اشتعلت أزمة العلاج علي نفقة الدولة بين وزارة الصحة والبرلمان, خاصة بعد تحديد سقف العلاج, وهو الأمر الذي اعتبره نقيب الأطباء خطوة نحو منع علاج مرضي الكبد والسرطان والقلب وغيرها من الأمراض الخطيرة التي تتطلب سقف أعلي من ذلك, وهو ما انتقده عدد كبير من نواب مجلس الشعب, مطالبين الحكومة باتخاذ خطوات جديدة للحفاظ علي صحة المواطنين.
بينما تري وزارة الصحة أن الميزانية الخاصة بها لا يمكن أن تتحمل كل هذه الإنفاقات, ولابد من تقليلها, من أجل تلبية حاجة الوزارة في العديد من القطاعات.
حول هذه القضية المهمة وتأثيرها وخطورتها, تقدم وطني هذا التحقيق:
انتقد د. حمدي السيد نقيب الأطباء أعضاء مجلس الشعب بأنهم السبب وراء الأزمة في مشروع العلاج علي نفقة الدولة, وقال إن محاولات الأعضاء في مساعدة وزارة الصحة في حل المشكلة تحول إلي اتهام.. ودعا إلي وضع مقترحات وضوابط للمشروع. مشيرا إلي أن قرارات وزير الصحة بضرورة استقبال الحالات الطارئة في جميع المستشفيات لا تنفذ.
ودعا الدكتور حمدي السيد الحكومة لتسديد ديونها للمستشفيات العامة والخاصة -التي وصلت لأكثر من 1500 مليون جنيه- بسبب امتناع هذه المستشفيات عن علاج آلاف الحالات, ومنها حالات حرجة وإخراج بعضها من المستشفيات بعد استكمال العلاج قبل الضجة التي أثيرت في الأيام الماضية.
أوضح نقيب الأطباء أن انخفاض سقف العلاج سيمنع آلاف من مرضي الكلي ومرضي فيروس الكبد الوبائي الذي يصل تعدادهم لـ 9% من مجموع السكان (مريض الكبد الوبائي يحتاج لعلاج بـ 80 ألف جنيه طوال مدة العلاج). إضافة إلي عمليات القلب والمخ الحرجة ومرضي السرطان بأنواعهم المختلفة من تلقي العلاج, مشيرا إلي أن بند العلاج المجاني لاتكفي ميزانيته لتغطية كثرة الحالات, وتم اللجوء للعلاج علي نفقة الدولة لمساعدة المرضي المحتاجين, وأكد أن أعضاء مجلس الشعب يحملون طلبات العلاج علي نفقة الدولة من المحافظات التي يتبعونها بسبب تعذر وصول الطلبات من المواطنين إلي الجهة المختصة بالقاهرة, وأكد أن أية مخالفات يمكن مراقبتها وتصحيحها دون وقف النظام بأكمله والذي يمس مئات الآلاف من المواطنين البسطاء.
ضوابط العلاج
من جانبه أكد د عبد الحميد أباظة وكيل وزارة الصحة للاتصال السياسي وشئون مجلسي الشعب والشوري علي إقرار وزارة الصحة مجموعة من الضوابط والقواعد الخاصة بالعلاج علي نفقة الدولة هدفها توفير حجم الإنفاق الخاص بالنظام بعد أن بلغت مديونياته المستحقة أكثر من مليار, وتتضمن تحديد المبالغ المخصصة بالعلاج الدوائي للأمراض المزمنة كالضغط والسكر طبقا لبروتوكول العلاج الدوائي المحدد بوزارة الصحة والمحدد بـ1200 جنيه فقط في العام. فيما تضمنت الضوابط الجديدة تخصيص مبلغ مالي لكل نائب من نواب مجلسي الشعب والشوري لإصدار قرارات العلاج علي نفقة الدولة لايتعدي 50 ألف جنيه شهريا لكل نائب,وأشار أباظه إلي أن الضوابط تشمل كذلك عرض المرضي المحتاجين للأجهزة تعويضية علي لجان خاصة بالإعاقة علي أن تسند لها مسئولية صرف الأجهزة للمرضي بناء علي توصياتها,وتم تحديد القيمة المالية لقرارات العلاج والتي تصرف دون الخضوع لدراسة لجنة طبية بـ5 آلاف جنيه فقط.
تحديد سقف مالي للعلاج
واعتبر محمود حلمي عضو مجلس الشعب أن تحديد سقف مالي يبلغ خمسين ألف جنيه شهريا لمواطني دائرة كل نائب يضر بالغالبية العظمي لأبناء الشعب المصري الذي يعاني من الأمراض الفتاكة التي تحتاج إلي تكاليف علاج لا يستطيع معظم أبناء هذا الشعب توفيرها بسبب محدودية وانعدام الدخل والظروف الاقتصادية الصعبة, علاوة علي ارتفاع أسعار العلاج.
