لها من إمكانيات ضعيفة لا تستطيع أن تواجه بها الأعداد المتزايدة من المرضي المقبلين علي العلاج, ورغم ذلك ظل المستشفي القبطي يقدم خدماته العلاجية للفئة التي يستهدفها من المرضي, وهي الطبقة المتوسطة بشكل جيد يكافئ تلك التي تقدمها المستشفيات الخاصة, ولكن بسعر أقل حتي فترة الثمانينيات من القرن الماضي, إلي أن أهمل تماما هذا القطاع الخدمي الحيوي, وغاب عنه التطوير لفترة طويلة منذ قرار التأميم, والتغيير الذي طرأ علي سياسات المستشفي وحتي الآن بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد في وقتنا هذا, وفي هذا الإطار نذكر أنه في عام 1949 كان المثال المصري الشهير محمود مختار (1891-1934) قد أنجز تمثالا مجسما رائعا لجرجس باشا أنطون مؤسس المستشفي القبطي, وأول مدير له بعد تطويره ونقله إلي مقره الجديد بشارع رمسيس, وضع في مدخل المستشفي, ولازال التمثال معروضا حاليا في نفس المكان. يشهد علي عظمة وإنجازات هذا الرجل العظيم, الذي قدم الكثير من وقته وجهده وماله لخدمة الآخرين بدون مقابل.
* المستشفي القبطي بالإسكندرية
أما المستشفي الآخر فيوجد بمدينة الإسكندرية, وتم تأميمه هو الآخر في منتصف الستينيات من القرن الماضي, واستبعدت الكنيسة القبطية من إدارته أيضا, وحتي فترة أواخر السبعينيات كان يقوم بالتمريض ومتابعة المرضي بالمستشفي القبطي بالإسكندرية, وبالمثل بالقاهرة طاقم تمريض متخصص وعلي درجة عالية من الكفاءة المهنية من الراهبات الإيطاليات المقيمات في مصر, خصصت لهن إدارة المستشفي الدور الأخير ليقمن فيه, وفي عام 1942 تأسست فيه كنيسة صغيرة جدا خاصة بهن علي اسم السيدة العذراء في نفس الدور, كانت عبارة عن حجرة صغيرة تقام فيها الشعائر الدينية والطقوس والصلوات اليومية التي كن ملتزمات بأدائها يوميا, وكان عليهن الإشراف علي الحالات المرضية في ساعات النهار والليل بالتبادل بينهن. وفي عام 1964 صدر قرار من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بإنشاء فرع للمؤسسة العلاجية بالإسكندرية آلت إليها أيضا ملكية المستشفي القبطي بالمحافظة, وفي عام 2012 تقدمت الكنيسة القبطية بطلب لتطوير وتحديث مبني الكنيسة الصغير الملحق بالمستشفي, وصدر القرار من حي وسط الإسكندرية تحت رقم 191 لسنة 2012 بالتصديق وإقرار الموافقة علي أعمال التطوير, وإقامة مدخل خاص منفصل لها عن مدخل المستشفي, وكذلك تشييد سلم خلفي للدخول والخروج منه, حفاظا علي خصوصية الراهبات المترددات عليه, وتضمن القرار أيضا الموافقة علي بناء غرفتين إضافيتين للخدمات العامة للأفراد تتبعان الكنيسة, وذلك طبقا لطلبها.
زيارة البابا كيرلس السادس
ويذكر أنه بعد رسامة المتنيح القديس قداسة البابا كيرلس السادس البطريرك السادس عشر بعد المائة في عداد بطاركة الكنيسة القبطية (وكان ذلك في يوم10 مايو عام1959), أنه في بداية عهده قام بعدة زيارات رعوية للكثير من الكنائس والمؤسسات التابعة لها في أنحاء الجمهورية, فنقرأ في مجلة الكرازة التي تصدر عن الكنيسة القبطية في عددها الصادر في ديسمبر عام1960, تحت عنوان زيارات رعوية لقداسة البابا كيرلس السادس, جاء في مضمونه أنه في فترة رئاسة الدكتور عزيز المصري (1908-1991) للمستشفي القبطي في أواخر ديسمبر عام1960, قام قداسته برفقة مجموعة من الآباء الأساقفة, ومعهم بعض أعضاء المجلس الملي العام, يصاحبهم بعض الأطباء من أساتذة الجامعات الأقباط بزيارة خاصة للمستشفي, وتقفد أحوالها واحتياجاتها, وكان في استقبال قداسته مدير المستشفي آنذاك وجميع العاملين فيه من أطباء وممرضات مصريات وراهبات إيطاليات, وتفقد قداسته جميع الأقسام وعنابر المرضي, واطمأن علي حالتهم الصحية, وصلي معهم وباركهم, كما تقابل مع العمال البسطاء وطاقم التمريض بالمستشفي.
