الكتاب المقدس أعظم وثيقة جمالية
الباب الأول
الفنون الأدبية المقروءة والمسموعة
النصوص المقدسة
الفن النبوي (النبوات)
طوبي للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة, ويحفظون ما هو مكتوب فيها, لأن الوقت قريب (رؤ1:3)
1- نبوات متنوعة
أولا: شعوب العالم (تك9:10):
هذه أول نبوة سجلها الكتاب المقدس, حيث نطق بها نوح بعد الطوفان, وقد تمت هذه النبوة بكل دقة:
* حام: منه عمرت قارة أفريقيا, ولأن نوح لم يذكره بالبركة فظلت معظم القارة الأفريقية أجزاء منسية في العالم.
* سام: منه عمرت قارة آسيا: قال مبارك الرب إله سام فجاء كل الأنبياء, وكل كتبة الوحي من نسله.
* يافث: منه عمرت قارة أوروبا, قال ليفتح الله ليافث.
ثانيا: العرب (تك16:17-20):
جاءت النبوة عن العرب من نحو 4000 سنة, وقد قالها الله لهاجر أم إسماعيل الذي جاء منه العرب ها أنت حبلي, فتلدين ابنا وتدعين اسمه إسماعيل… وأنه يكون إنسانا وحشيا, يده علي كل واحد, ويد كل واحد عليه… (تك16:11-12).
وقد تمت هذه النبوة إذ أن أرض الجزيرة العربية صارت لنسل إسماعيل.
ثالثا: اليهود:
لقد تحدث موسي عما سيحدث لهذا الشعب إذ ما أخطأ ضد الرب إلهه, وكان يعلم أنهم سيخطئون, قال إنهم سيشتتون مرتين (تث28:36, 49) وهذا ما تم في التاريخ فعلا:
* المرة الأولي: بواسطة جيوش الكلدانيين سنة (588ق.م).
* المرة الثانية: علي يد الرومان بقيادة تيطس فاسباسيان سنة 70م.
وقبل أن يحدث السبي البابلي بنحو 510 سنة حدد إشعياء اسم الأمة التي ستستعبدهم (إش39:6). وذكر إرميا المدة التي سيستعبدون فيها (إر25:11), كذلك تنبأ هوشع النبي عن أنهم سيظلون فترة كبيرة في حالة ضياع (هو3), كما تنبأ (دا9) عن مدة هذا الضياع.
وتصف النبوات أيضا حالة البلاد أثناء شتات الشعب, وكيف ستكون خربة (إش6:11, 12), كما تصف النبوات الحالة وقت النهاية (حز36:32-35), ويصور يوئيل النبي الأرض في الأيام الأخيرة قبيل نهاية الضيقة العظيمة كجنة عدن (يؤ2:3) وها نحن نسمع كيف امتلأت البلاد بالمدن والمستعمرات, وتضاعفت خصوبة الأرض وكادت أن تتحول إلي جنة.
رابعا: نبوات عن مصر:
لمصر مكانة بارزة في الكتاب المقدس خاصة في النبوات:
+ أول النبوات عنها هي ما قاله الله لإبراهيم عن تغرب نسله في أرض ليست لهم… (تك15:13-14). وقد تمت بعد ذلك بـ400 سنة في عهد موسي (خر12:12).
+ وفي (إش19) نبوة عن مصر, وكانت مصر وقتها قد وصلت إلي الدرك الأسفل في الوثنية جنبا إلي جنب مع روح الكبرياء والاعتزاز بالأسلاف القدامي (أنا ابن حكماء!) (ع11). فصدر القضاء الإلهي عليهم (ع1), وهو ما تم بعد ذلك بسنوات ابتداء من سرجون ملك آشور حوالي سنة (700ق.م) فقد بدأت سلسلة من الحروب الأهلية (ع2, 3) وقد صحبه ركود اقتصادي (ع5-8), وقد تكلم حزقيال النبي عن هذا الشر (حز17, 29, 30, 31, 32) وأعطي تفصيلات تامة بكل دقة.
+ كما تتحدث النبوات عن خراب كثير من المدن المصرية القديمة وتهدم هياكلها (إر43:8-13, حز30:14, يؤ3:19).
+ وفي (دا 11) تم إلقاء الضوء علي أحداث حصلت بعد دانيال بأكثر من 200 سنة في زمن حكم البطالسة, فكان يشير إلي الحروب الكثيرة التي تمت بينهم وبين ملوك سوريا, وقد تمت هذه النبوة بكل دقة كما تنبأ دانيال.
+ تنبأ إشعياء عن أمور مباركة في مصر في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر, وعمود للرب عند تخمها… ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم (إش19:19-21).
المذبح الذي في وسط أرض مصر هو مذبح كنيسة السيدة العذراء مريم الأثرية بدير المحرق العامر, حيث مكثت العائلة المقدسة في هذا المكان أكثر من ستة أشهر كاملة. وسطح المذبح هو الحجر الذي كان ينام عليه المخلص الطفل. والدير المحرق يقع في منتصف أرض مصر.
أما العمود الذي عند تخمها فهو كرسي مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية, فهو العمود الذي وقف صامدا في الإسكندرية علي تخم مصر الشمالي وأسس كنيستها الرسولية, وكانت زيارة السيد المسيح لمصر هي التمهيد الحقيقي لانتشار المسيحية في مصر وتأسيس كنيسة الإسكندرية علي يد مارمرقس الرسول, وسري التدين إلي كل الناس, فأصبح شعب مصر متدينا, روحيا, يعرف الله حق المعرفة ويعبده حق العبادة حتي كملت النبوة: فيعرف الرب في مصر, ويعرف المصريون الرب.. ويقدمون ذبيحة وتقدمة (إش19:21).
