تحتفل جامعة القاهرة في اليوم الحادي والعشرين من شهر ديسمبر القادم (2008/12/21م) بمرور مائة عام علي افتتاح الجامعة الأهلية المصرية (جامعة فؤاد الأول ثم جامعة القاهرة حاليا 1908-2008)…وهي الجامعة التي تم تأسيسها بجهود مجموعة متميزة من المثقفين والمفكرين المصريين منهم مصطفي كامل وقاسم أمين وسعد زغلول وأحمد لطفي السيد,ذلك بالإضافة إلي عدد غير قليل من الأغنياء وأثرياء البلاد في ذلك الوقت,حيث آمن المثقفون والأغنياء علي حد سواء بفكرة المدرسة الجامعة انطلاقا من اقتناعهم بدورهم المهم في خدمة المجتمع وتنميته. وهو الأمر الذي كان له صدي واسع في صحف ذلك الزمان,لاسيما وأنه كانت هناك بعض الصحف التي اهتمت بالدعوة لإنشاء الجامعة وأن يكون في مصر تعليما عاليا يستفيد منه المصريون ويتطور به المجتمع المصري,وألا يقتصر التعليم القائم آنذاك علي إعداد موظفين/مستخدمين للحكومة فقط.
وكما هو معروف للجميع أنه قد تطور الأمر بعد ذلك من حيث إنشاء عدد من الجامعات الأخري,في الإسكندرية وأسيوط والقاهرة أيضا,بالإضافة إلي عدد من الأقاليم المصرية شمالا وجنوبا.ومع الوقت صارت تلك الجامعات تستوعب عشرات الآلاف من الطلبة والطالبات من مصر وعدد من الدول العربية…هؤلاء الذين تقلدوا بدورهم مراكز مرموقة ومواقع قيادية في عدد من المواقع والمراكز المتميزة في الداخل والخارج.
والواقع أن هناك عدة تساؤلات عن دور التعليم الجامعي,الذي يقدم في الجامعات المصرية في خلق وتشجيع روح الإبداع وترسيخ التفكير الإبداعي بين طلاب الجامعة,وكذا دور هذا النوع من التعليم في نشر مجموعة من القيم يحتاجها المجتمع المصري ومنها علي سبيل المثال لا الحصر قيم المواطنة والتسامح وقبول الآخر والتعددية والتنوع والعمل الجماعي,وإمكانية التعايش رغم الاختلاف,أو بمعني آخر دور الجامعة في دعم وتشجيع التفاعل والتفاهم بين فئات المجتمع المصري المتعددة ثقافيا وفكريا..!!
وفي هذا الإطار فإنه لابد من إعادة تقييم تلك الأنشطة التي تقدم في إطار كل كلية وكل جامعة وكذلك الأنشطة التي يتم تنظيمها علي مستوي الجامعات المصرية,فيصبح السؤال هو: هل تساهم تلك الأنشطة المتنوعة في تنمية القيم التي تحدثنا عنها سابقا إضافة إلي تنمية روح المنافسة الشريفة؟! أم ما زال البعض من الطلاب يفكر بشكل عصبي وقبلي؟!
وقد يكون من المناسب أيضا إلقاء نظرة موضوعية,تتسم بمواكبة الحاضر والتطلع نحو مستقبل أفضل,لتلك المناهج التي تقدم في (الجامعات) المصرية وطرق تدريسها وما تتضمنه من أنشطة وأبحاث,فنتساءل هل تساعد هذه المناهج بوضعها الحالي علي تنمية العمل الجماعي وفريق العمل,وكذا هل تنمي بدورها طرق التفكير العلمي وتساهم في تطبيقه؟!
إنني أذكر للقراء هنا مقالا كتبه المفكر المعروف سلامة موسي (1887-1958م) في مجلته (المصري) بتاريخ 9أكتوبر1930م عنوانه (مهمة التربية) ذهب فيه إلي أن ##الغاية من التربية والتعليم يجب أن تكون كالغاية من الدين إصلاح نفوسنا ورفعها نحو الخير وإدراك مركزنا في الأمة والعالم ومباشرة الجسم والنفس بتطهيرهما من الأدران والشوائب وتقوية الشعور بأن هذه الأمة هي أسرة واحدة##.
ومع اتفاقنا مع المفكر سلامة موسي فإنه وبعد مائة عام من التعليم الجامعي لابد من وقفة موضوعية,تتسم بالمصارحة والمكاشفة لنعرف من خلالها هل نجحت الجامعة المصرية في تحقيق أهدافها؟! وهل أدت رسالتها؟! وهل أخرجت الطالب الذي نريده ونحتاج إليه؟! وماذا عن المستقبل المتوقع للتعليم العالي (الجامعي) في بلادنا؟!
إنها دعوة لأن نستفيد من تلك الاحتفالية في البحث في مسألة تطوير التعليم الجامعي بعناصره المختلفة (المدرس-المناهج والأنشطة-الطالب…).
* باحث
[email protected]