في الحقيقة نحن في حيرة في هذا الجو العام الذي نعيشه ونحياه. ما الذي يمكن أن نفعله؟ ما الذي نحتاجه في هذا الوقت وقد قامت فئة علي فئة وجماعة علي جماعة وأصبحت حقيقة الأمور غائبة ومفتقدة. أشعر وبصدق أن ما نحتاجه الآن وفي هذه المرحلة العصيبة هو السلام, هذه القيمة العظيمة التي أسسها وأرساها لنا ربنا يسوع المسيح حين قالسلاما أترك لكم سلامي أعطيكم وما أجملها من عطية سماوية قادرة أن تسكن الألم وتنزع الخوف وتجلب الهدوء والأمان, وتقضي علي كل أنواع القلق والحيرة والخوف وتمنح القدرة علي تحمل المشاق والصعاب, نعم نحن نحتاج إلي السلام بكل درجاته. نحتاج إلي السلام الداخلي. السلام مع النفس فلا تمزقنا الخلافات أو تزعزعنا المشكلات. نعيش الرضا ونقبل كل شئ والسعي للتغلب علي كل ما يقلقنا ويهدد سلامنا. ومع الرضا ينشأ السلام مع الآخرين علي اختلاف أنواعهم قريبين أو بعيدين. السلام داخل البيت مع أفراد الأسرة فردا فردا, الكبير والصغير. وهذا السلام يقود إلي المحبة والمغفرة ونسيان الإساءة والسعي إلي الخير. ومع السلام تعيش الأسرة سلامها الدائم وتسليمها بكل مايأتي به الله مؤمنين بأن كل الأشياء لعمل الخير للذين يحبون الله. ثم السلام مع الآخر وقبوله وتعويد النفس علي حسن معاملة واحترام أفكاره ومعتقداته ورؤيته ومن حق الآخر نفس الحقوق التي نسعي إليها ونريدها لأنفسنا. من حق احترام رؤيته واحترام عقيدته واحترام دينه بنفس القدر الذي نريده لنا ونسعي لتحقيقه والحفاظ عليه. والسلام مع الآخر أو الآخرين واحترام مالهم من حقوق هو لب المواطنة والسبيل الوحيد لتحقيق مفهوم المواطنة, التي تعني المساواة في الحقوق والواجبات. ونحن لن نستطيع تفعيل المواطنة إلا بتطبيق معانيها الحقيقية. وما يعطل هذا التفعيل هو غياب السلام والمحبة وقبول الآخر مهما كان جنسه وديانته ولونه وثقافته ومستوي تعليمه ووعيه. وقد أطلقنا هذه المفاهيم منذ أمد بعيد ونادينا بمقبول الآخر وضرورة التعامل معه والسعي لتحقيق السلام معه. ومع السلام سوف تقل الخلافات وتختفي ومع السلام تتحقق الحياة الكريمة ونتحمل أخطاء الآخر وننتصر عليها.
إننا نفتقد السلام الاجتماعي الذي يحتاجه مجتمعنا الحالي بكل ما يحدث ويدور فيه من انشقاقات وخلافات ومشكلات وعنف وبلطجة وانفلات. بالسلام نعيش ونحيا وننادي بالسلام. فقد قال سيدنا وإلهنا: وعلي الأرض السلام.