انتهي شهر رمضان, ولم ينته المهرجان الضخم الذي استمر إلي ما بعد العيد.. وجبة ضخمة متنوعة استحال هضمها ومشاهدتها وتتبعها. بالكاد استطاع الفرد أن يتابع عملين أو ثلاثة علي الأكثر من بين أكثر من 68% عملا دراميا قدمته القنوات الأرضية والفضائية طوال النهار والليل. والذي لم يترك للفرد فرصة للراحة أو التقاط الأنفاس والاستيعاب والتقييم.
ازدحمت الشاشات بالأعمال.. مجموعة كبيرة لا يمكن حصرها أو مشاهدتها. وتعدت ميزانية الإنتاج مئات الملايين من الجنيهات التي اضطرت القنوات إلي اللجوء للإعلانات كضرورة حتمية للمساعدة في التمويل والتكلفة الباهظة للأعمال المقدمة.
وكانت نتيجة ذلك هي الحرية الكاملة للإعلانات لتتداخل في نسيج العمل الدرامي بشكل مزعج ومستفز إلي الدرجة التي أطلق عليها البعض مسلسلات الإعلانات. فقد أفسدت عملية التلقي والاستيعاب والفهم. وأصبح الإعلان هو المسيطر ومن الإعلانات أول وداخل وآخر العمل الدرامي.
وربما كان الوقت الذي تشغله الإعلانات أطول من المادة الدرامية ذاتها, ونسي مقدمو هذه الأعمال أن الإعلانات كان لها تأثير سلبي علي متابعة العمل الدرامي والاستمتاع به.
شيء آخر ظهر بشكل فج ومستفز وأحيانا مقزز وهو لغة وأسلوب الحوار المتدني والهابط والذي تتخلله عبارات بذيئة وشتائم وسباب بين الأفراد, ففي داخل الأسرة نفسها الزوج يسب زوجته وأولاده وبناته, والزوجة تخاطب زوجها بكلمات يعف اللسان عن النطق بها. وبالطبع طال هذا الأسلوب الوقح الأولاد والبنات في داخل العمل الدرامي خاصة في الأعمال الضاحكة الكوميدية. فالأولاد والبنات يطلقون ألسنتهم بحوار ساذج ووقح باعتبار أنه حوار يحقق الضحك ويتعامل مع الكوميديا ويسمح به في مثل هذه الأعمال, وتعددت الأعمال الكوميدية وتنوعت ولكن لم يخل عملا منها من هذه الحوارات الوقحة والمتدنية, والتي أعطت مثلا غاية في السوء يمكن معه أن يسود هذا الحوار في الواقع بين أفراد الأسرة والشباب وفي الشوارع.
ولابد أن نتساءل هل الكوميديا تعني التدني والوقاحة؟!, وهل الدعوة إلي البهجة والضحك تعني السباب والشتائم بكل مستوياتها؟!. إنها دعوة للتقليد والانحطاط والأفكار المتضاربة وقلبت إيجابياتها إلي سلبيات. وأصبح هناك رسائل عديدة تطرح أفكارا متضاربة ومتخبطة تزيد من التربص وتفتيت الجماهير وتجرها إلي استخدام هذه الأساليب, وكلمات الحوار التي يلتقطوها مما يقدم لهم علي الشاشات الفضائية سواء كانت شاشات حكومية أو غير حكومية. ونسينا الكوميديا الراقية والحوار الرفيع والضحك علي المضمون والفكرة ذاتها.
أما الأعمال الدرامية وصورة المرأة في هذه الدراما علي اختلاف مستوياتها فسوف نتحدث عنها في المرات المقبلة.