توجهت مع نيافة الأنبا رافائيل إلي نجع حمادي, بمجرد عودتنا معا من زيارة لكنائسنا بالسودان, بهدف تعزية نيافة الحبر الجليل الأنبا كيرلس, والآباء الكهنة, وأسر الشهداء.
وقد رجعنا مملوئين بالسلام الذي كان يملأ قلوب الآباء والأمهات هناك, إذ أشعرونا بأنهم يزفون أولادهم إلي الفردوس, كما في موكب عرس!.
1- بدأنا بالقداس الإلهي في دير القديس الأنبا بضابا, ورفعنا ترحيما بأسمائهم المباركة.
2- وفي المطرانية التقينا بنيافة الأنبا كيرلس والآباء الكهنة وبعض أبناء الإيبارشية, ونقلنا إليهم تعزيات قداسة البابا شنودة الثالث, الذي تحدث عن أبنائه كشهداء أطهار انطلقوا إلي الفردوس بعد أن حضروا القداس الإلهي وتناولوا من الأسرار المقدسة, وذلك في اجتماع قداسته مع الشعب الأربعاء الماضي.
3- ثم زرنا بيوت أسر الشهداء المقيمين في نجع حمادي, وتعجبنا من السلام الروحي الذي كان يملأ قلوب الجميع, وروح المحبة المنسكبة فيها بنعمة الله, حيث قالت لنا إحدي الأمهات, إنها لم يعبر علي فكرها ولا علي قلبها أي شعور بالكراهية أو رغبة في الانتقام, معتبرة أن ابنها عريس السماء, وشهيد محبة المسيح.
4- ثم التقينا في المطرانية باثنين من كبار ضباط الشرطة, ولاحظنا مشاعر الحب التي تربطهم بالأب الأسقف, وبإخوتهم المسيحيين المتواجدين معنا, فقد نشأوا جميعهم معا في رباط أسري ومحبة كاملة. وقد أبدي الجميع اندهاشهم مما حدث, فالعلاقة بين العائلات هناك كانت تسودها المحبة الصادقة, علي مر الزمان.
5- وتوجهنا مع قيادات الأمن إلي سرداق العزاء لشهيد الشرطة أيمن هاشم سيد والتقينا بوالده وأسرته, ونقلنا إلي الجميع تعزيات قداسة البابا شنودة الثالث, الذي تربطه بأبناء الأمة العربية والإسلامية محبة خاصة, بسبب مواقفه الوطنية الخالدة, حتي إنهم يدعونه ##بابا العرب##. وقدمت الأسرة مشاعر المحبة والشكر لقداسة البابا, وكرروا اندهاشهم مما حدث, لأن هذه الجريمة غريبة عن روح البلد, ومبادئ الإسلام الصحيح.
6- ولما رجعنا إلي المطرانية وجدنا وفدا من القري المجاورة, وقد جاءوا لتعزية الأب الأسقف وأقباط نجع حمادي, بمشاعر صادقة وحقيقية. وقد تحدثوا معنا عن علاقات المحبة التي يعيشونها مع إخوتهم الأقباط في قراهم ومزارعهم, وذكروا أن بعض من المتطرفين فكروا في الاعتداء علي الكنيسة, وكان رد كبار المسلمين هناك: ##إذا فعلتم ذلك, فأنتم تعادوننا نحن وليس الأقباط فقط##!! ففهموا المقصود, وتراجعوا.
7- إن التعايش الودي الذي يجب أن يسود بين أبناء الشعب الواحد, هو الدرع الواقي لمصر, ولكل المصريين, من فتنة مرفوضة من الجميع, يمكن أن تدمر كل شيء.
8- ولاشك أن الكل كان يطالب بالعدالة وإعمال القانون, ويرفض ما سبق من تهاون في التعامل مع الأحداث السابقة.
9- كما أن الجميع – وأقصد المسلمين والمسيحيين – كما قرأنا يطالبون بحلول جذرية لهذا الاحتقان المرفوض, بإعمال توصيات لجنة التقصي البرلمانية برئاسة الدكتور العطيفي وغيرها من التوصيات, وهذا بدا واضحا في مقالات وحوارات المثقفين والصحفيين المصريين.
10- وتبقي المحبة صماما لأمن الوطن, وإدانة العنف بكل صوره, والمساجلات الدينية علي الفضائيات, وكذلك عودة لجان النصح والإرشاد, وتنقية المناهج التعليمية من كل ما يثير الفرقة, مع ضرورة تعميق أواصر المواطنة علي المستوي الشعبي, كمفاتيح جوهرية للوحدة الوطنية الصادقة.
11- وقد أخبرني أهل السودان أن هناك ##مجموعات حكماء##, في كل مدينة وحي وقرية, يبنون روابط المحبة علي المستوي الشعبي, ويطفئون أول شرارة للفتنة بمجرد اشتعالها, وأرجو أن نحقق ذلك في مصرنا الحبيبة.
12- دامت المحبة منتصرة علي الكراهية, فوصية الرب تقول: ##لا يغلبنك الشر, بل أغلب الشر بالخير## (رو21:12), و##المحبة لا تسقط أبدا## (1كو8:13).