تم اختيار مصر من بين عشر دول لإطلاق مشروعالسلامة علي الطرقللحد من الحوادث وتعد مصر هي الدولة الوحيدة في الدول العشر من إقليم شرق المتوسط التي يتم فيها تطبيق هذا المشروع والأرقام توضح أن مصر من بين أعلي الدول في معدلات حوادث الطرق..فحسب إحصاء 2010 الصادر عن وزارة الصحة ومكتب منظمة الصحة العالمية في مصر بلغ عدد المتوفين من الحوادث في مصر 7398 متوفيا في حوادث مرورية مقابل 6486 متوفيا عام .2009
وبلغ عدد المصابين عام 2010 114973 مصاباوعدة آلاف من هؤلاء المصابين أدت الإصابة إلي إعاقات دائمة,ونصف أعداد المتوفين في الحوادث المرورية من راكبي السيارات وخمس المتوفين من المشاة وجاء مشروع السلامة علي الطرق مواكبا لإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة الفترة من2011حتي2020 عقدا للعمل من أجل السلامة علي الطرق بعد ملاحظة الزيادة المطردة في الوفيات والإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية.
ومن خلال استعراض مشروع السلامة علي الطرق ومعايير تطبيقه في مصر نستعرض الوضع المأساوي للفوضي في الشارع المصري.
مشكلة عالمية
قبل أن نبدأ في التحدث عن المشروع في مصر لابد أن نضع بعض الحقائق الخاصة بحوادث الطرق في العالم والتي جعلت الأمم المتحدة تخصص عقدا كاملا من2011إلي2020للسلامة علي الطرق حيث تسجل آخر إحصائية أن هناك 1.3 مليون متوف وأكثر من خمسين مليون إصابة سنويا في العالم جراء حوادث الطرق وما ينجم عنها من كوارث صحية ومالية للعلاج. وإذا استمر معدل الحوادث في العالم في هذا التصاعد فسيفوق معدل وفيات الحوادث معدلات الوفيات من أمراض القلب والإيدز معا.
يقظة مبكرة
تنبهت مصر منذ سنوات لخطورة تزايد حوادث الطرق وأسبابها لذلك عقدت أول مؤتمر وطني للحد من إصابات المرور والوقاية منها في القاهرة وتم طبع أول إصدار حولالإصابات في مصر.
وفي عام 1994 تم رصد الإصابات بمستشفيات وزارة الصحة,وفي عام 1996 تم تشكيل لجنة وطنية معنية بمكافحة الإصابات تضم وزارات الصحة والداخلية والتربية والتعليم والهيئة العامة للطرق والكباري والنقل البري.
وفي عام 2003 تم تأسيس المجلس القومي للسلامة علي الطرق داخل الهيكل التنظيمي للإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية ويرفع تقاريره إلي مجلس الوزراء,ويضم ممثلين لجميع الوزارات التي ذكرناها عند تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة إصابات حوادث الطرق.
المشروع
ذكرنا في المقدمة كيف أن الأرقام تؤكد أن مصر من بين أعلي الدول التي تحدث فيها حوادث مرورية والدول التي تم اختيارها لتطبيق مشروع السلامة علي الطرق هي:البرازيل ,كمبوديا,الصين,مصر,الهند,كينيا,المكسيك روسيا الفيدرالية,تركيا,فيتنام.
وكما نري فإن مصر هي الدولة الوحيدة التي تم اختيارها علي مستوي دول شرق المتوسط.وفي حديث مع الدكتورة نعيمة القصير المديرة الإقليمية المساعدة والممثلة لمنظمة الصحة العالمية بمصر..حول المشروع قالت:
مصر بهذا المشروع تكون قد أصبحت علي طريق الشراكة لتطبيق معايير السلامة علي الطرق وفق القواعد العالمية والذي شجع علي اختيارها من جهات دولية لتطبيق هذا المشروع وجود مجلس قومي معني بالسلامة علي الطرق يضع الخطط ويتم تقسيم المسئوليات لمواجهة مسببات ارتفاع نسبة الحوادث ومحاولة الإقلال من الإصابات الناجمة عن الحوادث,وهذا يتواكب مع المعايير التي تضعها منظمة الصحة العالمية للسلامة في مختلف جوانب الصحة العامة ومنها السلامة علي الطرق لخفض عبء العجز والمرض في دول العالم.
حتي عام 1999 كانت حوادث الطرق هي السبب التابع للوفاة ولكن في السنوات القادمة ستصبح هي السبب الثالث للوفيات علي مستوي العالم.
ومن الأهداف المهمة التي تشجع المنظمة علي التعاون مع أي دولة لتطبيق معايير السلامة علي الطرق فيها:شبكة طرق مأمونة لجميع المستخدمين لها ولاسيما الفئات الأكثر عرضة للمخاطر خاصة المشاة وراكبي الدراجات بأنواعها.
تحقيق سلامة المركبات وتوفير التكنولوجيا الحديثة ونظم معلومات يمكن من خلالها معرفة أسباب الحوادث ومحاولة التوصل لحلول لها.
توفير الإسعاف السريع والفاعل في حالة الحوادث لمحاولة التقليل من الإصابات التي تؤدي إلي إعاقات والإقلال من نسبة الوفيات بالوصول إلي مكان الحوادث ونقل المصابين بسرعة فثبت أن حوادث الطرق تستنزف ما بين 1% إلي2% من الناتج المحلي لأي دولة ومنها مصر.
والجميل أن مصر مشاركة الآن في مشروع السلامة علي الطرق ضمن عشر دول وأيضا تقوم من خلال المجلس القومي للسلامة علي الطرق بالاطلاع وتنفيذ ما تخلص إليه توصيات الأمم المتحدة بخصوص عقد السلامة علي الطرق2011حتي 2020.
