إن قيامة المسيح من الأموات في اليوم الثالث حقيقة ثابتة من ثوابت العقيدة التي لم يختلف عليها أحد بل فقد أجمعت عليها جموع المسيحيين مهما كانت طوائفهم وعقائدهم.هي حقيقة لم يشهد العالم مثلها فهي ليست قصة خيالية أو رواية تاريخية ولكنها واقع ملموس نلمسه نحن المسيحيين في كل عصر بل ونعيشه إن كنا فعلا نحيا بالمسيح وفي المسيح…هذا علاوة علي النبوات الكتابية التي تحققت في شخص يسوع المسيح…فالمسيح يختلف عما سبقوه ومن أتوا بعده من الأنبياء والمعلمين والفلاسفة فلا وجه للمقارنة بهم فلقد كان يسوع فريدا عنهم ولم يتكلم أحد منهم عن الحب الإلهي العجيب سواه…بل كان هو الحب ذاته…لأنه هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه فداء عن العالم أجمع…فهو ابن الله الذي سكب نفسه علي الصليب من أجل كل البشرية – باختلاف مذاهبها وأشكالها وألوانها وأطيافها وأجناسها واحتمل الهوان والذل والاحتقار والآلام التي تفوق الوصف والتي كتب تفاصيلها المزمور قائلا (كالماء سالت قواي وتفككت جميع عظامي صار قلبي مثل الشمع يذوب داخل صدري) وقد تحقق هذا بالحرف الواحد إذ سال منه دم وماء عندما ثقب أحد الجنود الواقفين تحت الصليب جنبه بالحربة (ثقبوا يدي ورجلي) كما تحققت أيضا أكثر من 300نبوءة تكلمت عنه وقد أحاط به الكهنة ورؤساءهم والفريسيين والكتبة والشيوخ وكل مجمع السنهدريم (الكلاب يحيطون بي وزفرة من الأشرار يحاصرونني)…هذا هو المسيح الذي احتمل كل ذلك لأجلي فمات كأي رجل محتقر شرير ومجرم في نظر العالم مع لصين صلبا معه, ومع كل هذا الهوان انتصر المسيح علي الموت…فالمسيح تكلم بكلام الحياة الذي لم يتكلم به أحد قبله أو بعده فدخل قلوب الملايين من البشر مؤمنين به ومتأثرين بتعاليمه وقيامته التي أعطتهم حياة أبدية فيه…المسيح قام بالحقيقة قام…وقد أعطانا الحياة الأبدية فلماذا إذا نخاف الموت؟ بقيامة المسيح لم يعد شئ يخيفنا لا الناس ذو القوة والعنفوان والمناصب الكبيرة…ولا الأيام…ولا المشاكل…ولا الوحدة…ولا الغربة…ولا المرض…ولا الفشل…ولا المجهول…حتي الشيطان أيضا لم يعد يخيفنا فلم يعد له سلطان علي أي منا ما دامت لنا الحياة في المسيح…إن قيامة المسيح حقيقية فماذا نضطرب؟ هل تضطرب من الهموم…من ترك الناس لك…من المستقبل…من الضرورات الموضوعة عليك…من الاضطهاد…صدقني لو عشت القيامة فلا شئ يستطيع أن يضطربك…المسيح قام فلماذا إذا تبكي مع بنات أورشليم؟…لا تبكي من الحزن ولا من اليأس ولا من الإحباط ولا من الحسرة ولا من الخسارة ولا من الهزيمة ولا من الضعف ولا من الضيقة ولا من التجربة…فكل هذا لا يساوي شيئا إذا عشت القيامة…كم نحن بحاجة لفهم معاني القيامة وأسرارها…فقيامة المسيح من بين الأموات هي قيامتي وقيامتك فالمسيح له المجد لم يقم لكي تكون أعجوبة مذهلة بل لنؤمن به كأب محب وغفور افتدانا بأغلي ما عنده بدمه فهو حي في ضمائرنا ووجداننا وقلوبنا وأفكارنا وهو ساهر كراع أمين وصالح يسعي لهدايتنا واحتضاننا والسهر علينا فما علينا إلا أن ندحرج الحجر الموضوع علي باب القبر علة الموت وعلامته لنرفع إذا عن صدورنا حجر الخطيئة والفساد والأنانية والأحقاد والمصالح الشخصية والانقسام والأحقاد وإن اختلفنا في الآراء والسلوك والعقيدة فلا يجب علينا أن نختلف في الحب في محبة بعضنا البعض كما هو أحبنا…فلنشهد إذا للقيامة…فلنشهد للمسيح القائم وذلك بأن نعمل أعمال القيامة.
*رئيس مجلس إدارة مستشفي فيكتوريا
استشاري ورئيس قسم أمراض النسا والولادة