لماذا تصر الجهات التنفيذية في مصر علي طرد المواطنين من جنة رحمتها وإسقاطهم من حساباتها؟ لماذا تصم آذانها عن سماع شكاواهم المتكررة وتغلق أعينها حتي لا تري مساحات الجرح والمرض في أجساد مجتمعاتهم المحلية التي أعياها الإهمال وعربد فيها النسيان ؟ هذه الأسئلة تبقي عالقة في ذاكرتنا بعد كل حلقة نقاشية نتابعها مع المواطنين في إطار مشروع صوت المواطن التي تقوم به مؤسسة ماعت للسلام والتنمية للتعرف علي احتياجات المواطنين ورفع وعيهم بعمل المجالس الشعبية المحلية وصلاحياتها وكيفية التواصل مع أعضائها . والتي يرأسها أيمن عقيل الناشط الحقوقي, و لأن المشكلات التي نسمعها ونعايشها في كل منطقة من مناطق المشروع جميعها تتعلق بالخدمات الأساسية التي تعد ضرورات حياتيه , فالحرمان منها يعد انتهاكا شديدا لحقوق الإنسان وعدوانا علي مبدأ المواطنة وخرقا واضحا وفاضحا للعقد الاجتماعي بين المواطن وحكومته . فأي حياة التي يحياها المرء منا وهو محروم من أبسط الحقوق كالمياه النظيفة الصالحة للشرب؟!.
في##أصفون ## قرية بمحافظة قنا نفذت ماعت مشروعها بالتنسيق مع جمعية مفتاح الحياة بأرمنت , وفي قرية ##قمنورة## محافظة الشرقية كان التنسيق مع مؤسسة المشرق للتنمية والسكان , و بمدينة كرداسة مع مؤسسة عدالة ومؤسسة حول العالم للتنمية , وبقرية مسجد موسي بأطفيح كان التنسيق مع مؤسسة صاحبة الجلالة.
جميعها قري محرومة , ففي قرية أصفون مثلا يعاني المواطنون من تلوث مياه الشرب القادمة إليهم من قرية مجاورة رغم توفر بئر ارتوازي في القرية تتوفر فيها الاشتراطات الصحية المطلوبة ,وإلي جانب التلوث فإن نقل المياه من قرية بعيدة نسبيا يؤدي إلي نقص شديد في كمياتها , المشكلة الثانية بأصفون هي وجود فرن عيش بلدي واحد فقط رغم أنها قرية أم وبها كثافة سكانية عالية.
وفي قرية مسجد موسي بأطفيح هناك كارثتان بيئيتان الأولي هي اختلاط مياه الصرف الصحي والصناعي بمياه الشرب وهو ما أدي إلي ارتفاع معدلات التلوث في المياه وزيادة نسبة الأملاح بالإضافة إلي ارتفاع منسوب المياه الأرضية بالقرية وانهيار عدد كبير من المنازل (36 منزلا) نتيجة ذلك , أما الكارثة البيئية الثانية فهي تلوث الهواء نتيجة حرق المخلفات الجلدية والبلاستيكية واستخدامها كوقود في صناعات الفخار البدائية المنتشرة في القرية.
وفي قرية قمنورة بالشرقية فإن الأهالي يعانون من عدم وجود شبكة صرف صحي بالقرية , ويشكو شباب القرية من عدم وجود مركز شباب واضطرارهم للذهاب إلي قري مجاورة لممارسة الرياضة أو التوقف عن ممارستها تماما , وهو حل يحمل في طياته كل بذور الانحراف الممكنة في المجتمع ,وآخر المشكلات التي طرحها المواطنون في قمنورة مشكلة غياب خدمات النظافة وتراكم القمامة في طرقات القرية.
قام الأهالي بالاقتطاع من دخولهم المحدودة وتعاونوا مع إحدي الجمعيات الأهلية بالقرية لتوفير خدمة النظافة بالجهود الذاتية ولكن الأمر يفوق طاقة وقدرة المواطنين والجمعية فكان مصيره التوقف.
أما في كرداسة فقد كانت مشكلة المواصلات العامة هي الأبرز علي مائدة النقاش , حيث إنه لا توجد خطوط لهيئة النقل العام تنقل المواطنين إلي الميادين الرئيسية بالقاهرة والجيزة , وهو ما يؤدي إلي تكبد المواطنين لتكاليف باهظة يوميا للانتقال إلي مقار أعمالهم.
صوت المواطن مشروع حقوقي تنموي , يطرح علي الساحةحق البشر في حياة عادية , لهذا الحد تدني الأمر فأصبحنا نطالب بالأوضاع العادية وليست الكريمة ويا ليتنا نجدها , ربما ينجح ##صوت المواطن ## في ايجادها إذ أنه يستهدف أيضا رصد المشكلات المحلية والاحتياجات الملحة للمواطنين ومدي تفاعل أعضاء المجالس الشعبية مع المواطنين في حل هذه المشاكل , وكذلك نشر مفاهيم وثقافة اللامركزية والحكم المحلي الرشيد والمشاركة الشعبية بين المواطنين علي المستوي المحلي وتهيئتهم للتعامل مع المتغيرات المرتبطة بتمكين المحليات.
إن الجهات التنفيذية ترتكب انتهاكا للحقوق الاجتماعية والتنموية للمواطنين وتخالف ما جاءت به نصوص المواثيق الدولية ومواد الدستور المصري,فهل من مغيث ؟.
[email protected]