* فرع آخر في كينيا
وهو المستشفي الثالث الذي تأسس عام 1994 في كينيا وزامبيا, مازال يوجد حتي الآن في موقعه أمام المركز الصيني بشارع نجونج في العاصمة الكينية نيروبي, وهو المستشفي القبطي الوحيد خارج مصر الذي مازال خاضعا تحت رعاية وإشراف الكرازة القبطية الأرثوذكسية, كينيا Coptic Hospital Nairobi, Kenya, وافتتحه المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث, وانبثق هذا الصرح الطبي الكبير عن إنشاء أول كنيسة أرثوذكسية مصرية تأسست في بلد أفريقي, في كينيا عام 1976 في عهد قداسته, والتي سعت إلي محاربة الفقر والمرض والمعاناة وتخفيف الألم عن المرض, إلي جانب تقديم خدمات تعليمية وطبية ورعاية اجتماعية للمرضي ولأسرهم من أبناء الكنيسة القبطية في الخارج, أما المستشفي القبطي بنيروبي, فبلغ عدد المرضي المقيدين به حتي أوائل أبريل عام 2007 حوالي ستة آلاف مريض, ويوجد بالمستشفي 60 سريرا, إلي جانب غرفتين كبيرتين للعمليات, وغرف أخري عديدة لعمل الأشعة وإجراء الفحوصات والتحاليل للمرضي المترددين عليه يوميا بكثافة كبيرة, حيث يستقبل المستشفي يوميا نحو 250 مريضا من أبناء الشعب الكيني في مختلف التخصصات, ويقدم لهم العديد من الخدمات الطبية معظمها مجاني, كما يقدم استشارات طبية أخري علي أيدي فريق متميز من الأطباء المتخصصين, وأدوية مقدمة لعلاج المرضي, لكن الأبرز هو ما ينفرد به المستشفي فيما يقدمه للمرضي من استشارات وخدمات ما بعد العلاج, كما أنه يضم صيدلية كبيرة تقدم الدواء بأسعار مخفضة, وأحيانا تصرف بعضها بالمجان لغير القادرين, مع تقديم نبذات روحية, وآيات من الكتاب المقدس مرفقة بالعلاج, وبالمستشفي أيضا فريق ضخم من خبراء التغذية يشرفون علي المرضي المحجوزين بها, ويقومون بوضع برنامج غذائي مناسب لكل حالة علي حدي, ويفحصون الحالة الصحية لهم باستمرار, هذا بالإضافة إلي وجود مرشدين نفسيين في المستشفي مهمتهم الأساسية هي دعم المرضي نفسيا, وتوعيتهم وتهيئتهم لتقبل مراحل العلاج, ومتابعة كل منهم بالاسم من خلال عمل ملفات خاصة بكل مريض, ما جعل بعض المرضي يترددون علي المستشفي لمقابلة المرشدين فقط, لأخذ مشورتهم في مشكلاتهم العامة والأسرية بعيدا عن الرعاية الطبية والعلاجية فيجدون العون والتعضيد المادي والروحي, وتهتم الكنيسة أيضا بالمساندة الروحية التي تقدمها من خلال الآباء الكهنة والأساقفة الذين يقومون بتقفد المرضي بين الحين والآخر, لتوصيل محبة الله ومغفرته لهم, ليتعزوا وينالوا ثقة ورجاء وأمل في المستقبل.
* مركز الرجاء الطبي
أهم ما يميز المستشفي هناك, فهو وجود مركز الرجاء الطبي لعلاج المصابين بمرض الإيدز hope Coptic Hospital, المنبثق عن المستشفي, والذي تأسس علي يد نيافة الأنبا بولس عام 2004, وتخصص المركز في علاج هذا المرض المنتشر في أفريقيا بكثافة, حيث يبلغ عدد المصابين به 27 مليونا منهم 25 مليون مصاب في أفريقيا, ويصل عدد المتوفين به نحو 15 مليون أفريقي سنويا, مما يتسبب في وجود عدد ضخم من الأيتام بعد موت آبائهم بهذا المرض, وعددهم حوالي 11 مليون يتيم, ولاقي المركز نجاحا كبيرا في جميع مراكزه المتعددة, ولشدة إقبال المرضي عليه افتتحت ثلاثة فروع جديدة, وتتم الخدمة الطبية علي يد أطباء متخصصين في علاج الأمراض المتوطنة في أفريقيا, ويضم المركز كتيبة مخلصة من الأطباء المصريين والأفارقة الذين يعملون بجد واجتهاد من أجل خدمة المرضي والسهر علي راحتهم, مع وجود اخصائيين اجتماعيين بالمركز يتابعون حالة المرضي الذين تعافوا من مرضهم لكن ظروفهم تحول دون المتابعة, وبالتالي لا يمكنهم أن يترددوا علي المركز الطبي للتأكد من تذليل كل عقبة مادية ونفسية, كما توجد مجموعات المساندة الاجتماعية التي يتمثل دورها في عقد فريق من كبار الباحثين اجتماعات أسبوعية للعمل علي لتعزية المرضي وحل بعض مشاكلهم المادية, وصرف مساعدات مالية تساعدهم علي تحمل أعباء المعيشة, هذا إلي جانب الاجتماعات الروحية لمجموعات العمل لرسم خطط لسير العمل بالمستشفي والمركز التابع له, ووضع كل عقبة بين يدي الله ليحلها ويدبرها والصلاة له والشكر لعمله, كما يوفر المستشفي القبطي بنيروبي فرص عمل لبعض المرضي, بينما تطوع عدد من المتعافين للعمل بالمستشفي مجانا عرفانا بجميل ما قدمه المستشفي له في فترات مرضه.
