ليكن الوطن محلا للسعادة المشتركة بيننا.. نبنيه معا..
رفاعة الطهطاوي
حين كان الراحل الأستاذ أنطون سيدهم والمؤسسون الأولون لصفحة من دفتر أحوال الوطن يخططون في البداية لإعداد الصفحة كان واحدا من الأهداف الأساسية لهم أن تكون تلك الصفحة جهدا جادا من أجل استعادة تكامل الذاكرة الوطنية المصرية وإنعاشها, وحمايتها من التآكل والضمور فيما يخص الهوية القبطية والحضارة القبطية والتاريخ القبطي علي مر القرون الماضية وحتي عصرنا الحالي, وذلك بعد عقود طويلة من التهميش الإعلامي والتعليمي لحقبة مهمة من التاريخ المصري هي الحقبة القبطية. أرادوا أن يضعوا في بؤرة وعي المصريين المقومات الأساسية للكيان المصري, وكيف تمضي الحياة الطبيعية لهذا الكيان. فقد كان ثمة خطر داهما يواجه ذاكرة الأجيال الجديدة ووعيها.. أن يستقر في ضميرها أن ما يحدث في مصر الحديثة من أحداث ومتغيرات سلبية هو النهج الطبيعي لحياة هذا الوطن. ولذلك اتخذت الصفحة شعارا لها كلمات رفاعة الطهطاوي: ليكن الوطن محلا للسعادة المشتركة بيننا.. نبنيه معا, هكذا كان هدف من دفتر أحوال الوطن همومهم الحقيقية المصرية, وكيف استخلص المصريون مقومات الكيان المصري, وكيف صنع هذا الشعب من أرضه دولة مستقلة ذات سيادة, وكيف صار المنحني إلي هذه الأرض مواطنا سويا له حقوقه السياسية والمدنية.
لإنجاز هذا الهدف استضافت الصفحة باقة من كبار العلماء والدارسين والباحثين والمتخصصين في مجال القبطيات, الذي يزخر رصيد باب من دفتر أحوال الوطن بخلاصة أفكارهم وعطائهم, منهم من رحل عنا ولكنه باق بأفكاره وآرائه, والبعض الآخر مازال يعطي الكثير.
وعلي مدي السنوات الماضية أصبح باب من دفتر أحوال الوطن ذخيرة فكرية ثرية للأجيال القادمة تهدف إلي إحياء ذاكرة الأمة, وتوعية شباب مصر بتاريخ الأقباط وأمجادهم ومواقفهم الوطنية الخالدة باعتبارهم يمثلون همزة الوصل الأساسية بين مصر القديمة ومصر الحديثة.
تاريخ الأقباط وآثارهم وحضارتهم هو تاريخ وآثار وحضارة مصر بأسرها, أفادت سلسلة تعلم القبطية التي كانت تشملها صفحة من دفتر أحوال الوطن في بداياتها الأولي الكثيرين في معرفة لغة آبائهم وأجدادهم, وأيضا الإلمام التام بما يتلي من صلوات القداس الإلهي والألحان الكنسية التي تقدم باللغة القبطية.
عبر نصف قرن من الزمان وبمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي لجريدة وطني, ومرور خمسين عاما علي صدور العدد الأول للجريدة في 24 ديسمبر عام 1958. يرصد باب من دفتر أحوال الوطن عددا من الملفات والقضايا الشائكة التي تناولها هؤلاء الكتاب الذين كانوا ومازال بعضهم شهودا علي عصر ملئ بالأحداث والمتغيرات.. قمنا عبر مجلدات جريدة وطني برحلة شاقة وشيقة في نفس الوقت للعودة إلي الماضي. اخترنا من هذه الباقة الموضوعات التالية.
المحررة…