خامسا: الإمبراطوريات المتعاقبة العالمية:
أ- الإمبراطورية البابلية الثانية: كان مؤسسها نبوخذ نصر, وقد رأي نبوخذ نصر تمثال إنسان في حلم, وفسر دانيال هذا التمثال بأنه يمثل هذه الفترة (دا 2), وقد أعطي دانيال في نبوته تفصيلات حدثت, ولازالت تحدث عن هذه الإمبراطورية.
ب- الإمبراطورية الكلدانية: مؤسسها أيضا نبوخذ نصر, وأصبحت إمبراطورية عالمية سنة 606 ق.م, بعد أن هزمت مصر, وقد رآها دانيال في حلمه هو (دا 7) ممثلة بأسد له جناحا النسر, وهذه الإمبراطورية كانت رأس التمثال التي كانت من ذهب في حلم نبوخذ نصر.
جـ- الإمبراطورية اليونانية: قد رأي دانيال في حلمه هذه الإمبراطورية في صورة نمر, الذي يتميز عن الوحوش بسرعة الانقضاض علي الفريسة, وله علي ظهره أربعة أجنحة, وهو ما تحقق بوضوح في الإسكندر الأكبر مؤسس تلك الإمبراطورية, فقد غزا العالم كله في أقل من تسع سنوات.
وقد رأي دانيال هذه الإمبراطورية في صورة تيس من المعز جاء من الغرب, ولم يمس الأرض, وله قرن معتبر بين عينيه, لكن هذا القرن انكسر سريعا (وهذا صورة لموت الإسكندر الأكبر, وهو بالغ من العمر 32 سنة). وقد انقسمت المملكة إلي أربعة أقسام, وقد ذكر دانيال كل هذه الأمور قبل حدوثها بنحو 300 سنة (دا 8, 11).
د- الإمبراطورية الرومانية: تأسست عام (68ق.م) علي إنقضاض الإمبراطورية السابقة لها, والتي رآها نبوخذ نصر في صورة الساقين من حديد وهذا إشارة إلي قسوتهم التي لم يكن لها مثيل.
وعلي أن قدمي التمثال كانت من حديد وخزف فكان تفسير دانيال لها أن هذه الإمبراطورية لم تكن علي حالة واحدة, وهذا ما نراه الآن, فقد انقست إلي عشر ممالك يربطها (الاتحاد الكونفيدرالي), ونري الاتحاد الأوروبي الذي تكون من عشر دول بعد انضمام اليونان, وهذه الدول العشر لم تكن كلها علي مستوي واحد من القوة, وهذا ما رآه دانيال.
سادسا: زوال بعض المدن:
(1) بابل: (إش13):
برغم أن بلادا كثيرة قد خربت وأعيد بناؤها, فإن بابل حتي يومنا هذا ومن آلاف السنين لم تبن: ذلك لأن الله قال عن خرابها: لا تعمر إلي الأبد, ولا تسكن إلي دور فدور (إش13:20).
(2) صور:
جاءت نبوة في سفر حزقيال بأنها ستهدم وتخرب, وأنها ستسوي بالأرض… (حز26). ورغم أن موقع المدينة ممتاز ويصلح لإقامة مدينة عظيمة إلا أنه تتميما لقول الكتاب المقدس لم تبن حتي اليوم ولن تبني.
سابعا: طابع الأيام الأخيرة:
تحدثنا الأجزاء النبوية في العهد الجديد عن وصف الأيام الأخيرة, ويمكن تقسيمه إلي:
(1) دائرة الاعتراف المسيحي:
+ في (2تي3) وصفا للحالة الأدبية لأن الناس يكونون محبين لأنفسهم,محبين للمال, متعظمين, مستكبرين, مجدفين, غير طائعين لوالديهم, غير شاكرين, دنسين, بلا حنو, بلا رضي, ثالبين, عديمي النزاهة, شرسين, غير محبين للصلاح, خائنين, مقتحمين, متصلفين, محبين للذات دون محبة الله, لهم صورة التقوي, ولكنهم منكرون قوتها, فأعرض عن هؤلاء…. وبهذا يمكن إجمال وصف الناس لاسيما في البلاد التي أشرق عليها نور المسيحية.
+ وفي (2بط2, 3) نجد وصفا للمعلمين الكذبة, وللكافرين المستهزئين.
+ وفي (رؤ3) نجد وصفا لحالة الكنيسة العامة, فالفتور والادعاء الكاذب هما سمتان بارزتان للحالة الروحية في الكنيسة الأولي, وقد سبق ذكرها في الكتاب المقدس من ألفي سنة.
(2) الحالة الاجتماعية للناس بصفة عامة:
(لو21:25-26)
+ وعلي الأرض كرب أمم بحيرة ها هي الأمراض النفسية والعصبية والقلق, فقد أصبحت سمة من سمات العصر.
+ البحر والأمواج تضج. والناس يغشي عليهم من خوف وانتظار ما يأتي علي المسكونة. فبينما الدول المتخلفة تتميز بالاضطرابات والانقلابات, نجد الدول المتقدمة تتميز بالعصابات الإرهابية والجماعات المتطرفة. وهكذا الأمواج في كل العالم تضج.
+ لأن قوات السموات تتزعزع الأمر الذي نراه في افتقار رجال الحكم للمهابة والاحترام اللذين كانا لهم سابقا, فنجد الآن اغتيالات للحكام وانقلابات ضدهم ومحاكمات بل وأيضا إعدامهم.