ويتعاون مع المركز فريق طبي ونفسي متخصص من وزارة الصحة في كينيا, وبعض الوكالات الأجنبية الأخري مثل: وكالة المعونة المسيحية Christian Aid المؤسسة الألمانية خبز العالم Bread for the world. الجدير بالذكر في هذا الإطار أنه مؤخرا نجح فريق طبي بالمستشفي القبطي في نيروبي, في إجراء جراحة معقدة ودقيقة للغاية تعد هي الأولي من نوعها في كينيا وشمال أفريقيا كلها لإعادة زرع قدم مبتورة, إثر حادث أليم تعرض له صاحبها وتعافي تماما, وهذا وقد قامت الكنيسة القبطية مؤخرا بتعميم الخدمة, وتفرع أنشطتها الطبية في معظم الدول الأفريقية, من خلال إنشاء عدة فروع للمستشفي القبطي في كينيا, وفي عدد من الدول الأفريقية الأخري, مثل زامبيا وتنزانيا والكونغو وغيرها.
* خدمات المستشفي بنيروبي
في مايو عام 2007 زار نيافة الأنبا بولس أسقف عام الكرازة في أفريقيا, وهو يعمل في مجال الطب منذ عام 1959 وعين طبيبا بوزارة الصحة الإثيوبية, ويذكر أنه منذ عام 1996 تم تقسيم الخدمة في إيبارشية أفريقيا بدولها التسع كينيا, زامبيا, تنزانيا, الكونغو, أوغندا, نيجيريا, بوروندي, جنوب أفريقيا, زيمبابوي بينه وبين نيافة الأنبا أنطونيوس مرقس, بعد خلافات عديدة حدثت بينهما في إدارة شئون بعض البلاد الأفريقية لندن, واجتمع بعدد كبير من الأطباء الأقباط العاملين في الجمعية الطبية القبطية ببريطانيا, وأوضح لهم الحاجة الماسة لمساندة هذه الجهود الخيرية ماديا ومعنويا للحصول علي الأجهزة اللازمة للمستشفي القبطي في نيروبي عاصمة كينيا, هذا إلي جانب المصروفات المالية التي تحتاجها الكنيسة لإنشاء مستشفي قبطي خيري آخر في نيجيريا, استكمالا لمسيرة الخدمات العديدة التي تؤديها الكنيسة القبطية لشعبها في دول أفريقيا, وقامت الجمعية الطبية القبطية بجهد كبير لتلبية هذه الاحتياجات, وتوفير الأجهزة الطبية المطلوبة, فقام فريق من الأطباء أعضاء الجمعية بتدبير بعض لوازم المستشفي, وأمكنه شراء مجموعة كبيرة من المعدات والأجهزة الطبية المطلوبة قدر ثمنها وقتئذ بمبلغ سبعمائة ألف جنيه إسترليني. من ناحية أخري قام بعض الأطباء البريطانيين بالمساهمة بجزء من وقتهم وخبراتهم لزيارة مركز الأمل القبطي Coptic Hope Centre التابع للمستشفي لعلاج المرضي, وتدريس الزملاء من الأطباء المقيمين في أفريقيا, وتدريبهم علي التعامل بأحدث الأجهزة الطبية في العالم, وذلك لدعم وخدمة هذا المشروع الخيري الكبير بفروعه المنتشرة في العديد من دول أفريقيا.