وأكد النائب محمد فضل عضو مجلس الشعب أن هذا القرار سيؤدي إلي إحداث أضرار صحية بالغة للمواطنين, مرحبا بوضع الضوابط اللازمة لوصول العلاج إلي مستحقيه, مطالبا الحكومة بإعادة هذا القرار بما يحقق مصلحة المرضي في مصر, ولا يزيد من معاناتهم.
وخرجت الأزمة من أروقة الوزارة ومجلس الشعب لتتداول في ساحة القضاء. حيث تقدم المحامي سمير صبري بإقامة دعوي قضائية ضد الدكتور أحمد فتحي سرور, بصفته رئيس مجلس الشعب وذلك لمطالبته بإسقاط العضوية عن كل الأعضاء المتورطين والمنتفعين دون وجه حق من العلاج علي نفقة الدولة وصرح سمير لـ##وطني## أنه رفع الدعوي رقم 18919 لسنة 64 قضائية أمام مجلس الدولة, وبنيت علي طلب الإحاطة الذي تقدم به النائب البرلماني مصطفي بكري عضو مجلس الشعب, لكل من الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء, والدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة, عن وجود مخالفات واستغلال نفوذ لعدد من أعضاء المجلس الذين يستغلون سلطاتهم, للحصول علي قرارات بالعلاج علي نفقة الدولة, بالمخالفة للقانون, وهو ما اعتبره إهدارا للمال العام, وسوء استغلال النفوذ, وطالب فتحي سرور بضرورة سرعة إحالة المتورطين في ذلك الأمر إلي النائب العام, مع إسقاط عضويتهم لإخلالهم بشرط جوهري من شروط العضوية وهو عدم استغلال السلطة.
إلغاء العلاج المجاني!
وطالب د. طارق الغزالي حرب بإلغاء نظام العلاج علي نفقة الدولة, والأغلبية من النواب حريصة علي بقاء هذا النظام لتقديم خدمات لأهالي الدائرة لكسب الأصوات الانتخابية ,لم يقف الأمر عند ذلك بل امتد للوزراء وآخرهم يوسف بطرس وزير المالية الذي ذهب إلي الولايات المتحدة في أكبر مراكز العيون ليعالج علي نفقة الدولة بما يقرب المليون جنيه مضي عليها د. أحمد نظيف نفسه, وكان القرار يحمل أنها تخصم من الميزانية المخصصة لعلاج المواطنين.
وأكد أن الحل يأتي بإلغاء هذا النظام , وإيقاف مهزلة المجالس الطبية والقرارات الصادرة عنها, وعودة منظومة العلاج المجاني للفقراء ومحدودي الدخل في جميع المستشفيات ,وأن تتم زيادة ميزانية العلاج المجاني لجميع المستشفيات والمراكز الطبية التي تجري بها عمليات كبري ومتقدمة, وأن تلزم جميع المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة والمؤسسات التي تتبعها, بأن تخصص أربعين في المائة من أسرتها للعلاج المجاني للفقراء وغير القادرين, وأن تخصص أربعين في المائة أخري لعلاج متوسطي الدخل والذين تنفق عليهم جهات عملهم بأسعار اقتصادية تحقق هامش ربح طفيف, ويبقي عشرون في المائة للعلاج بأسعار المستشفيات الاستثمارية لمن يرغب في الإقامة بدرجات أعلي من ناحية الإقامة وتستخدم أرباح العلاج بأجر, بالإضافة إلي الاعتمادات العادية بالميزانية العامة للمستشفيات في تحسين المستشفيات ورفع أجور الأطباء وهيئة التمريض والعاملين.
كما طالب د شرين أحمد فؤاد وكيل وزارة الصحة بحل مشكلة العلاج علي نفقة الدولة بتطبيق نظام التأمين الشامل لكل المصريين وزيادة نفقته إلي 20 مليار جنيه تضخ لميزانية وزارة الصحة ,ومحاسبة المخطئين في سحب قرارات علي نفقة الدولة في غير مقصدها. مؤكدا علي عدم اتباع سياسة حل المشكلة بمشكلة أخري وأشار إلي أن هناك تحقيق لمعرفة المتجاوزين ومن حصلوا علي قرارات علاج علي نفقة الدولة دون وجه حق .
ومن جانبه قال النائب عمران مجاهد عضو مجلس الشعب عن دمياط والذي اتهم أنه حصل علي قرارت علاج بالملايين ##أنا أقدم قرارت العلاج لكل فقير من دائرتي وغير دائرتي, لأن تلك القرارات تعطي للفقراء الغير قادرين##.