أكثر من 90 عاما مضت ومشهد خروج المرأة للشوارع في مظاهرات احتجاجية يتكرر باختلاف الزمن والهدف… ففي الماضي وتحديدا في عام 1919 خرجت المرأة تطوف الشوارع ضاربة بالأعراف والعادات والتقاليد عرض الحائط لتقف بجانب الرجل تنادي بحرية مصر واستقلالها, واليوم ونحن في عام 2011 ها هي تناضل لمحاربة الغلاء والفساد والبطالة من أجل حياة أفضل..
تري كيف كانت صورة المرأة في مسيرة التظاهرات.
العدالة الاجتماعية مطلب
يقول د. جمال شحاتة- أستاذ علم الاجتماع إن عملية التظاهر حق إنساني مشروع لكل فرد منا بأن يعبر عن مشاكله ومعاناته وأن يصل بصوته لأعلي المستويات طالما أنه بطريقة سلمية إيجابية لا ضرر فيها للغير, وهو أمر طبيعي يكفله له الدستور, وما شاهدناه من مظاهرات وتظاهرات من شباب وفتيات هي الشرارة الأولي التي جاءت نتيجة ضغوط وحياة معيشية صعبة عايشها الشعب لمدة سنوات طويلة. هذه المعاناة طالبت بالحصول علي العدالة الاجتماعية بعد انتشار الفساد والبطالة وعدم قدرة الشباب علي الزواج ومن ثم تحمل أعباء أسرة لتنتشر الجرائم… في المقابل الشعور لدي البعض بأن البلد لديها الكثير من الخيرات لم ينعكس مردودها علي الشعب. فيأتي السؤال الحائر: أين دور الدولة في تحقيق العدالة؟ ولماذا لا تحقق هذه العدالة؟
ويضيف د. شحاتة قائلا إن ما عجل بحدوث مثل هذه التظاهرات ما تم من انتخابات غير نزيهة لم تكن بإرادة الشعب, أيضا ما حدث بتونس قد ألقي بظلاله علي المنطقة العربية مما دفع الشباب للتحرك والمطالبة بالتغيير فجاءت الثورة ليشارك فيها الجميع بكل عناصره وطوائفه باعتبارها مشاكل عامة تهم الجميع ليصبح التغيير في صالح الجميع ليظهر أمام العالم بأنه شعب لم يعد سلبيا وإنما قادرا علي المناضلة من أجل تحقيق حياة أفضل ويظهر ذلك من خلال تنظيم الشباب لأنفسهم وتحديد موعد للتظاهر عن طريق موقع الـFacebook بدون أي قيادة تنظيمية للمطالبة بحقوقهم.
المرأة كيان مؤثر ويتأثر
ويري د. سمير عبدالفتاح أنه من منطلق أن المشكلات تخص الوطن جاءت مشاركة المرأة كجزء من المجتمع لا ينفصل عنه لإثبات ذاتها في المطالبة بالتغيير بعد إحساسها بالظلم والقهر للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها لسنوات باعتبارها المسئول الأول في تدبير شئون أسرتها فهي الزوجة والأم والأخت, ولكون للمرأة طبيعة خاصة فهي شديدة التأثر لما يدور حولها من أحداث جارية يمر بها مجتمعها المصري, مما حرك الأحاسيس الكامنة داخلها ليدفعها للخروج والمشاركة لرفض هذا الظلم والقهر.
وهذا أمر طبيعي لا خلاف عليه فإذا كنا ما زلنا نعلم أبناءنا وهم في المرحلة الابتدائية من خلال المقررات الدراسية الدور الذي لعبته المرأة في الثورة الشعبية عام 1919 وخروج المرأة لأول مرة للشوارع بقيادة صفية زغلول للدفاع عن حرية مصر واستقلالها في الوقت الذي كان فيه مجرد رؤية الفتأة يخالف العرف والتقاليد فمابالك ونحن في يومنا هذا أصبحت فيه الفتاة عاملة وفاعلة.
المرأة نموذج مشرف في المظاهرات السلمية
وتشير د. إيمان نصري- أستاذة علم الاجتماع جامعة الفيوم إلي أن إحساس المرأة بأن لها طبيعة خاصة في المعاملة لم تضعه في اعتبارها حينما قررت النزول للتظاهر واضعة أمامها ما يسري علي غيرها يسري عليها وعليه لم تخش النزول وخوض المعركة بنفسها لتمثيل ذاتها غير منتظرة لمن يمثلها فإذا ما كان طرأ علي مخيلتها المخاطر التي تتعرض لها من ضرب أو إيذاء سواء من مدنيين أو أفراد شرطة بالتأكيد كان سيجعلها تتراجع عن قرارها والتقاعس عن أداء دورها فيما تطالب من أجله, وهو ما لن يحدث علي الإطلاق وإنما وجدنا في المرأة النموذج الإيجابي للتظاهر بصورة سلمية لا مجال للعنف فيها حيث المسيرة الجماعية والهتاف من أجل التغيير مع رفع لافتات تعبر عما يعايشونه من قهر وظلم وهو ما كنا نأمله في المتظاهرين عامة وليس كما حدث من البعض بقيامهم بأعمال شغب وعنف أدت إلي حدوث خسائر كبيرة بممتلكات عامة وخاصة عبرت عن مدي الحرمان الشديد والحقد الطبقي لديهم, ساهمت بشكل كبير في إحداث الاضطرابات والفوضي داخل الأسر المصرية بشكل عام. والوضع يتطلب بدوره التعبير عن الذات بطريقة سلمية هادفة, والجميل أن الروح التي سادت الشارع في المظاهرات خلت من التحرش بشهادة المتظاهرات.