انتقد تقرير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 2007 والصادر مؤخرا, الحكومة المصرية وشن هجوما علي تعاملها مع ملف حقوق الإنسان خاصة التعذيب في أقسام الشرطة والتضييق علي مؤسسات المجتمع المدني. التقرير الذي يصدر سنويا بموجب أمر من الكونجرس الأمريكي وتقيم الخارجية فيه أوضاع حقوق الإنسان في كل دول العالم أشار إلي أن مصر والتي وصفها بأنها حليف قوي للولايات المتحدة وواحدة من الدول الرئيسية التي تتلقي معونة أمريكية, سعت لقمع نشطاء المعارضة والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني. ورصد التقرير – الصادر منتصف مارس الماضي – مجموعة كبيرة من الانتهاكات التي يتعرض لها المصريون بسبب الدين أو العقيدة. جاء بالتقرير أن الدستور المصري يكفل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية, إلا أن المادة الثانية تنص علي أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وبالتالي فالممارسات الدينية التي تتعارض مع تفسير الحكومة للشريعة الإسلامية ممنوعة.
الأقلية الدينية
حول خريطة أتباع الديانات المختلفة في مصر, ذكر التقرير أن بعض الأقليات الدينية معترف بها من قبل الحكومة ويمارسون العبادة بدون أي تحرشات لكن الأفراد والديانات غير المعترف بهم من قبل الحكومة وبالأخص الديانة البهائية فإنهم يتعرضون لمصاعب فردية وجماعية كبيرة. ويوجد 90% من المواطنين يدينون بالإسلام السني وأقل من 1% من الشيعة بينما تتراوح نسبة المسيحيين ما بين 8% و12% أي ما يعادل 6 ملايين إلي عشرة ملايين نسمة والأغلبية منهم ينتمون إلي الكنيسة الأرثوذكسية, ويقدر عدد البهائيين بألفي نسمة, ويحرم القانون المحافل البهائية والنشاطات التابعة لها ولم يتم الاعتراف بهم بصفة قانونية وقد استمرت الحكومة في رفض صدور وثائق مدنية لهم, بما في ذلك بطاقات الرقم القومي وشهادات الميلاد والزواج. وتشترط وزارة الداخلية علي المتقدمين لإصدار شهادات قومية بتعريف ديانتهم إما اليهودية أو المسيحية أو الإسلام وبسبب ذلك يواجه البهائيون مشاكل كبيرة لاستخراج الأوراق المدنية مثل شهادات الوفاة والأوراق الخاصة بإلحاق الأطفال بالمدارس وفتح حساب بنكي والحصول علي رخصة القيادة وغيرها.
حقوق البهائيين
اضطر الكثير من البهائيين خلال هذا العام لكتابة ديانة صورية لاستخراج شهادة رقم قومي, حيث كان علي جميع المواطنين استخراج رقم قومي بنهاية سبتمبر إلا أن الحكومة لم تجبرهم علي ذلك. وقد أصدرت المحكمة الإدارية العليا في ديسمبر 2006 حكما قضائيا ابتدائيا يصرح فيه للبهائيين بعدم ذكر ديانتهم في خانة الديانة وتركها خالية في البطاقة لكن وزارة الداخلية قامت بتقديم استشكال علي الحكم القضائي الصادر بدعم حق البهائيين في استخراج بطاقات شخصية وشهادات ميلاد. وفي شهر فبراير 2007 قامت مبادرة للحقوق الشخصية برفع دعوي قضائية بالنيابة عن حسني عبدالمسيح والذي تم إيقافه من المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بجامعة قناة السويس وذلك لعدم قدرته علي استخراج بطاقة شخصية لأنه بهائي المذهب. وفي 10 سبتمبر من العام نفسه قام المجلس القومي لحقوق الإنسان بتنظيم ورشة عمل لمناقشة قضية بطاقة الرقم القومي وعارض اللواء علي عبدالمولي اقتراحا بأن يسمح بترك ديانة البهائي فارغة أو عدم ذكر خانة الديانة بالبطاقة لكل المواطنين. وفي شهر أكتوبر قام الناشط البهائي رؤوف هندي برفع دعوي ضد الحكومة لاستخراج شهادتي ميلاد لابنتيه التوأم وطالب بعدم ذكر الديانة في الخانة أو كتابة بهائية وتم تأجيل القضية عدة مرات منذ عرضها علي المحكمة الإدارية في سنة 2004.
