احتاج مواطن إلي شهادة أمام القاضي ليؤكد سلامة وصدق قضيته. أمامه كان جاره وصديق عمره المصري المسيحي الشهم الذي هب لنجدته أمام المحكمة. فما الذي حدث؟ رفض القاضي شهادته بسبب ديانته. لنتصور شعور ذلك المواطن المصري المسيحي الذي حاول بصدق أن يجسد الوحدة الوطنية التي نص عليها الدستور في أول مادة من مواده.
بعد أن تحمل مشقة الوقوف أمام المحكمة لمساندة جاره وصديقه المسلم بعد أن عاد إلي بيته مهانا تقتله الإساءة التي لحقت به دون ذنب جناه. ماذا يعني ذلك؟ هو مواطن من الدرجة الثانية. منبوذ وقد رفضت شهادته. أين إذن قضية العدل؟ وأين هي مقولة إن الجميع متساوون أمام القانون؟ وأن الوحدة الوطنية هي صمام الأمان للوطن؟ هل هي مجرد شعارات تخلو من أي مضمون حقيقي وقدرة ملزمة علي تحقيق المساواة؟ أليس علي القاضي ألا يحكم إلا بنصوص القانون فقط, وليس وفقا لقناعاته الفكرية أو السياسية أو عقيدته الدينية!! والقانون الذي يستمد شرعيته من الدستور الذي يحدده الشعب يرضي به ويضعه موضع التنفيذ!! ما حدث داخل قاعة المحكمة صدمة قاتلة بكل المقاييس.. عندما رفض أحد قضاتنا شهادة مواطن مسيحي. وهذه هي المرة الثانية التي تحدث فيها هذه الواقعة الصادمة. والصمت هو دائما الذي يحدث وهو صمت خبيث ومريب ويزيد الأمور اشتعالا. إلي أين سوف تمضي الأمور وقد تجاوز الصمت مع الحوادث الطائفية في الشوارع والكنائس ودور التعليم وأجهزة الإعلام لتصل إلي قاعة المحكمة. أين تساوي المواطنين أمام القضاء؟
أين مفهوم المواطنة؟ وكيف يترسخ ويرتقي ويكتمل؟ إن أهم منجزات الفكر الإنساني وأنبلها هي فكرة المواطنة, وهي انتصار للوطن والمواطن, وهي المعيار الحقيقي الذي يحدد الحقوق والواجبات ويحمي مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص, واحترام كرامة كل مواطن مهما كان موقعه أو عمله أو ديانته حتي يصدقنا ونحن نصرخ ليل نهار أننا جميعا متساوون أمام القانون, وأن الوحدة الوطنية هي صمام الأمان للوطن والمواطن, وأن مبدأ المواطنة بنص القانون في الدستور يجب أن يوضع موضع الطبيق الفعلي.
ليلي