ألتقي سليمان بالله.. قال له الله خالق السماء والأرض: اسأل.. وهي نفس كلمات السيد المسيح في (يوحنا14:13) ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله… إنه امتياز ولكنه في نفس الوقت حق وامتحان, حق لك لأنه مهما سألت ستأخذ وامتحان لأن الله به يمتحن ما في قلبك.
وقد أجاب سليمان الله قائلا: فأعط عبدك قلبا فهيما لأحكم علي شعبك وأميز بين الخير والشر, لأنه من يقدر أن يحكم علي شعبك العظيم هذا؟ (1مل3:9). وقد حسن في عيني الرب ما طلبه سليمان فهو لم يسأل لأغراضه وشهواته الشخصية بل فكر في غير ذلك, وهكذا نجح سليمان في الامتحان, هذا الامتحان يفرق بين أمرين: الاحتياج الحقيقي والاحتياج الذي ينبني علي الرغبة الشخصية, يقول الرسول يعقوب في رسالته (4:3) تطلبون ولستم تأخذون, لأنكم تطلبون رديا لكي تنفقوا في لذاتكم. الفرق كبير جدا بين الاحتياج الحقيقي والرغبة, فالوعود الإلهية دائما ما ارتبطت بالاحتياج الحقيقي وليس بالرغبة, وهذا مانسمع الرب يسوع يعلمه في موعظته علي الجبل لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها (متي6:32). وأيضا الرسول بولس وهو يقول: فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع (فيلبي 4:19).
نمر في حياتنا بمثل هذا الامتحان في مواقف عديدة فعند اختيار شريك الحياة فالبعض يختارونه بناء علي ما يريدون وليس بناء علي ما يحتاجون, تقودهم شهواتهم وليس الرغبة في اختيار المعين النظير. أيضا قد نمر بهذا الامتحان في اختيارنا ما بين الراحة وتحقيق الدعوة التي يريدها الله منا, وهذا نفس امتحان سليمان فقد طلب حكمة لكي يقود شعبه في طريق الله, ولم يطلب لنفسه مجدا أو غني أو حتي أنفس أعدائه.
وأخيرا قد نمتحن في احتياجنا الحقيقي لله أو إلي احتياجنا إلي أشياء قد نظن أنها حقيقية لكن الله هو النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان, هو الطريق والحق والحياة, هو الماء الحي الذي يروي ظمأنا, هو الخبز الحي الذي يشبع نفوسنا, هو الراعي الصالح الذي يعتني بنا فبيننا وبينه يجري الحديث العميق في علاقة حميمة صادقة.