كلام من الصميم
تحدثنا مع العقيد أيمن الضبع عضو المجلس القومي للسلامة علي الطرق وعضو الأمانة العامة للمجلس وكان في الذهن العديد من التساؤلات فالحوادث خاصة علي الطريق الدائري أصبحت كثيرة ولايمر يوم إلا وتحدث عدة حوادث في هذا الطريق وغيره من الطرق السريعة.
أجاب علي أسئلتنا وصحح لنا الكثير من التساؤلات التي كانت تثير علامات استفهام.
أول هذه التساؤلات: لماذا اختفت العديد من الأكمنة في الطرق؟ وهل لهذا علاقة بوضع الشرطة وما يقال عن الانفلات الأمني في الشارع بعد الثورة؟أجاب قائلا:
التواجد لرجال الشرطة والمرور في الشارع موجود بكامل طاقته ولكن كان هناك بعض التغيب في الفترة التي أعقبت الثورة مباشرة, الأمور تسير الآن بشكل طبيعي مائة في المائة ولكن تم الاستغناء عن الأكمنة تماما فهي نظام عقيم وخاطيء ولا توجد في دولة في العالم وتم الآن الاستعاضة عن ذلك بالرقابة المتحركة أي وجود كاميرات ورادارات وعربات وموتوسيكلات تتحرك وراء المخالفين عند اللزوم.
* ما المناطق التي سيتم فيها تطبيق المشروع؟
** سيتم تطبيقه في أول سنتين علي الطريق الدائري بالقاهرة وطريق الكورنيش والزعيم جمال عبدالناصر بالإسكندرية ويمكن إضافة مناطق أخري في الثلاث سنوات الباقية لإتمام المشروع.
* ما أكثر الأسباب شيوعا التي تؤدي لحوادث الطرق في مصر؟
** تأتي في مقدمتها السرعة الزائدة والعنصر البشري والقيادة تحت تأثير مخدر أو مواد كحلية والإجهاد الذي يصاب به السائق وعدم مراعاة مسافات الأمان بين السيارات,وأسباب تتعلق بالمركبة وعدم فحص الفرامل وانتهاء العمر الافتراضي لإطارات السيارات مما يؤدي لانفجارها أثناء السير وعدم وجود فحص فني دقيق للمركبة.
* ألا يتم فحص السيارات قبل تجديد الرخصة؟
** نحن بصدد وضع معايير جديدة للفحص الفني للسيارات وسيتم تعديل بنود في قانون المرور تراعي قواعد هذا الفحص ولكن أؤكد أن جزءا كبيرا من الحوادث ناتج عن عدم الوعي المروري والالتزام بالقواعد التي يجب مراعاتها أثناء القيادة..ولذلك سيكون هناك دور كبير في المشروع لوضع خطة توعية للمجتمع في وسائل الإعلام,وأيضا هناك تعاون مع وزارة التربية والتعليم لوضع بعض الأمور الخاصة بقواعد المرور والتوعية في مناهج التعليم حتي يشب المواطن ولديه وعي مروري منذ الصغر.
كذلك نقوم بعمل دورات تدريبية في قطاعات مختلفة منها سائقو العربات السياحية والتي كثرت الحوادث بينهم في الآونة الأخيرة.
منسق عام
كان لنا لقاء مع د. مجدي بكر مسئول السلامة علي الطرق بمكتب منظمة الصحة العالمية بمصر والذي يعد المنسق لمشروع السلامة علي الطرق…وطرحنا عليه تساؤلاتنا حول المشروع:
* هل الدعم الذي سيتم من خلال المشروع دعم مادي أم سيكون في شكل أجهزة وأشياء عينية؟
** الجزء الأكبر من الدعم سيكون في شكل كاميرات متقدمة تراقب السرعة علي الطرق المحددة في المشروع وستصل إلينا خلال هذا الشهر وستقوم بتصوير العربة المتجاوزة للسرعة وسيكون لها دور كبير في الحد من السرعة وهي العامل الأهم في الحوادث علي الطرق.
والجزء المادي من الدعم سيتم عمل توعية مجتمعية والمساعدة في إجراء التعديلات اللازمة في القوانين الخاصة بالمرور,وتوفير قاعدة معلومات وبيانات للاعتماد عليها في الخطط التنسيقية بين الوزارات المختلفة والجهات التي يضمها المجلس القومي للسلامة علي الطرق في مصر.
ومن بين الجهات الدولية المشاركة في المشروع خلاف منظمة الصحة العالمية جمعية المشاركة العالمية للسلامة علي الطرق,وتعمل بشكل أساسي علي تدريب الكوادر المعنية بالتخطيط الجيد للطرق الآمنة والقدرة علي قياس عوامل الخطورة علي الطرق كذلك جمعية سلامة السفر علي الطرق الدولية وتعمل علي تنمية قدرات المجتمع المدني من العاملين في المجال لرفع الوعي المجتمعي كذلك المركز الدولي لأبحاث الإصابات بجامعة جون هوبكنز لإجراء بحوث ميدانية توضح أسباب مخالفة الناس للقوانين المرورية .
وبمناسبة ذكر الجمعيات الأهلية يوجد بالمجلس القومي للسلامة علي الطرق المصري ضمن تشكيله 18 جمعية معظمها في مجال رفع الوعي المجتمعي بخصوص القواعد المرورية منها جمعية التحالف النوعي للسلامة علي الطرق وكان يرأسها الدكتور عصام شرف قبل أن يصبح رئيسا للوزراء.