بدأ العد التنازلي للوصول إلي مؤتمر كوبنهاجن بالعاصمة الدانمركية والمزمع انعقاده في السابع من ديسمبر القادم, وهو بمثابة اللقاء الحاسم حول اتفاقية التغيرات المناخية, وذلك للتوصل إلي صيغة تعاقدية من الالتزامات في مجال مكافحة تغير المناخ, قبل انتهاء اتفاق كيوتو 2012 والمنتظر أن يتم تحديد ملامح العمل الدولي المشترك لما بعد عام 2012, كيوتو المعمول به حاليا والذي أقره مؤتمر الأطراف الثالث في مدينة كيوتو اليابانية في ديسمبر عام 1997, حيث وضع الإطار القانوني الدولي لالتزامات الدول تجاه إجراءات تخفيف الانبعاثات. وحدد للدول الصناعية وغير الصناعية مجموعة التزامات محددة النسب لتخفيض انبعاثات غازات الدفئية بمعدل 5.2% بحلول عام 2012 مقارنة بمعدلاتها في عام .1990 بينما أعفت الدول النامية من أية التزامات في ذلك الوقت, ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في 16 فبراير عام 2005 عقب انضمام روسيا, الذي أعطي الشرعية للاتفاق بعد أن وصل نصيب الدولة المصادقة عليه إلي 60% من إجمالي الانبعاثات المسجلة سنة .1990 والآن بعد أن انضمت كافة الدول حتي أمريكا ننتظر الوصول لنقاط حاسمة.
فعلي مائدة التفاوض في كوبنهاجن ستتم مناقشة عدة قضايا منها إقرار حدود قصوي جديدة لانبعاثات الغازات المسببة لتغير المناخ من جانب الدول الصناعية, والزام الدول النامية أهدافا رقمية محددة لخفض انبعاثاتها, وكذلك المسائل الخاصة المتعلقة بالتمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات وإجراءات التخفيف والتكيف. ولكن مع كل هذا يحكم فرص نجاح التوصل لاتفاق في كوبنهاجن مدي تلبية المتطلبات السياسية لكافة الدول والتجمعات الاقتصادية والجغرافية المختلفة المشاركة في المؤتمر.
فضلا عن تأكد البلدان النامية من استعداد البلدان الصناعية لأخذ زمام المبادرة في حل المشكلة التي تسببت الأخيرة في إيجادها بسبب إطلاقها لانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري, وذلك بالمساهمة في تمويل مشروعات نظيفة وتكنولوجيات نظيفة في الأولي. خاصة وأن الدول النامية ترفض تخفيض انبعاثاتها حتي لا يؤدي ذلك إلي تعطيل نموها الاقتصادي. ويعتمد منظقها علي مقارنة أوضاعها بالفرص والمدة الزمنية التي أتيحت من قبل للدول الصناعية للمرور بمرحلة التصنيع الطويلة وما رافقها من تلويث مستمر للغلاف الجوي, أمر آخر مهم هو حجم إجراءات التخفيف اللائقة التي تستطيع البلدان الناهضة اقتصاديا (مثل الصين والهند والبرازيل) أن تتعهد باتخاذها علي المستوي الوطني فتخفض انبعاثاتها بما يتناسب مع حجم اقتصادها وكونها دول ناهضة وليست نامية وكذلك ليست كبري.
أما بالنسبة للعديد من البلدان الصناعية, خاصة الولايات المتحدة, سوف يكون من الصعب للغاية إقرار أي اتفاق ما لم ير مواطنوها أن البلدان النامية الناهضة اقتصاديا علي استعداد للمزيد من المشاركة أيضا إذ أن الصين وحدها أصبحت تتسبب في حجم انبعاثات لا يقل عما تسببه أمريكا. لأن التسوية التي تم التوصل إليها في مؤتمر بالي والتي كانت تحت عنوان خطة بالي في 2007 نصت من حيث المبدأ علي تحمل الدول الصناعية ومنها الولايات المتحدة التزاماتها في تخفيف الانبعاثات, وتقديم الدعم الفني والمالي والتقني للدول النامية لتقوم من جانبها بواجبها الدولي في تخفيف الانبعاثات ضمن شروط مرنة ولم يوضع في الحسبان نهوض دول أخري صناعيا كالصين والهند. وهو ما تراه أمريكا اتفاقا ظالما لها.
قضية أخري سيتم تناولها علي مائدة مفاوضات كوبنهاجن وهي التمويل, إذ أن حجم الالتزام الذي ستعلنه البلدان النامية سيعتمد إلي حد كبير علي التوجيه الفعال للتمويل وتسليم التكنولوجيا النظيفة من خلال العمل التعاوني الدولي وهو ما لم يتضح بعد.
حنان..
[email protected]