الأزمة التي تثار حاليا مع د. هالة مصطفي تثير اندهاشي جدا.. فالطبيعي أن تكون للصحفي علاقات ومصادر علي أوسع نطاق, وليس منطقيا أن يجوب الصحفيون الإسرائيليون مصر من أقصاها إلي أقصاها وهم عيون وآذان لبلدهم ونغمض نحن عيوننا ونصم آذاننا ونمنع الصحفيين المصريين من الوصول إلي المعلومات والأخبار الإسرائيلية بأنفسهم, ونستقي كل المعلومات عنهم من وكالات الأنباء والصحف الأجنبية.. نحن نفرض علي أنفسنا تعتيما كاملا علي مصادر الأخبار.. وأروي لكم موقفا يؤكد خطورة وأهمية دور الصحافة لخدمة وطنها.
أيام حادثة سليمان خاطر الجندي المصري الذي فتح النار بعد السلام علي بعض السياح الإسرائيليين فقتل طفلا وامرأة ورجلا مسنا -وأدين سليمان بعد محاكمة عسكرية- فاستحق القتلي تعويضات من مصر. في تلك الأيام زرت ساسون السفير الإسرائيلي في مكتبه في الجيزة, واشتكي لي السفير وهو مهموم من أن الحكومة المصرية تعترف بحق القتلي في تعويضات ولكنها توقفت عند هذا الحد ولم تستجب لمطالبات السفير بصرف التعويضات, مما يهدد العلاقات الوليدة بأزمة, فوعدته بأن أسعي لدي المسئولين لمعرفة السبب.
بعدها اتصلت بمدير المعلومات في مباحث أمن الدولة (اللواء سامي البهنساوي) فوعدني بإعطائي الرد خلال يومين.. والغريب أنه اتصل بي بعد ساعتين وقال بالحرف الواحد: الحكومة المصرية في ورطة لأن التعويض في مصر للفرد الواحد لا يزيد علي بعض آلاف الجنيهات.. أما في إسرائيل فالتعويض بالملايين من الدولارات, ولا تستطيع مصر أن تدفع بالتقييم المصري فهذا مهين لأسر القتلي, ولا تستطيع أن تدفع بالتقييم الإسرائيلي فهذا مثير لغضب الشعب المصري, وعلي الحكومة الإسرائيلية ألا تضع السادات رجل السلام في هذا الموقف الشائك.
نقلت هذه المعلومات الحساسة جدا إلي ساسون.. فصمت طويلا جدا ثم رفع رأسه وقال: لا نستطيع أن نحرج السادات.
انتهت الأزمة تماما.. ولم نسمع بعدها عن مطالبات بالتعويضات.
تستطيع الصحافة أن تقوم بالدور الذي لا تستطيع أن تقوم به الجهات الرسمية.
صفوت عبدالحليم