ينتشر في منطقة الساحل السوري وتحديدا في الجبال الساحلية عدد من القلاع التاريخية التي تحظي بشهرة كبيرة بين السياح القادمين إلي سورية ولعل الأشهر بين تلك القلاع قلعة المرقب التي تقع بالقرب من الطريق الدولي الساحلي الذي يربط مدينتي طرطوس باللاذقية ويربطهما معا بالطريق الدولي مع العاصمة السورية دمشق. وشهرة المرقب تميزها كونها بخلاف القلاع الساحلية الأخري تجاور البحر الأبيض المتوسط حيث لا تبعد عن الشاطئ أكثر من خمسة كيلومترات ولذلك يستمتع الزائر فيها, ويستطيع التجول في أروقتها والتمتع بالمناظر البانورامية الخلابة وأنوار جزيرة قبرص وسط البحر المتوسط تتلألأ بشكل رائع من علي سطح القلعة وهي الوحيدة التي تسمح للزائر بمشاهدة جزيرة قبرص في عمق المتوسط كما أن تميزها جاء وبخلاف مباني القلاع الأخري أنها بنيت بحجارة زرقاء اللون بازلتية في حين أن جميع شقيقاتها من قلاع الساحل مبنية بحجارة كلسية بيضاء أو صفراء اللون ولذلك أعطاها اللون الأزرق الغامق مسحة حزن مع شموخ وهي تطل علي المتوسط, كذلك ما يميزها عن قلاع سورية الأخري أن بانيها ومهندسها يبدو أنه كان يعشق البحر وسفنه فقرر أن يكون مبني القلعة الضخم علي شكل سفينة رأسية فوق الجبل البازلتي بحيث يشعر السائح فيها وكأنه يتجول في سفينة من حجارة كما يشاهدها من البحر لتبدو علي شكل مبني مهيب تلفه غلالة رمادية زرقاء تزيد من سحر القلعة ورهبتها.
مدير القلعة أو الدليل السياحي المرافق للمجموعات سيحدث السائح عن تاريخ القلعة وأقسامها, في القلعة ستشعر وكأنك عدت إلي عام 1062م حيث انتهي بناء القلعة وأصبحت مكانا مهما عسكريا واستراتيجيا لمراقبة البواخر في وسط اليم ومعظم مدن الساحل السوري في الغرب وحتي مدن الداخل الجبلية من جهتها الشرقية.
في القلعة سيقدم الدليل السياحي معلومة مهمة للسياح قبل أن يصحبهم داخل أقسامها وهي مقولة المؤرخ الأوربي جان هيرو عن قلعة المرقب أو مرغات كما سماها الصليبيون ودونها هيرو في كتابه سورية اليوم حيث يقول عنها: لا يمكن للمسافر من اللاذقية أو طرطوس مهما كان علي عجلة من أمره إلا أن يتوقف حينما يصل إلي مشارف بانياس أمام تلك التلة المغطاة بالبساتين علي درجات تنتصب فوقها قلعة ضخمة.. أربعة عشر برجا دائريا أو مربعا تبرز في سور يتخذ الشكل الثلاثي لمحيط قمة التلة, الزاوية الجنوبية مدمجة بالمنشآت الدفاعية يعلوها البرج الرئيسي وكأنه جؤجؤ سفينة عملاقة؟!
وبالفعل من يزور قلعة المرقب سوف يستمتع بمنظر البحر الأبيض المتوسط وهو علي سطحها والطريق الرئيسي فيها حيث يشاهد فيما أشبه بأحلام اليقظة تلك البواخر العملاقة تبحر ليتذكر وهو في الحلم كيف كان الفينيقيون والأرواديون يأتون بسفنهم إلي شاطئ بانياس في رحلات بحرية متنوعة.. ويفيق من الحلم علي دعوة المرافق السياحي إلي جولة في القلعة من الداخل حيث الجمال والمهابة والعمارة الفريدة ففي داخل القلعة يكتمل المشهد المعماري الفريد حيث قاعات ملكية ضخمة مزينة بالأقواس الحجرية والزخارف بمختلف أشكالها وهناك الكنيسة التي اكتشفت فيها قبل أسابيع قليلة بعثة أثرية تنقيبية هنجارية – سورية مشتركة لوحات من الفريسك من أجمل الأعمال الفنيةالمكتشفة في القلعة حتي الآن, وهناك البرج الرئيسي والعقود القوطية والأطواق ومرامي السهام العالية وهناك الصالات الكبيرة المقببة والبرج الجنوبي الأمامي ومع ارتقاء الدرج المائل حيث صممه البناؤون هكذا حتي تتمكن الخيول من اجتيازه, يدخل السائحون القلعة مرتقين الدرج المائل داخلين من باب القلعة الرئيسي والمسمي باب النجاة ليجدوا أنفسهم داخل بهو كبير تحت سقف من حجر منحوت متصالب يستند علي ركائز موشورية فوق دعامات وله قوسان كبيران مفتوحان ومن البهو يمكن الوصول إلي القسم الشمالي للقلعة عبر درج آخر.
داخل القلعة يشاهد السائح القاعة الكبيرة وعلي يمينها عدد من الأروقة المعقودة المستندة إلي أقواس والبرج الأضخم في القلعة الذي يصل ارتفاعه إلي 21 مترا وقطره 29 مترا وهو البرج الشمالي الذي يمكن للسائح ومن خلال مشروع المسير الجديد الذي نفذ بالتعاون مع الاتحاد الأوربي قبل سنتين أن يتجول في معظم مبانيه ومنه إلي الأبنية المجاورة للقلعة من جهتها الجنوبية الغربية.
يمكن للسائح أن يتناول طعام الغداء والعشاء في المطاعم القريبة من القلعة مثل مطاعم بانياس ورأس النبع والروضة وغيرها ويمكنه إذا ما رغب أن ينام قريبا من القلعة حيث ينتشر العديد من الفنادق والمخيمات والشاليهات المفروشة منها فندق بانياس, فندق القيصر ضهر صفرا, شاليها الشاطئ المهجور, مخيم بانياس.