القرآنيون
قامت قوات الأمن المصرية خلال عام 2007 باعتقال بعض المنتمين للحركة القرآنية, وهي مجموعة صغيرة من المسلمين الذين يعتمدون علي القرآن وحده مصدرا للإسلام – مستبعدين الأحاديث النبوية والمصادر الأخري. ففي 29 مايو قامت قوات مباحث أمن الدولة بالقبض علي ثلاثةمن القرآنيين. وفي 31 مايو و17 يونية قبضت علي اثنين آخرين. وطبقا لما قاله المحامون الذين حضروا جانبا من التحقيقات مع القرآنيين فإن استجواب القرآنيين ركز علي آرائهم الدينية. وقد أخبر أحد المقبوض عليهم المحامين ووكيل النيابة بأن الذي حقق معه سابقا من أمن الدولة قام بضربه وتهديده بالاغتصاب. وفي الخامس من أكتوبر أطلقت السلطات سراح الخمسة.
انتهاكات للمسيحيين
طبقا للقرار الرئاسي الصادر في 2005 تم السماح للكنائس باستكمال أعمال الترميمات والإصلاحات اللازمة بموافقة المحافظ, أما تصريحات بناء الكنائس الجديدة فلاتزال خاضعة لإصدار قرار رئاسي, ورغم تلك القرارات لايزال بعض المسئولين من الأمن المحلي ومسئولو الحكومة مستمرين في منع إجراء الإصلاحات للازمة للكنائس.
حجاب للمسيحيات
حاول بعض المسئولين بمدرسة العياط الثانوية الصناعية الحكومية بمحافظة الجيزة طبقا للتقارير الإعلامية في شهر مارس 2007 بإجبار جميع الطالبات بمن فيهن المسيحيات بارتداء الحجاب, وعلي الفور أنكرت وزارة التربية والتعليم هذا الادعاء موضحة أنها تمنع ارتداء الحجاب في المدارس الابتدائية وتصرح به فقط في المرحلتين الإعدادية والثانوية بموجب طلب مكتوب من ولي أمر الفتاة.
العائدون للمسيحية
أصدرت محكمة القضاء الإداري في 24 أبريل حكما ينص علي أن وزارة الداخلية ليست مضطرة لإعطاء العائدين إلي المسيحية أوراق مثبوت بها ديانتهم الجديدة, وتضمن أن الاعتراف بحقهم في العودة إلي المسيحية ينتهك الشريعة الإسلامية التي تجرم الكفر والتلاعب بالإسلام والمسلمين, غير أن هذا الحكم لا يتفق مع أحكام القضاء السابقة والتي سمحت لنحو 32 مواطنا عادوا إلي المسيحية مرة أخري بالحصول علي أوراق الرقم القومي مثبت بها خانة الديانة المسيحية.
تهمة ازدراء
قامت الشرطة في 8 أغسطس بحجز عادل فوزي فلتس حنا طبيب متقاعد ورئيس منظمة مسيحيي الشرق الأوسط فرع مصر وبيتر عزت مصور المنظمة. ثم قامت السلطات بالتحقيق في النشاطات التي قام بها المتهمان بناء علي توجيه اتهامات بأنهما أهانا الإسلام, وفي 4 نوفمبر تم إطلاق سراح بيتر وفلتس بعد احتجازهما ثلاثة شهور ثم تم القبض علي ثلاثة نشطاء من المنظمة نفسها في 5 نوفمبر هم وجيه يعقوب وفيكتور جورج وممدوح عزمي بتهمة ازدراء الإسلام وتم الإفراج عنهم في 26 ديسمبر دون توجيه اتهام لهم.
تزوير بخانة الديانة
اضطر بعض المتحولين في ظل غياب الطرق القانونية التي تتيح تغيير خانة الديانة إلي إصدار أوراق هوية بطرق غير مشروعة وذلك بتقديم وثائق مزورة أو عن طريق تقديم رشوة للموظفين الحكوميين القائمين علي إصدار الوثائق وفي هذه الحالات قامت السلطات بتوجيه التهم إلي هؤلاء لانتهاكهم القوانين التي تجرم عملية تزوير أوراق رسمية.
