آيساتا سيسي طبيبة أطفال في أفريقيا, ومع ذلك فإن الكثيرين من مرضاها نساء راشدات. وفي الوقت الذي عملت فيه سيسي في النايجر ثم في السنغال مؤخرا, استقبلت نساء أسيئت معاملتهن من قبل أزواجهن أو شركائهن الحميمين. جاءت إليها تلك النسوة في محاولة للحصول علي الرعاية لأطفالهن, لكنها أدركت أنهن كن بحاجة إلي المساعدة أولا.
أدركت سيسي أن عليها أن تقدم خدمات متنوعة للنساء, ولذا شكلت مجموعة من الإخصائيين الذين يمكنهم أن يوفروا خدمات متعددة بما فيها المساعدات القانونية والنفسية. وقالت ##أنا أقدم المشورة للنساء وأستمع إليهن وأنصحهن. فهذا عملي.##
وتكتشف سيسي أن المرأة في معظم الحالات ضحية رجل أساء أبوه معاملة أمه. وتقول ##إن تلك حلقة متصلة وستستمر## وستؤثر في النهاية علي أبناء الأم التي تطرق بابها.
في عام 1999 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر, اليوم الدولي لإنهاء العنف ضد المرأة.
في فبراير 2008, قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كلمة له أمام لجنة الأمم المتحدة الخاصة بوضع المرأة, إن هناك في العالم واحدة علي الأقل من ثلاث نساء قد تتعرض للضرب أو إجبارها علي ممارسة الجنس وإلا فإنها تتعرض لسوء المعاملة طيلة حياتها.
وقال ##إن العنف ضد المرأة مشكلة غير قابلة للانتظار وليس هناك بلد أو ثقافة أو امرأة صغيرة كانت أو كبيرة تتمتع بحصانة ضد هذه المعضلة.##
أشار تقرير للأمم المتحدة في عام 2006 بعنوان ##دراسة متعمقة لكل أشكال العنف ضد المرأة## إلي أن هذه الحواجز الثقافية شائعة. وقال التقرير ##إن عنف الرجل ضد المرأة يتولد من السلوك المجتمعي الثقافي ومن ثقافات العنف في كل أرجاء العالم وخاصة من خلال العادات والتقاليد الخاصة بالسيطرة علي إنجابية المرأة ونوعها## كامرأة.
الكفاح الدولي ضد سوء المعاملة المنزلية
يقول تقرير الأمم المتحدة إن كثيرا من المنظمات الحكومية وغير الحكومية في العالم يعمل من أجل إنهاء العنف المنزلي. وتساعد الولايات المتحدة الدول في هذا المجال بتقديم منح من وزارة العدل الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية وغيرها.
من بين أولويات هذا المجال تدريب الوكالات المكلفة بتطبيق القانون والمحاكم علي التعرف علي المشكلة ومعالجتها بالشكل المناسب. ويقول القضاة والمحامون الذين عملوا بشكل مباشر مع الشرطة والمدعين والقضاة والمشرعين والمحامين في خارج الولايات المتحدة إن التدريب يساعد أيضا علي إزالة الحواجز الاجتماعية.
وقد سافرت القاضية المتقاعدة من المحكمة الدورية في سانت لويس سوزان بلوك إلي ليتوانيا وغيرها من البلدان لتدريب القضاة ومساعدتهم علي وضع أوامر الحماية المدنية القابلة للتنفيذ ضمن النظام. وساعدت المدعين أيضا في إيجاد الوسائل الكفيلة بالمحاكمة دون الاضطرار إلي شهادة الضحية, لأن بعض الضحايا يحجمن عن الشهادة ضد الذين يسيئون معاملتهن.
زودت بلوك ضباط الشرطة بالوسائل الفنية مثل استخدام ##العبارات المستفزة## أو المهيجة كدليل حتي ولو لم تكن الضحية في المحكمة. وقالت ##إن المرأة إذا اتصلت برقم الطوارئ أو تلفظت بأقوال مهتاجة مع الشرطة فإن بإمكان الشرطة أن تستخدمها## كدليل.
وقالت إنها وجدت أفراد الشرطة من صغار السن أكثر تقبلا ##فقد قالوا إنهم أصبحوا شرطيين كي يساعدوا الناس وهم تواقون إلي فعل أي شيء في سبيل ذلك.##
قد استضافت المدعية الخاصة عن الضحايا في نيويورك ##واندا لوسيبيلو## كثيرا من الوفود الدولية وسافرت إلي كثير من البلدان بما فيها ##جرانادا وبيليز## وجنوب أفريقيا وزيمبابوي للقيام بالتدريب.
وبما أن لوسيبيلو تتعاون مع عدد من مراكز القضاء الأسري التي تتبناها وزارة العدل الأمريكية في أنحاء الولايات المتحدة, فإنها غالبا ما تعرض في البلدان الأخري نموذج المركز القضائي الذي يقدم خدمات عديدة في مكان واحد.
وقالت إنها تجد في بعض البلدان عدم المساواة بين الجنسين ##واضحة جدا. ذلك يشكل عقبة إضافية علي طريق التقدم. وقد وجدت أن بعض المتدربين علي يدها كانت لهم تجارب شخصية مع العنف المنزلي في عائلاتهم بالذات أو أنهم مدركون وجود بعض تلك الخصائص في ذاتهم.
ويشمل التدريب الذي تقوم به في كثير من الحالات مساعدة الشرطة والمدعين في أن يتعاملوا مع العنف العائلي بجدية ولكنها تجد في كثير من الأحيان خطرا أكثر مما تجد مقاومة.
وتقول إنهم يشتركون في نفس خيبة الأمل والقلق اللذين ينتابان رجال الشرطة (في الولايات المتحدة)## كأن ترفض الضحية توجيه الاتهام ضد مسيء معاملتها.
وعرضت لوسيبيلو أفكارا لادعاء ناجح وقالت ##أنا أقارن ذلك بجمع الأدلة كما لو كان الأمر متعلقا بإلقاء القبض علي مرتكب جناية, أي من حيث إنه لا توجد ضحية (يمكن الحصول علي معلومات منها). وقالت إن هذا يثير اهتمامهم لأن لهم طريقتهم في النظر إلي الأمور.##
القاضية ##رامونا جونزالس## من المحكمة الدورية في مقاطعة لاكروس بولاية ويسكونسن علمت ##الدرس الأول للعنف المنزلي## في جوام وغيرها من الأماكن.
وتقول جونزالس: ##نطلعهم علي ما ينبغي أن يكونوا حساسين تجاهه وعلي أي الأسئلة يطرحون مثل: هل كانت الضحية معزولة عن العائلة والأصدقاء؟##
تشدد جونزالس القول بإن العنف المنزلي يتجاوز الاعتداء الجسماني فهو ##يتعلق بالسلطة والسيطرة.## وقالت إن ما يخيف هو أن السلوك السلطوي لن يبلغ إلي علم النظام القضائي ##إلا بعد أن تكون قد وقعت جريمة قتل أو انتحار أو كلاهما.##
يو.إس.جورنال