لم ينتفض المجتمع المصرى ويثور ويغضب ويفور كما انتفض وثار لمشكلة قرية الكرم بأبى قرقاص بالمنيا.
ثار الشعب المصرى بكل طوائفه وأديانه ومعتقداته ثورة هائلة ضخمة لمحاولة النيل من الوحدة الوطنية، ومحاولة تكرارالأحداث العبيطة الساذجة لإثارة، الفتنة الطائفية البغيضة، حقيقة أن مظاهر الفتنة كانت واضحة ولأول مرة فى صعيد مصر تؤخذ إمرأة مصرية صعيدية من بيتها ويتم تجريدها من ملابسها الكاملة بواسطة حيوانات غير أليفة، لادين لها ولا إنسانية ولا شئ، حيوانات فقدت عقلها وأصبحت بلا عقل تفعلفعلا شائنا خطيرا لأول مرة، ولو عند هؤلاء المجرمون ذرة من العقل أو الفهم أو الأخلاق لما كانوا قد فعلوا ذلك، فهذه جرائم تحدث لأول مرة.
ويحسب للمجتمع المصرى كاملا بكل طوائفه أن ينتفض وينكر ويستنكر هذا الجرم.. ويحسب للدولة والمسئولين أن يبتعدوا عن مجالس العار المسماه.. المجالس العرفية.. التى هى السبب فى تكرار هذه المشاكل والجرائم، ويصمم الجميع على أن القانون يجب أن يأخذ مجراه، وأن المجرم يجب أن يحاسب ويعاقب، فنحن فى دولة ولسنا فى عزبة، وهناك قانون رادع لمثل هذه الجرائم.
ويجب أن يحاسب كل مسئول تأخر فى التجاوب مع مشكلة قرية الكرم وحلها وتأخير كتابة محضر فى القسم عن الوعيد والتخويف قبل حدوث هذه الجريمة البشعة، وقد سمعت أحد المسئولين للأسف يقول:
ياجماعة الحكاية بسيطة وأنتم كبرتوها..!
وأنا أتعجب لهذا المسئول الذى لا يشعر بالمسئولية ويتهاون فى عمله.. وهل تجريد إمرأة مصرية صعيدية مسنة- حوالى سبعين سنة- عملا بسيطاً ياسيادة المسئول؟! إنك يجب أن تحاسب على هذه العبارة التافهة الجاهلة التى زادت غيظ الناس وثورتهم!
الموضوع والجريمة الآن فى يد القضاء، وقد اهتم الرئيس بها إهتماما كبيرا وأصدر تعليماته بإعادة البيوت المحترقة وحل المشكلة، لكن سيادة الرئيس لايمكن أن يحل كل مشاكل المجتمع، يكفيه أن يتصدى لمشاكل البناء والتعمير والارهاب والعلاقات الخارجية وغيرها، فلن نستطيع أن نعد رئيسا لكل مواطن، لأننا فى هذا سنحتاج إلى تسعين مليون عبد الفتاح السيسى.
فى هذا النطاق أريد أن أعرف ماهو دور بيت العائلة المصرى فى هذه المشكلات؟ لماذا لم يحاول أعضاء بيت العيلة التصدى وحل هذه المشكلة قبل أن تتفاقم وتتحول لحرق وتدمير وضرب وتعرية النساء؟! واذا كان بيت العائلة لا يستطيع القيام بدور الرئيس فى مثل هذه الحوادث والحالات فما هو دوره إذن ولماذا تأسس وأقيم؟!
يجب علينا كذلك دراسة هذه المشاكل دراسة موضوعية فالمسألة ليست حب وغرام بين قبطى ومسلمة أو العكس المسألة هى كراهية الآخر وتدريس الدين بطريقة متطرفة وبخاصة للأطفال الأبرياء الأطهار الذين نسمح لبعض المدرسين المتطرفين، ورجال الدين الجهلة الأميين دينيا أن يصبوا فى عقولهم معلومات دينية خاطئة، فيسيئو للدين الإسلامى الحنيف الوسطى المستنير، وجيلى وأمثالى لم نعرف هذا التعليم المنحرف ولذلك فالحب يجمعنا جميعا والثقافة ترتقىبنا ونشعر جميعا بالأخوة والصداقة، وهذا ظهر فى الحادث الذى نتحدث بصدده، فالمسلمون هم الذين تصدوا للمجرمين وأطفئوا الحرائق وآووا جيرانهم المسيحيين، وهم الذين أحضروا غطاء ووضعوه على المرأة العارية ليخفوا العار الذى تسببوا فيه.
تحية لنيافة الأسقف العام الأنبا مكاريوس أسقف المنيا على موقفه الشجاع وهدوئه ومعالجة المشكلة بشئ من التهدئة.
نريد أن نخلص مجتمعنا من هذا العار، عار الفتنة الدينية والتعصب الأعمى، لنعيد لمصر وجهها الحضارى الحقيقى فى الحب والتسامح واحترام الآخر وتقديم المساعدة والعون له، فنحن شعب واحد، وجيناتنا الوراثية 97% منها واحدة، لافرق بين مسلم ومسيحى ويهودى وحتى لادينى، كما أثبتت العالمة الأمريكية مرجريت كاندل فى بحث لها ظلت تقوم به خمس سنوات.
المصريون فتحوا أبواب دولتهم وبيوتهم لكل أجناس العالم ورحبوا بالجميع، ولهذا تقدمت مصر وقدمت حضارتها لكل العالم.. علينا الاهتمام الدقيق بالتعليم وبخاصة فى المرحلة الابتدائية والثانوية.. علينا الاهتمام بالخطاب الدينى فى الجامع والكنيسة.. علينا الاهتمام بدور وزارة الثقافة وبخاصة فى المحافظات النائية والبعيدة لكى تقدم ثقافة الحب واحترام الآخر ومساعدته.. ثم هل اقول علينا الاهتمام بوسائل الاعلام التى أصبحت أى كلام!