في هذا الفصل سيركز سفر الرؤيا علي مفهوم يوحنا للتاريخ البشري, وسيحاول توضيح هذه الرؤية في سباعية كالتالي.
1- الامرأة الملتحفة بالشمس 1/12
2- الحية الكبيرة ذات اللون الأحمر الناري :3/12
3- الحيوان الذي سيخرج من البحر : 11/13
4- الحيوان الذي سيخرج من الأرض : 11/13
5- الحمل واقف علي جبل صهيون ومحاط بـ144000 ألف من المختارين
6- ثلاثة ملائكة يعلنون الدينونة الأخيرة.
7- حصاد ثمار الأمم : 14/14-20
1 – المرأة الملتحفة بالشمس,## ثم ظهرت آية عظيمة في السماء : امرأة ملتحفة بالشمس, والقمر تحت قدميها, وعلي رأسها أكليل من اثني عشر كوكبا##. توصف مدينة أورشليم بأنها امرأة محاطة بمجد الله مستخدما رمز ##الشمس## كما جاء في سفر إشعياء فصل 60/..1##قومي استنيري فإن نورك قد وافي ومجد الرب قد أشرق عليه##. كذلك في سفر باروخ 1/5 ##اخلعي يا أورشليم ثوب الحزن والشقاء والبسي للأبد بهاء المجد الذي من عند الله##
المرأة واقفة فوق القمر, يستخدم يوحنا المفردات الباسلية والإيرانية القديمة وبعض معان جديدة من مظاهر عبادة الإلهة أرطاميس التي كانت تزدهر عبادتها خاصة في مدينة أفسس وهي بعلامة القمر .
إن القمر صفة تضاف إلي اللام. ففي حلم يوسف بن يعقوب, يري يوسف في الحلم الشمس والقمر والنجوم تسجد له, بمعني أن يعقوب يمثل الشمس وراحيل تمثل القمر وإخوته يمثلون النجوم.
وفي إطار عبادة النجوم, فإن القمر يكبر ويصغر, وهو يرمز للقوي الخبيثة, والمرأة تحمل علي رأسها صفة الانتصار, وإكليل مكون من 12 نجما للاثنتي عشرة قبيلة لإسرائيل الجديدة, أو الـ 12 رسولا.
والمرأة تظهر في الوقت الذي ستلد طفلها في العالم ##فهي تتلوي من الألم##, وفي اللغة الرمزية في الكتابات اليهودية الرؤوية فأننا كثيرا ما نجد موضوع ##المرأة التي تلد وهي تتوجع وتتألم## فهو موضوع معروف لدي الجميع في هذا السياق.
ومن جهة أخري نري إشعياء يتحدث عن المرأة التي تلد شعبا: إشعياء 6/66-8 ##صوت جلبة من المدينة صوت من الهيكل صوت الرب الذي يجزي أعداءه الانتقام. قبل أن تتمخض ولدت قبل أن يأخذها الطلق وضعت ذكرا. من الذي سمع بمثل هذا ومن الذي رأي مثل هذه؟ أتنتج أرض في يوم واحد أم تولد أمة في مرة واحدة؟ فإن صهيون ما أن تمخضت حتي ولدت بنيها##
أما في القراءة المسحية للكتاب المقدس, فأن المرأة ترمز إلي الكنيسة أو جبل صهيون, مدينة الله, أما الطفل الآتي إلي العالم بعد ألم الولادة فهو المسيح.
ومكتوب في سفر المزامير, وبنفس المفهوم اللغوي في المزامير المسيحانية أن المولود هو ##الذي سيقود إلي المراعي كل الشعوب بعصا من حديد##. رؤيا 5/12 ##فوضعت ابنا ذكرا, وهو الذي سوف يرعي جميع الأمم بعصا من حديد وخطف ولدها إلي حضرة الله إلي عرشه##.
وميلاد هذا الطفل مرتبط بالتمجيد…. مزمور 5/12, فهو رفع عن يمين الرب ويجلس علي عرشه, وهذه إشارة علي قيامه وصعود المسيح الذي بانتصاره علي الموت والشر سيقضي علي الوحش وعلي إبليس.
بعض التعبيرات تذكرنا ببداية سفر التكوين 15/3 ##حيث قيل إن حواء ستواجه قوة الشيطان ولكن سينتصر نسلها علي الشيطان##
ومن أجل هذا السبب بدأ آباء الكنيسة منذ القرن الرابع الميلادي يعبرون عن طريق الليتورجية والفن المسيحي, ويشخصون المرأة باسم الكنيسة المضطهدة, لا بل جعلوا المرأة تتماشي مع مريم العذراء, أم المسيح.
ثانيا : الحية الكبري الحمراء كالنار:
لقد تباري الفنانون ليعبروا بالرمز عن العدو الأول ##ملك هذا العالم## حيث له سبع رؤوس وسبعة قرون علامة علي قوة سلطانة وعشرة قرون مثل ما كان عند الوحش الرابع في رؤي سفر دانيال 7/7 إن عظمته بذيله يكنس ثلث نجوم السماء, علي الرغم من رعبه من معرفة ولادة من سيهدد سلطانة, فالطفل ##يسوع## سوف يهرب منه ليجد ملجأ ##عند الله وعرشه## إن قيامة المسيح إذن تفتح عصر هزيمة الشيطان, وتحقق النبوءة التي جاءت في سفر التكوين. ونسلها ##حواء## سيسحقون رأسك##…
وتظل المرأة علي الأرض في وضع خطر: ولكن الله يحميها ويقيم لها ملجأ في الصحراء, أو كما جاء في سفر الخروج فإن الله سيهتم بغذائها.
أما الجناحان الكبيران اللذان تحصل عليهما المرأة لتطير إلي الصحراء, فيذكرنا بما جاء في سفر الخروج حيث يقول يهوه ##لقد حملتكم علي أجنحة النسور## خروج 9/19
أما في السماء, فالمعركة بدأت, فالملاك ميخائيل وبقية الملائكة انتصروا علي ##الحية## الشيطان, إبليس ##وهو الذي يغوي العالم جمعة## فسقطت الحية بشكل سريع إلي الأرض لتطارد المرأة.. وكانت الحية تخرج من فهما أنهارا من الماء تذكرنا بمياه البحر الأحمر الذي نجا منها الشعب اليهودي وعبروا إلي الحرية.
ويسبب غضبها بعد هزيمتها في السماء, انتقلت الحية, إبليس بمعركتها إلي الأرض, لتطارد نسل المرأة -أي المؤمنين بالمسيح, أعضاء شعب الله## الذي يظل يشهد بقيامة يسوع. رؤيا 17/12 (فغضب التنين علي المرأة, ومضي يحارب سائر نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح).
هذا الشعب الذي يمثل الكنيسة المؤتمنة علي الله وعلي الشهادة لحضوره الفاعل في العالم.