هي مجنونة ومنذ سنوات طويلة أطلقوا عليها هذا اللقب, ولكن جنونها كان يستمر أسبوعا أو اثنين ثم تعود إلي عقلها وهدوئها. وكنا نتحملها طوال هذه المدة وننسي أنها كانت مجنونة. لكن هذه المرة استمر جنونها فترة طويلة ومازالت إلي الآن مجنونة ووصل سعرها إلي ثمانية جنيهات وأحيانا إلي عشرة جنيهات للكيلو الواحد. والغريب والمدهش أن هذا الجنون انتقل إلي زميلاتها فقد وصل سعر كيلو القوطة أو الطماطم إلي حد غير معقول ومازالت أسعارها ملتهبة, وقد طال الجنون باقي أنواع الخضروات… البسلة الخضراء وصل سعر الكيلو إلي 19 جنيها. والفاصوليا الخضراء إلي 18 جنيها والكوسة إلي 9 جنيهات حتي الجرجير والبقدونس والشبت تضاعفت أسعارها, وهو ارتفاع غير مبرر وغير مقبول, وأصبحت الأسرة… أي أسرة وخصوصا الأسرة المحدودة الدخل والتي قاطعت كل أنواع اللحوم والأسماك والطيور واكتفت بأن تلجأ إلي الخضر لتطهوها قرديحي وتأكلها وتقدمها لأطفالها, حتي هذه الخضر أصبحت غير متاحة ولا تستطيع هذه الأسر أن تتحمل أسعارها المرتفعة التي ليست في متناول أيديهم.
لقد التهبت الأسعار بشكل غير مبرر وغير منطقي وارتفعت أصوات الناس بالشكوي بلا طائل وبلا استجابة أو تحرك من الحكومة لتردع هؤلاء التجار وتعيد إليهم العقل والإحساس بالآخرين. ولابد أن تكون هناك وقفة حاسمة لتعيد الأمور إلي نصابها ولا يمكن أن يكون معني الاقتصاد الحر أن يترك الأمر لهذا السلوك غير المبرر, ولابد من تدخل الحكومة وتكون هناك نظرة تقدر وتقيم ما حدث, ووقفة لردع الذين يحاولون أن يأكلوا لحم الفقير والمحدود الدخل والمعدوم الدخل أيضا. لقد ازداد الفقير فقرا وأصبح عاجزا عن إطعام أولاده ويسد رمقهم ويمنع عنهم الجوع. لقد لجأت هذه الأسر الفقيرة إلي تناول الفول والطعمية والعدس والبصارة ولكنها لا تستطيع أن تستمر… إنها هي وأطفالها في حاجة إلي الخضروات التي ارتفع ثمنها طوال شهر رمضان, وسكت الناس وانتظروا أن تعود أسعارها إلي الانخفاض ولكن حاشا أن ينخفض سعر شئ بعد أن يرتفع. ولا حس ولا خبر لدور حماية المستهلك من بطش التجار. فالمستهلك أصبح مستهلكا, الرحمة مطلوبة والتدخل مطلوب والسكوت علي ما يحدث خطأ وخطية معا.