محمد حجازي
في أغسطس قام محمد أحمد حجازي وزوجته زينب بالإعلان رسميا عن تحولهما إلي المسيحية ورغبتهما بالاعتراف بهما رسميا حتي يتمكنا من تربية أبنائهما علي الديانة المسيحية إلا أن الموظف بالسجل المدني رفض إصدار بطاقة قومية جديدة لحجازي متضمنة ديانته الجديدة وقاضي حجازي وزارة الداخلية واستمرت القضية معلقة حتي نهاية عام 2007. يذكر أنه تم رفض دعوي حجازي في مطلع العام الحالي.
زواج مختلفي الديانة
الأحكام القضائية الخاصة بالزواج والطلاق والنفقة وحضانة الأطفال ومراسم الدفن كلها تتم طبقا لديانة كل فرد, فالعائلات المسلمة تخضع للشريعة الإسلامية أما المسيحيون فيحتكمون لقانون الأحوال الشخصية الخاص بهم والعائلات اليهودية تخضع للقانون اليهودي وفي حالة اختلاف الديانة يحتكم لأحكام الشريعة الإسلامية.
لا تعترف الحكومة بأي زواج لديانات أخري غير الإسلام والمسيحية واليهودية وتمنع القوانين الدينية والمدنية الرجال الأقباط من الزواج بالمسلمات, ويسمح القانون المدني في الخارج بزواج ذكر مسيحي وسيدة مسلمة إلا أن مثل هذا الزواج لا يعتبر قانونيا في مصر, وفي هذه الحالات يتم القبض علي الزوجة – السيدة المسلمة – بتهمة الكفر وإذا كان هناك أطفال يوضعون في حضانة وصي مسلم.
ماريو وأندرو
تسمح الكنيسة الأرثوذكسية بالطلاق فقط بسبب الزنا وتحول أحد الزوجين إلي ديانة أخري وأصدرت المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 3 سبتمبر حكما لوالد ماريو مدحت (11 سنة) وأخيه أندرو مدحت (13 سنة) بإمكانية تحويل ديانة ابنيه إلي الإسلام رغم اعتراض الأم المسيحية التي قامت برفع دعوي للاستئناف أمام المحكمة الإدارية العليا بالقاهرة وظلت القضية معلقة حتي نهاية 2007 يذكر أنه صدر حكم بضم الطفلين لأمهما وبقائهما علي دينهما المسيحي حتي سن الرشد ليقررا بحرية.
أسلمة فتيات
لا توجد تقارير تشير إلي حدوث إرغام مواطنين علي تغيير ديانتهم من قبل الحكومة غير أن هناك بعض التقارير غير المدعومة بوثائق تشير إلي وجود حالات لتحول بعض الفتيات والنساء المسيحيات المتحولات إلي الإسلام بواسطة رجال مسلمين. هذه التقارير خضعت لكثير من المناقشات التي تتضمن الادعاءات ونفيها بخصوص وجود تنظيمات لغواية الفتيات أو خطفهن أو اغتصابهن, ووجد مراقبو منظمات حقوق الإنسان أنه من العسير التأكد من ذلك.
تسمح السلطات المحلية باحتجاز الفتيات المسيحيات القصر اللاتي تحولن إلي الإسلام لضمهن إلي وصي مسلم الذي عادة ما يسمح لهن بالزواج حتي وإن كن قاصرات. وأكد بعض نشطاء الأقباط أن مسئولي الحكومة لم يتحركوا بفاعلية في حالة وجود بلاغات من الأهالي بخطف بناتهن… وتشير بعض التقارير أن السلطات الحكومية فشلت تماما في التعامل مع عائلات الفتيات المسيحيات الذين يريدون استعادة بناتهم.. وخلال هذا العام لم تعقد جلسات النصح والإرشاد الديني وفقا لما نشرته جريدة وطني عن توقف وزارة الداخلية عن تطبيق جلسات النصح والإرشاد في حالة تحول مسيحيين إلي الإسلام.
أحداث فتنة
قام بعض المواطنين في 9 فبراير بإشعال النيران في المحال التجارية التي يملكها المسيحيون في مركز أرمنت بمحافظة قنا بعد أن ظهرت بعض التقارير عن وجود علاقة بين سيدة مسلمة ورجل مسيحي وانتشرت قوات الأمن في المنطقة وأغلقت المحال تحت حراسة مشددة واحتجز ثمانية مسلمين وواحد قبطي وتم إطلاق سراح بعضهم في 15 فبراير ونظم عضو البرلمان محمد النوبي وشيوخ القري مؤتمرا للحوار الديني لدرء الانقسام الطائفي حضره خمسة آلاف مسلم ومسيحي..