* تكريم عالمي لنشاط الكنيسة
حقق المستشفي سمعة طيبة في أفريقيا في وقت قياسي جدا, مماجعله هدفا لزيارة الشخصيات المهمة علي مستوي العالم, ففي نهاية مايو عام 2007 أقام الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش, حفلا كبيرا في البيت الأبيض بواشنطن, لدعم وتكريم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لحصول مركز الرجاء التابع للمستشفي القبطي في نيروبي عاصمة كينيا بأفريقيا علي المركز الأول عالميا في علاج مرضي الإيدز وقد تعافي الكثيرون منه تماما, واستقبل الرئيس الأمريكي وقتها نيافة الأنبا بولس أسقف عام الكرازة بأفريقيا باعتباره مدير ومؤسس المستشفي, وعبر له عن تقديره للجهود العظيمة التي تبذلها الكنيسة القبطية في علاج هذا المرض المستعصي في القارة الأفريقية, ومنح نيافته شهادة تقدير لتحقيق المستشفي أفضل نتائج ناجحة للقضاء علي هذا المرض علي مستوي العالم كله آنذاك, وزاره مؤخرا أيضا أعضاء من الكونجرس الأمريكي, وكل من السفير الأمريكي بكينيا, ووزيرة الصحة الأمريكية, وعدد من كبار المسئولين بأمريكا, لتقديم الخدمات الطبية والروحية والغذائية مجانا, وأشادوا بعمل القائمين في المستشفي, وفي نهاية الزيارة تقدمت بعض الجهات الأمريكية بتقديم المساعدات المادية والطبية حتي يستمر في القيام بعمله وأداء مهمته الإنسانية علي أكمل وجه.
وفي يوم الأربعاء 14 يناير عام 2015 قام كل من سامح شكري وزير الخارجية المصري, برفقة منير فخري عبدالنور وزير الصناعة والتجارة آنذاك, بزيارة المستشفي القبطي في نيروبي, وكان في استقبال الوزيرين المصريين نيافة الأنبا بولس أسقف عام الكرازة ومعه طاقم العاملين بالمستشفي, حيث تفقدا المستشفي, وأوضح نيافة الأنبا بولس أن هذا المستشفي تم بناؤه منذ عام 1992, وأنه منذ بداية التسعينيات وحتي الآن تم تحديثه وتطوير وحداته أكثر من مرة, بدعم من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر وبعض رجال الأعمال من الأقباط, وكان آخرها في عام 2013, حيث تم توسيع المباني وإصلاح المتهالك منها, وتضاعف حاليا عدد المرضي الزائرين يوميا للعلاج من مختلف الأمراض والتخصصات ليصل الآن إلي حوالي 500 مريض, ويعمل بها حوالي 60 طبيبا مصريا ونحو خمسمائة طبيب كيني, هذا بالإضافة إلي فريق الممرضات ذوات الخبرة والإداريين العاملين بالمستشفي, وفي ختام الزيارة أثني الجميع علي الخدمات الطبية والدعم النفسي الذي يقدمه المستشفي للشعب الكيني, وأكدوا أن الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في أفريقيا يمكنها المساهمة في إرسال أدوية ومعدات طبية للمستشفي القبطي الخيري في نيروبي, لدعم الخدمات العلاجية المجانية, والناحية الإنسانية التي يقدمها المستشفي لكل المرضي الوافدين من كل أنحاء العالم, وأيضا لدعم وتقوية الروابط والعلاقات بين مصر وكينيا في المجالات المتاحة كافة.
* كلمة أخيرة
** استطاعت الكنيسة بالفعل أن تقدم لشعبها في مصر والخارج نموذجا حيا لمعني الخدمة الروحية الممزوجة بالخدمة العملية الإنسانية لكل إنسان بصرف النظر عن لونه وجنسه ودينه ومعتقده, وذلك من خلال تأسيس المستشفي القبطي بفروعه المتعددة, لكن للأسف يعاني هذا المستشفي, الذي كان في يوم من الأيام شاهدا علي فترة مهمة في تاريخ مصر منذ الإحتلال البريطاني وحتي الآن, وكان يقصده باشاوات مصر وأمراؤها والأجانب أيضا للعلاج, من تعرضه لعوامل الإهمال والتهميش من جانب الدولة بسبب ضعف الموارد المالية المخصصة له!!, واليوم يحتاج المستشفي القبطي, إلي دعم مؤسسات المجتمع المدني وتكاتف الجمعيات الخيرية والأهلية وتبرعات رجال الأعمال, لتوفير ميزانية مالية للمساهمة في تطويره, وسد احتياجاته, حتي يمكنه أن يستمر في تقديم خدماته الطبية بشكل جيد, يتناسب مع تاريخ المستشفي العريق البالغ 111 عاما من العطاء الطبي, والذي لم يتغير كثيرا مبناه من الخارج منذ افتتاحه عام 1926 وحتي الآن, لكنه من الداخل تعرض للإهمال لفترات طويلة.
** مراجع الدراسة:
* أرشيف سجلات الجمعية الخيرية القبطية الكبري بالقاهرة
* مجلة الكرازة- أعداد ديسمبر عام 1960, مايو عام 2007
* مجلة آخر ساعة- عدد يونية عام 2013