في أول ليلة قضيتها في بيت ابني في الدانمرك اجتمعت الأسرة بعد العشاء, وبدأت حفيدتي -19سنة- تقرأ فصلا من رواية طويلة إنجليزية استكمالا للفصول التي انتهوا منها في الأمسيات السابقة, وإذا جاءت جملة أو كلمة غير مفهومة لواحد منهم يسأل عن المعني فيرشحه له أحد الحاضرين. وعرفت منهم أنها عادة أسرية, حيث يقرأون بهذه الطريقة روايات عالمية بالعربية أو الإنجليزية أو الدانمركية.
قفزت إلي السطح ذكريات قديمة عندما كان ابني وابنتي في مراحل الطفولة المبكرة وكيف كنت أحببهما في القراءة. كنت ألقي في أماكن ظاهرة مجلات للأطفال مثل ميكي وسمير وكتب مليئة بالصور والرسومات الملونة فكانا يلتقطانها, ثم بدأ كل منهما يبحث عنها بشغف, وكان كل منهما يطارد من في البيت ليقرأ ويشرح له ما بين يديه. والمذهل أن كلا منهما تعلم القراءة بمفرده قبل دخول المدرسة حتي لا يتسول من يقرأ له.
أتذكر الآن يوما كانت زوجتي جالسة منهمكة في إنهاء أمر ما في المنزل, فبدأت ابنتي ذات الثلاث سنوات تطاردها وهي تضع مجلة ميكي أمام عينيها وتقول بإلحاح: ##إقرأي لي ميتي يا ماما##. ضاقت زوجتي بهذا الإلحاح فصاحت في الطفلة ##ابعدي عني أنت وميكي بتاعك## فانزعجت الطفلة لهذا العدوان علي ميكي وصاحت ##ماتقوليش كده علي ميتي##.
ودارت الأيام وورث الأحفاد حب القراءة.. ولكن بثلاث لغات.